تعاني المرأة في عدد كثير من الدول من ممارسات عنف ومعاملات تمييزية، ولا تقتصر هذه المعاناة على بلد بعنيه، أو نمط سياسي سائد في مكان، حيث ذكرت الأمم المتحدة في نوفمبر الماضي، أن ثلث نساء العالم يتعرضن للعنف الجنسي أو الجسدي.

وهناك عدة آليات يكمن من خلالها قياس أداء المرأة في مجتع ما، ويقول مؤشر المرأة والسلام والأمن، التابع للأمم المتحدة، إنه يسعى إلى فهم الاختلافات العالمية في التعامل مع المرأة، عن طريق قياس اندماجها في المجتمع، والشعور بالأمن، والتعرض للتمييز، مشيرًا إلى أن هذه المؤشرات رئيسية لكيفية أداء المرأة.

أشكال العنف

وتحصر الأمم المتحدة مظاهر العنف ضد المرأة في أشكال جسدية وجنسية ونفسية، وتوضحها على النحو التالي:

1- العنف والمضايقات الجنسية، مصل “الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القسري، التحرش في الشوارع، الملاحقة، المضايقة الإلكترونية”.

2- عنف العشير، مثل “الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، قتل النساء”.

3- زواج الأطفال.

4- الإتجار بالبشر مثل “العبودية والاستغلال الجنسي”.

5- تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

حقائق عن النساء حول العالم

وبحسب الأمم المتحدة، فإن امرأة تفارق الحياة كل 90 ثانية أثناء الحمل أو الولادة، ويمكن منع معظم هذه الوفيات، ولكن بسبب التمييز القائم على نوع الجنس، لا تحصل العديد من النساء على التعليم المناسب أو الرعاية التي يحتاجونها.

 

اقرأ أيضًا:

“صائدو الأرامل”.. عالم جديد لاستغلال النساء في غياب القانون

 

كما تتعرض امرأة واحدة من كل 4 نساء للعنف الجسدي أو الجنسي أثناء الحمل.

وتشكل النساء 80% من جميع اللاجئين والنازحين، وغالبًا ما يتم توجيه أدوات الإبادة الجماعية مثل العنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء والفتيات.

ونادرًا ما يتم تضمين النساء في عمليات السلام الرسمية، كما أنه عادة لا يتم تمثيل النساء بين صانعي القرار والقادة العسكريين، المشاركين المعتادين في هذه العمليات.

 

وتمثل النساء 70٪ من السكان الذين يعيشون في فقر مدقع “بأقل من دولار واحد في اليوم”، كما أن أكثر من 60 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم متزوجات قبل سن 18 عامًا.

وتعيش أيضًا 603 مليون امرأة في بلدان لا يعتبر فيها العنف المنزلي جريمة بعد.

وتقدر حكومة الولايات المتحدة أنه يتم الاتجار بـ 600.000 إلى 800.000 ضحية (معظمهم من النساء والأطفال) على مستوى العالم كل عام، و14500 إلى 17500 يتم الإتجار بهم إلى الولايات المتحدة فقط.

وتقول الأمم المتحدة إن العنف ضد المرأة مثل السرطان سبب جوهري للوفاة والعجز للنساء في سن الإنجاب، وسبب أخطر يؤذي للعِلّة مقارنة مع حوادث السير والملاريا معًا.

وتُظهر بعض الدراسات الوطنية، أن ما يصل إلى 70 في المائة من النساء تعرضن لعنف بدني و أو جنسي من شريك حميم في حياتهن.

وتشير الدلائل إلى أن النساء اللاتي عانين من عنف الزوج الجسدي أو الجنسي، يبلغن عن معدلات أعلى من الاكتئاب، والإجهاض واكتساب فيروس نقص المناعة البشرية، مقارنة بالنساء اللواتي لم يعانين.

أشكال العنف ضد المرأة في عدد من الدول 

أولًا.. الهند

في دراسة أجريت في الهند، على حوالي 10000 امرأة، أفاد 26 في المائة منهن، بأنهن تعرضن للعنف الجسدي من الزوجين خلال حياتهن.

ويمكن أن يصل معدل الانتشار إلى 45 في المائة كما هو مبين في بيانات من ولاية أوتار براديش أكبر الولايات سكاناً.

