يعكف مجلس الوزاراء المصري، مؤخرًا من خلال مركز المعلومات التابع له، على رصد الشائعات التي تنتشر في المجتمع، ويتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينفيها في نشرة أسبوعية، في حين يشير علم الاجتماع، إلى أن قلة الوعي والشك يساهمان في انتشار الشائعات.
الخبير الفرنسي جان نويل كابفيرير، الحائز على الدكتوراة في علم الإدارة من جامعة أمريكية، ذكر في كتابه “الشائعات الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم”، أن الوزير روجيه سالينجرو انتحر في عام 1936، وأيضًا السياسي روبير بولان انتحر في عام 1979، إثر تعرض كل منهما لحملة من الشائعات فاقت قدرتهما على الاحتمال.
وعرف عالم الاجتماع الأمريكي، تي شيبوتاني، الشائعات بأنها أخبار ملفقة تتولد من نقاش جماعي، ومصدرها يكون حدث مهم وملتبس، فدون حدث مهم لا تنشأ الشائعة، وسبب ظهورها محاولة فهم العامة، فعندما لا تجد تلك العامة من يرد على أسئلتها، تظهر الشائعة، فهي تعتبر سوق سوداء للمعلومات.
أوضح عالم الاجتماع الأمريكي، أن هناك شائعات تنشأ عمدًا، ويكون هدفها إلحاق ضررا بطرف ما، كالشائعات التي تظهر مع المرشحين للانتخابات، مشيرا إلى أنه بين مصدر الشائعة والشخص الذي ينقلها حلقة لا تنتهي.
البداية من الأخبار
الخبير الفرنسي جان نويل كابفيرير، أكد في كتابه أن الشائعة تبدأ من الأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام، والتي تتعرض للتأويل، وعند نقل الأخبار من شخص لآخر، تفقد ما يقرب من 25% من أصلها، ثم تبدأ إضافة المعلومات غير الدقيقة أو المغلوطة.
المعلومة المتوقعة والمعقولة، من أهم الأسباب التي تجعل البعض يصدق الشائعات، فلن تخرج الشائعة إلى النور إذا كانت المعلومة المتناقلة لا تشبع رغبة معينة ولا تستجيب لهاجس مستتر ولا تتيح مخرجًا لصراع نفسي ما، وفقا لـ “كابفيرير”، الذي أوضح أن الناس يصدقون الشائعات لأنها كثيرًا ما تكون صحيحة، مثل التسريبات والأسرار السياسية، والشائعات المربكة التي تضم معلومات تعجز السلطة عن التحكم بها، وفي مقابل الرواية الرسمية للأحداث تتولد حقائق جديدة، ويصبح لدى كل جهة حقيقة خاصه بها.
الشائعات والأمراض
أكدت دراسة علمية لكلية نوريتش للطب بجامعة إيست انجليا “UEA” البريطانية، نشرت في مارس الماضي، أن انتشار المعلومات والنصائح المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي قد يساهم في رفع معدلات انتشار الأمراض، وقالت الدكتورة جولي برنارد، من فريق البحث، إن خفض تداول المعلومات والنصائح المغلوطة عن الأمراض بنسبة 10% يحد من تفشيها بنسبة تصل من 40 إلى 50%، كما أن كبح رغبات 20% من الناس في مشاركة أو تصديق تلك المعلومات يكون له نفس الأثر.
وأوضح البروفيسور بول هانتر، قائد فريق البحث، أن الأخبار الكاذبة يتم اختلاقها دون مراعاة للدقة، وغالبًا ما تستند إلى نظرية المؤامرة، وأظهرت الأبحاث أن ما يقرب من 40% من الجمهور البريطاني يؤمنون بإحدى نظريات المؤامرة، وأكثر من ذلك في الولايات المتحدة وبلدان أخرى.
من جانبها، قالت سامية قدري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الشائعات تنتشر في الأوقات التي يوجد بها شك بين المواطنين حول أمر ما، موضحة أن الشك وقلة الوعي من أكثر العوامل التي تؤدي إلى انتشار الشائعة بسرعة في المجتمعات، وتسبب وسائل التواصل الاجتماعي سرعة في نقلها، وتعد وسائل التواصل وسيلة تستخدمها الجماعات والأفراد في نقل الشائعات، بسبب كثرة المستخدمين بها.
محاربة الشائعات
وأضافت قدري، أن محاربة الشائعات يستلزم تدخل الدولة لنقل المعلومات الصحيحة، وأيضًا لوسائل الإعلام دور هام في التصدي للشائعات، من خلال استضافة أشخاص يتمتعون بثقة لدى مجموعات كبيرة من المواطنين، ودعم أحاديثهم بالحقائق التي تنفي الشائعات التي تردد.
يذكر أن رئاسة الجمهورية، أطلقت موقعًا إلكترونيًا، وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، في تصريحات تليفزيونية له، إن الهدف الرئيسي من تدشين موقع الرئاسة، هو توفير منصة إلكترونية تكون في متناول الجميع تتسم بالمصداقية والدقة العالية من حيث المعلومات والأرقام وعرض المشروعات القومية أيضًا، ويضم الموقع معلومات رئاسية موثقة، وسيكون منبرًا للرد على الشائعات والمعلومات غير الصحيحة.
وأضاف، أن تدشين موقع رئاسة الجمهورية، استغرق ما يقرب من عام ونصف العام، لأن الغرض منه ليس جمع المعلومات فقط، إنما التأكد منها ومن صحتها كان الهدف الأساسي.
العقوبة القانونية
القانون المصري حدد عدة مواد لمعاقبة مروجي الشائعات، وهي:
المادة رقم 80 (د)
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمدًا في الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب، وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب.
ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئاً مما نص عليه في الفقرة المذكورة إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.
المادة رقم 188
يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
المادة رقم 102 مكرر
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسون جنيهًا ولا تتجاوز مئتي جنيهًا كل من أذاع عمدًا أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.