لم يكن يتوقع أحد من مشجعي مانشستر يونايتد أكثر الأندية تحقيقًا للقب الدوري في إنجلترا “20 لقب”، أن يكون لفيروس كورونا الذي اجتاح العالم وخلف وراءه آلاف الوفيات والإصابات، فضلاً على فريق الكرة للنادي الأشهر في بريطانيا رفقة ليفربول وربما في القارة العجوز كذلك مع ريال مدريد وبرشلونة، حيث عاد النادي بصورة مختلفة ومخيفة لكل منافسيه عقب التوقف بشكل أذهل الجميع في إنجلترا.

 

وجعل السؤال الأبرز والمحير، ماذا حدث بيونايتد خلال فترة التوقف؟ حتى يعودون بتلك القوة رغم أن الفريق كان تائهًا ومتذبذب الأداء والنتائج في فترة ما قبل كورونا، حيث كان يفوز على الكبار ثم يسقط أمام أندية الوسط والقاع في المباراة التي تلي تألقه الكبير، الأمر الذي حير مشجعي المان أنفسهم وجعلهم في ضيق شديد من تلك القصة المزعجة التي تفقدهم كثير من النقاط ويسوء ترتيبهم بجدول البريميرليج.
وحدث ذلك بالفعل، حيث احتل المان قبل توقف كورونا المركز الثامن في جدول المسابقة، رغم أنه فاز على كافة الكبار باستثناء ليفربول الذي تعادل معه بصعوبة في لقائهما بديربي إنجلترا الأول، ولكن مع عودة النشاط بمنتصف شهر يونيو الماضي، تحول يونايتد شكلًا وتفصيلًا، حيث لعب 5 مباريات تعادل واحدة فقط أمام توتنهام، وفاز في الأربعة الآخرين بنتائج كبيرة وأداء عظيم.

 

اقرأ أيضًا:

بعد أنباء رغبته في ترك النادي.. ماذا لو رحل ميسي عن برشلونة؟

كان أخرها بخماسية مقابل هدفين أمام بورنموث في الجولة الـ33 من المسابقة يوم السبت الماضي، ليرتقي يونايتد للمركز الخامس بفارق نقطتين فقط عن تشيلسي صاحب المركز الرابع، و3 نقاط عن ليستر سيتي صاحب المركز الثالث وهما المؤهلان لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، ومع تبقي 5 مباريات فقط وجميعها أمام أندية الوسط في الجدول تجعل من وصوله للتشامبيونزليج قريبًا للغاية خاصة وأن آخر مبارياته في الجدول أمام منافس مباشر له على تلك المراكز وهو ليستر.

 

أتت فترة توقف كورونا، بثمارها على يونايتد فقط دونما باقي العالم، فكان احتلاله لمركز مؤهل لدوري الأبطال أمرًا صعب المُنال قبل كورونا، فكيف حدث ذلك؟
توهج أفضل صفقاته مؤخرًا
يعود الفضل الأكبر لتألق مانشستر يونايتد، للاعب واحد فقط أتى بشكل خافت في الانتقالات الشتوية الماضية من سبورتنج لشبونة البرتغالي، برونو فيرنانديز، ليصبح مايسترو خط الوسط للمان، حيث دخل سريعًا قلوب الجماهير بأداء خيالي مقنع وثابت وبه كثير اللمحات الفنية للاعب عظيم في وسط الميدان، ذكر الجماهير بأساطير عدة مرت على النادي العريق وتألقت بمركزه.
لم يقتصر دور برونو على التألق فقط، حيث سجل 6 أهداف كاملة وصنع 6 آخرين فقط في 9 مباريات لعبها بالبريميرليج بقميص مان يونايتد، ساهمت جميعها في خطف نقاط ثمينة من المباريات وارتقت بمركز يونايتد بالجدول وعودته للواجهة من جديد.
وأشعل فيرنانديز، الحماس في نفوس باقي لاعبي يونايتد وجعلهم يلعبون بحماس وشغف أكثر ويقدمون أقصى ما لديهم، مثل بول بوجبا ومارسيال وماتيتش ولوك شو، مما جعل الشكل العام رائعًا وذكر الجماهير بنسخة المدرب الأسطوري للفريق السير أليكس فيرجسون.