وتظهر أحدث الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني لسجلات الجرائم 4 أنه تم تسجيل جريمة ضد النساء كل ثلاث دقائق.

وفي كل ساعة ، يتم الاعتداء الجنسي على امرأتين على الأقل وكل ست ساعات يتم ضرب امرأة شابة متزوجة حتى الموت أو حرقها أو دفعها إلى الانتحار.

ومن المروع معرفة أن 28.4 في المائة من النساء الحوامل يعانين من العنف المنزلي.

ثانيًا.. الولايات المتحدة

سلطت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، الضوء على الاضطهاد الذي تتعرض له المرأة في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أن نشطاء يشاركون في احتجاجات واسعة النطاق من الغضب في البلاد، إثر أعمال العنف ضد المرأة.

وذكرت الصحيفة أنه في أواخر عام 2014، تم إطلاق حملة لتسليط الضوء على تجارب الإناث مع عنف الشرطة في المجتمع الأمريكي.

وكشف تقريرها في العام التالي حقيقة محزنة، حتى في إحياء ذكرى حياة النساء من أصل أمريكي اللاتي قُتِلن بعد لقاءات مع الشرطة.

وفي غصون ذلك، أوضحت الصحيفة أن النساء خاصة من أصول إفريقية يتعرضن لأضرار جانبية.

وبعد مرور خمس سنوات من إطلاق الحملة، بينما تعمل النساء من أصل أمريكي على دفع حركة الحقوق المدنية إلى الأمام في الولايات المتحدة وخارجها ، فإن نضالهن غير مرئي إلى حد كبير.

وعلى الرغم من ضعفهن الواضح تجاه كل من العنصرية والتحيز الجنسي، لا يوجد سوى القليل من الأبحاث الحكومية الجديدة لاستكشاف محنتهن، وقد أظهر تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية باستخدام بيانات التعداد من 2005 إلى 2010، أن معدلات الاغتصاب أعلى بالنسبة للنساء والفتيات من أصل إفريقي فوق سن 12 من النساء والفتيات البيض واللاتينيات.

 

اقرأ أيضًا:

تأجيل الإنجاب في زمن”كورونا”.. لماذا أغفلت “الصحة” أقراص منع الحمل للرجال؟ 

 

ويجادل علماء الاجتماع بأن تعرض النساء من أصل إفريقي للعنف الجنسي غير متكافئ وغير مُبلغ عنه بشكل كبير.

وفي عام 2015، اضطرت إدارة شرطة العاصمة في مقاطعة كولومبيا إلى الاعتراف بأنها اعتقلت خطأً فتاة سوداء تبلغ من العمر 11 عامًا قبل سبع سنوات عندما وصلت للإبلاغ عن تعرضها للاغتصاب من قبل رجلين.

وعلى الرغم من أنها أظهرت علامات الصدمة الجنسية، اتهمتها الشرطة بتقديم تقرير كاذب.

ثالثًا.. بريطانيا

وتقول صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، إن إخفاء النساء والفتيات من أصل إفريقي ليس مشكلة أمريكية فقط، ففي المملكة المتحدة، تدعو الاحتجاجات إلى العدالة في قضية شكرية عبدي، وهي لاجئة صومالية تبلغ من العمر 12 عامًا وغرقت بشكل غامض في نهر الصيف الماضي أثناء اللعب مع زملاء الدراسة.

كما تم تأجيل التحقيق الذي استمر أربعة أشهر في وفاتها مؤخرًا دون تاريخ استئناف مؤكد أو التزام بفحص ادعاءات التنمر المكثف التي واجهتها في المدرسة.

ولفتت الصحيفة إلي أن تجربة “الأنوثة السوداء” غارقة في الصدمات الجماعية والفردية، مضيفة الي أن تاريخ العنف، الذي تلاحقه أشباح العبودية والاستعمار والاستغلال، يتم رفضه باستمرار باعتباره نتاجًا لوحشية الدولة السائدة.

ومع التركيز الآن على العنف المنهجي ضد مجتمع السود والمرأة بوجه عام أصبح من الصعب تجاهل عمق التمييز العنصري والجنسي الذي تواجهه النساء ذو البشرة السمراء.

