فيروس كورونا سيسبب كسادا اقتصاديا هو الأكبر في العالم، ربما سيفوق الأزمة الاقتصادية التي حدثت في عام 2008، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، طالت الأزمة كافة الاقتصاديات والقطاعات، وكان للرياضة نصيبا منها، خاصة معشوقة الجماهير كرة القدم.

مع توقف الدوريات واتباع بعض الدول لسياسة الإغلاق التام كإجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس، خاصة أن تقارير أشارت إلى أن الفيروس انتقل خلال أحد مباريات أبطال أوربا، بدأت الأندية الرياضية في المعاناة، واتجهت إلى أجراء مفاوضات لخفض أو تأجيل رواتب اللاعبين والمدربين، بعدما فقدت مواردها من البث التليفزيوني وإيراد المباريات.

لكن للأزمة وجه أخر في مصر، فحتى الأندية الكبرى عانت من توقف الدوري العام، وطالت الإجراءات التي اتخذتها الأندية لمواجهة انخفاض الإيرادات من تأجيل الرواتب اللاعبين والمدربين والإداريين.

 

لاعبى الأندية في الدوري الممتاز يحصلون على رواتب ضخمة، ورغم التزاماتهم المالية، غير أن تأجيل دفع المستحقات لم يمثل لهم مشكلة كبيرة.

فحسب أخر بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والخاص بالنشرة السنوية لإحصاء النشــاط الرياضي في مصر، كشف بإن عدد اللاعبين 232 ألف لاعب تقريبًـا وبلغ عــدد المدربين 12316 مدربــًا.  منهم فقط ما يقرب من 500 لاعب في الدوري الممتاز، وهم فقط من تم عمل اختبارات للتأكد من الإصابة أو عدم الإصابة بفيروس كورونا.

الحال يختلف بالنسبة للاعبين في الدرجة الثانية والثالثة، فيحصلون على مرتبات شهرية ضعيفة قبل أزمة كورونا وتوقف الدوري، وجاءت التوقف ليقضى على الجنيهات المعدودة التي يحصلون عليها، فضلا عن غياب الرعاية الصحية لهم.

“زيكا” 28 سنة ويلعب صانع ألعاب في نادي ميت خلف الرياضي، نجم الفريق الذي يحصل على أعلى راتب، 1600 جنيها شهريا، مع مكافأة 100 جنيها حال الفوز في المباراة، خسر مصدر رزقه مع توقف الدوري، بعدما توقف النادي عن سداد الرواتب.

اتجه “زيكا” للعمل كعاما بناء، كمساعد فني سيراميك من أجل جني بعض المال للإنفاق على أسرته.

 اقرأ أيضا:

“صلاح” وفريقه في مصر.. مناوشات بين محبي الأهلي والزمالك والإسماعيلي

لم يختلف حال “نادي” لاعب نادي التعدين في دوري الدرجة الثالثة، عن”زيكا”، فاتجه للعمل في أحد محلات بيع إكسسوار الهاتف الخلوي.

“نادي” طالب أيضًا بكلية تربية رياضية، كان يحلم باللعب في أحد أندية الدوري الممتاز، غير أن أزمة كورونا قضت على حلمه، مشيرا إلى عدم قدرته على شراء الأدوات الرياضية التي تساعده على تطوير أدائه.

ويضيف ابن قرية بالشريفة، أن الوضع الإقتصادي عقب أزمة كورونا كان مريراً فهو شاب ولكن يساعد فى المنزل ويقول: أكيد ببقي مكسوف وانا محتاج فلوس من أهلي، وهم في نفس الوقت يدعموني، فالكثير من الأهالي ليهم حلم أن يصبح نجلهم لاعب كرة وكما يقال ” يبني ليهم عمارة”.

أما أحمد ربيع، لاعب نادي المطرية الرياضي، فهو أب لطفلين، لعب فى أندية كثيرة من الصغر، ولكنه كان يعلم أن الكرة لن تكون السبيل الوحيد لأكل العيش، فأتجه إلى مهنة أخرى، وهي «ترزي»، ويري بأن اللاعب الذي لم يستطيع أن يصل إلى الدوري الممتاز في سن صغير فلن يحقق أى نجاح في مهنته كلاعب كرة قدم وعليه أن يبحث عن مهنة، خاصة أن مرتبه كلاعب كرة 400 جنيهاً شهرياً وفي المبارة 80 جنيهاً فى حالة الفوز، ومع كورونا أصبح ذلك المبلغ البسيط غير متواجد وهو ما كان يساهم معه فى المعيشة.

 

مصدر باتحاد الكرة أكد أن أندية الدرجة الثالثة تصرف سنوياً ما يقرب من 3 مليون جنيه، بينما هناك لاعب واحد فى الدورى الممتاز يحصل سنوياً على 20 مليون جنيهاً، مشيرا إلى المنظومة الرياضية تهتم أكثر بالدوري الممتاز والذي يجلب المال، متوقعا أن يبدأ لعب مباريات الدوريات الأدني في حدود شهر نوفمبر المقبل.

 وحول مرتبات اللاعبين المتدنية قال إن اتحاد الكرة لم يستطع جلب راعي حتى لأندية دوري الدرجة الثانية أو الثالثة، لكثرة عدد الأندية وانخفاض مستوى الملاعب، مؤكداً أن كرة القدم تطورت، وأصبحت صناعة وعلى الجميع أن يفهم ذلك.

اقرأ أيضا:

لاعبو كرة القدم في مرمى الفقر.. من العالمية إلى المحاكم التأديبية

أندية الدرجة الثانية والثالثة استغاثت بالمسئولين بعد أزمة كورونا وتوقف الدوريات، وأرسلوا خطابات إلى المحافظين أو لاتحاد الكرة ووزير الشباب والرياضة لمساعدتهم في حل الأزمة المادية التي يعانون منها، لصرف مستحقات اللاعبين والأجهزة الفنية، حتي مع التخفيضات التي قاموا بها، وهناك أندية أخرى استغاث باللجنة الخماسية من أجل مساعدتهم ماديا لصرف مُستحقات شهر فبراير ومارس وأيضا شهر أبريل.

رئيس أحد أندية القسم الثالث – رفض ذكر أسمه – قال نصاً أن اتحاد الكرة قام بدعمه قبل الموسم بمبلغ 30 ألف جنيه لشراء لاعبين وصرف مرتبات لاعبين، وقامت وزارة الشباب والرياضة بدعمهم نظير تجديد الملعب، والأمر ليس له علاقة باللاعبين، ومع ذلك أكد بإن النادى حتى وقتنا هذا منذ 5 أشهر لم يقم بصرف مرتبات اللاعبين، وقد يقوم بتسريح بعضهم نظراً للضائقة المالية بسبب أزمة كورونا.