 

عودة المصابين واكتمال الصفوف
كما ساهمت فترة التوقف الطويلة، في عودة كافة المصابين بالفريق، ودخولهم حالة فنية وبدنية جيدة، ظهرت جليًا بعد عودة المباريات، حيث عاد بوجبا الذي غاب طويلاً بالشكل المناسب وكذلك مارسيال وشو وماتيتش وراشفورد وبات الفريق أكثر تكاملاً وجاهزية مما أدى لارتفاع النسق والأداء.
كذلك اكتمال العناصر الأساسية كلها مرة واحدة، بالإضافة لمجموعة الشباب المتألق الذي أدخلهم المدرب أولي جونار سولسكاير منظومة الفرق، وعلى رأسهم الهداف ماسون جرينوود، جعلت الفريق بلا نواقص فنية وكثير الخيارات داخل وخارج الملعب، وهو الأمر الذي كان يعد نقطة الضعف الأكبر منذ انطلاق الموسم حتى توقف كورونا، فكان الفريق قليل الاختيارات، خاصة إذا فقد أحد نجومه للإصابة أو الإيقاف مما يعرضه لفقد نقاط أثرت كثيرًا على مركزه بالترتيب.

 

اقرأ أيضًا:

توقف الكائنات الفضائية عن العمل.. هل انتهى عصر برشلونة الجميل؟

التخلص من ضغوط مورينيو واستعادة الثقة
النقطة الثانية التي كانت تمثل ضعف كبير لهذا الفريق، وهو كثرة الضغوط عليهم وخاصة النجوم الكبيرة، بعد فترة رحيل البرتغالي جوزيه مورينيو من تدريب الفريق، والمجيء بسولسكاير ثم جعله مدربًا دائمًا بدلاً من مؤقتًا، حيث شهدت ضغوطًا كبيرة على اللاعبين لإثبات أنهم على صواب ومورينيو كان سبب سوء النتائج بإدارته الفنية والنفسية ودخوله في عدة حروب مع النجوم وعلى رأسهم بوجبا أغلى صفقة في تاريخ النادي.
احتاجت تلك الضغوط لفترة هدوء حتى تتلاشى تمامًا، ويستعيد الفريق واللاعبين وسولسكاير نفسه الثقة، حتى يقدمون جميعًا أفضل ما لديهم، وهو ما وفرته بشدة فترة التوقف بسبب فيروس كورونا، فمع اكتمال الجاني الفني وعودة المصابين وتألق برونو وكل اللاعبين واستعادتهم الثقة وقلة الضغوط، عاد يونايتد للطريق الصحيح ثانية وبأداء ومستوى كبير وكبير جدًا.

سولسكاير وجد توليفته أخيرًا
العامل الفني الأخير، يخص المدرب النرويجي سولسكاير، والذي كان يبدو تائهًا هذا الموسم مع الفريق، مع تسلمه المسؤولية كاملة وإنشاءه فريقه الخاص، بعيدًا عن الفترة المؤقتة التي أكمل فيها على عمل مورينيو، فقد كان كثير التغييرات في الفريق والتشكيل بشكل دائم، فصعب أن تجده يثبت التشكيل دون تغيير حتى لو لاعب واحد لفترة قصيرة.
وكأنه كان مازال يبحث عن نفسه، أو توليفة معينة يراها في عقله ولا يجدها على أرض الواقع والميدان، فأخذ وقتًا طويلاً حتى توصل لتوليفته تلك، وبدأت الماكينة تعمل بشكل مرضي وتنتج أداء جيد ونتائج أفضل، وربما كان لفترة التوقف دورًا كبيرًا فذلك، عندما راجع نفسه وأفكاره وعمله ووصل لنتيجة جيدة، بدأ ينفذها مع العودة وأثناء التدريبات ومع كل العوامل السابقة من اكتمال الصفوف وتألق اللاعبين وقلة الضغوط واستعادة الثقة، عاد يونايتد قويًا وبه رائحة من ذكريات فريق الأحلام للسير فيرجسون العظيم.