رابعًا.. إيران

أحدثت الثورة الإيرانية عام 1979 تغييرات زلزالية في إيران، ليس أقلها النساء.

وإحدى المجالات التي خضعت للتدقيق هي الطريقة التي ترتدي بها النساء الحجاب، وكانت قد- فقد حظر الشاه الايراني في الثلاثينات من القرن الماضي ، الحجاب وأمر الشرطة بإزالة الحجاب بالقوة.

لكن في أوائل الثمانينيات، فرضت السلطات الإيرانية الجديدة قواعد اللباس الإلزامية التي تطلبت من جميع النساء ارتداء الحجاب، ومن لم يلتزم فيقابل بعقاب شديد الذي يصل الي الحبس. 

وكانت الدراسة في جامعة طهران عام 1977 في حينها كانت العديد من النساء في التعليم العالي بالفعل في وقت الثورة ، وشهدت السنوات اللاحقة زيادة ملحوظة في عدد الملتحقين بالجامعة.

ويرجع ذلك في جزء منه إلى أن السلطات تمكنت من إقناع الأسر المحافظة التي تعيش في المناطق الريفية للسماح لبناتها بالدراسة بعيدًا عن المنزل.

وتقول هالة أفشار، أستاذة دراسات المرأة بجامعة يورك التي نشأت في إيران في الستينيات: ان الملالي ” حاولوا منع النساء من الالتحاق بالجامعة، ولكن كان هناك رد فعل عنيف عليهن السماح لهن بالعودة”.

“غادر بعض المتعلمين إيران ، وأدركت السلطات من أجل إدارة البلد الذي يحتاجونه لتعليم الرجال والنساء على حد سواء”.

 

وبحسب شبكة راديو فردا، فقد يواصل نظام الملالي قمعه للفتيات والنساء في المجتمع، فضلاً عن محوه للايرانيات، وتاريخهن.

ووفقاً للتقرير فقد يجعل الملالي من المضايقات والضرب والاغتصاب والقتل لعدد لا يحصى من الفتيات والنساء الإيرانيات، امراً اعتيادياً بغض النظر عن تعليمهن أو وضعهن الاقتصادي.

وأضاف التقرير إن الجيل الذي كان أجداده يحكمون بموجب القوانين التي قادت المنطقة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين يعيشون في فخ التراجع لمدة أربعة عقود ، بالتحول إلى خدر وغني عن التدهور في العصور الوسطى الذي يقدسه رجال الدين.

وفي السياق ذاته تعاني المرأة من العزلة الاجتماعية والبطالة وفقدان الدخل وضعف الرعاية الذاتية وتفشل في توفير رعاية الأطفال، وهو أمر مثير للقلق الشديد، بسبب المزيد من العنف.

وأفادت دراسة متعددة البلدان، عن صحة المرأة والعنف المنزلي ضد المرأة من قبل منظمة الصحة العالمية، أنه من 40 إلى 60% من النساء اللاتي شملهن المسح في بنجلاديش وإثيوبيا وبيرو وساموا وتايلاند وتنزانيا كشفوا عن أنهن تعرضن للاعتداء الجسدي أو الاعتداء الجنسي من قبل شركائهم المقربين.  

في ظل أزمة “كورونا”

بحسب تقرير للأمم المتحدة صدر في أبريل الماضي، فقد سجلت خطوط المساعدة والملاجئ المتعلقة بالعنف المنزلي في جميع أنحاء العالم دعوات متزايدة للمساعدة، في ظل تفشي فيروس “كورونا”.

 

اقرأ أيضًا:

هن لسن بريئات دائمًا.. 50% نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن بمصر

 

ففي الأرجنتين، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، أبلغت السلطات الحكومية ونشطاء حقوق المرأة وشركاء المجتمع المدني عن تزايد التقارير حول العنف المنزلي خلال الأزمة، وزيادة الطلب على المأوى في حالات الطوارئ.

ومع استمرار وباء كورونا من المرجح أن ينمو هذا العدد مع تأثيرات متعددة على رفاه المرأة، وصحتها الجنسية والإنجابية وصحتها العقلية، وقدرتهن على المشاركة والريادة في تعافي المجتمع والاقتصاد.