يقولون إن للنجاح “ألف أب”، ولنجمنا محمد صلاح، لاعب فريق ليفربول الإنجليزي، الذي تجاوز مصطلح النجاح، آباء كثر في الرياضة المصرية، آباء لم ينجبوه، أو يتولوا تربيته في صغره، كما أنهم لم يقدموه إلى سلم المجد، لكنهم كانوا سببًا في استمرار نجوميته من خلال دعمهم المستمر له.

لا يكاد يفوت مشجعو الكرة في مصر مناسبة بارزة في حياة محمد صلاح، دون إلصاقها بالكرة المصرية، وهو ما حدث مؤخرًا بعد فوز فريقه ليفربول بالدوري الإنجليزي بعد غياب اللقب عن خزائنه 30 عامًا، إذ تبارى الكثيرون لتهنئته على طريقتهم الخاصة، ووفقًا لألوان قمصانهم، فأنصار الزمالك هنأوه بصفته أول مشجع للفريق الأبيض يفوز بالبريميرليج، في إشارة إلى تشجيعه للنادي، وذلك بعد أيام من تصريحات حارس المقاولون العرب السابق محمد العقباوي التي أشار فيها إلى انتماء “صلاح” للفريق الأبيض.

 

وزاد “العقباوي”، من الشعر بيتًا وأفصح أن صلاح كان يعشق الزمالك وقائده الحالي محمود شيكابالا، بجانب نجمي الأهلي محمد أبوتريكة ومحمد بركات، وكان يتمنى أيضا رؤيتهم في الملعب حينما كان لاعبا في ذئاب الجبل.

 

اقرأ أيضًا:

“أبدًا لن تسير وحدك”.. الأغنية الرسمية لليفربول والحماسية للآخرين

 

وزعم خالد الغندور، قائد الزمالك السابق، في وقت سابق أن صلاح كان يمثل فريق الزمالك بين لاعبي المقاولون العرب، وهو ما يعتقده قطاع كبير من الزمالكاوية أن لها في محمد صلاح باعتباره كان قريبًا من الانضمام للقلعة البيضاء في 2011، لولا ممدوح عباس الذي حال دون انضمامه بدعوى أنه لا يصلح لارتداء القميص الأبيض، وهو ما يعكس رغبتهم في احتساب صلاح على النادي الأبيض وليس المقاولون العرب الذي قدمه للكرة المصرية.

ليس المنتمين للنادي الأبيض وحدهم، من يؤمنون أن صلاح يخصهم وحدهم، فقائد الأهلي السابق وائل جمعة تمنى أن يختم “مو” حياته في الملاعب المصرية بين جدران النادي الأهلي، لأنه “أهلاوي بالطبع”، وهو ما أكده مدرب المقاولون السابق وزميله بالفريق محمد عودة بأنه كان يشجع الأهلي وليس الزمالك.

ولم ينضم جمهور الأهلي، لحملة التهنئة والنسب الكروي، ربما لامتلاكهم أساطير حية مثل محمود الخطيب ومحمد أبوتريكة، اللذين يعتبرهما قطاع من الأهلاوية أفضل نسبيًا على مستوى المهارة والسيطرة على الكرة، أو لعدم إيمان الجمهور بأهلاوية محمد صلاح.

جمهور الإسماعيلي، انضم أيضًا لقائمة التبني الكروي، إذ هنأت إحدى الصفحات الداعمة للنادي على “فيس بوك” اللاعب باعتباره” أول مشجع إسمعلاوي يفوز بالدوري الإنجليزي”، استنادا إلى تصريحه السابق بأنه يحب كرة الدراويش وينتمي لعائلة تشجع الإسماعيلي في بلدته.

 

 

 للإسماعيلي الحق في محمد صلاح أيضا لأنه اعترف بتشجيعه حينما كان صبيًا يافعًا في قريتهم، أو هكذا راوغ المحاور للهروب من إعلان انتمائه الحقيقي، لكن أين حق بازل السويسري وتشيلسي الإنجليزي وفيورنتينا وروما الإيطاليين في صلاح، فهؤلاء الأجدر بالتبني والأبوة، لأنهم ساهموا في نضجه وتشكيله حتى وصل إلى مرحلة “الوحش” رفقة  “الريدز” أبطال الدوري الإنجليزي تحت قيادة الألماني المخضرم يورجن كلوب.

 

بالطبع صلاح لا يكترث لمناوشات جماهير الكرة المصرية، وغير عابئ بما يدلون به من تصريحات عن نسبه الكروي وفريقه المفضل داخل مصر، كما أنه لا يسير على نهج من سبقوه بالبحث عن شعبية القطبين للحفاظ على مسيرته، فهو تخطى كل هذه الحدود وبدأ يمتلك شعبية لا مثيل لها في البلد التي اخترعت كرة القدم.

 

اقرأ أيضًا:

“الممر الشرفي للأبطال”.. روح رياضية.. وأحيانًا خدعة

 

غير أن مسار صلاح يشي بأنه لن يسير على درب كبار المحترفين الذين أنهوا حياتهم بين جدران القطبين، كما فعل الصقر أحمد حسن حينما عاد من بلجيكا في 2008 إلى الأهلي ومنه إلى الزمالك، فالمؤشرات تقول إن صلاح يريد أن يخلد اسمه في مكان كبير خارج مصر واستثمار الشهرة الكبيرة في استكمال عمله بعد إنهاء مسيرته الرياضية.

 

محمد صلاح لا يمتلك أبا سوى والده الحقيقي صلاح محروس، ابن محافظة الغربية، وإذا احتاج إلى آخر لن يكون من الأهلي أو الزمالك أوالإسماعيلي، بينما يبقى ارتباطه الكروي الوحيد بمصر هو المنتخب الوطني، الذي لا يستطيع لاعب ليفربول التنصل منه وإنكار نسبه إليه حتى اعتزاله كرة القدم.