تطورات عديدة تمر بها ساحة الإرهاب في أفريقيا، 3471 عملية مسلحة إرهابية تعرضت لها أفريقيا عام 2019، بزيادة 14% عن عام 2018، سقط خلالها 10,460 ضحية، يقف وراء هذه العمليات خمسة تنظيمات إرهابية تدعي أن مرجعيتها إسلامية.

رغم أن جائحة كورونا التي أصابت الآلاف في القارة السمراء، وأودت بحياة المئات حتى الآن، إلا أن العمليات الإرهابية لم تتوقف في أفريقيا، 11 دولة أفريقية شهدت عمليات خلال مارس الماضي فقط، أبرزها السودان والصومال والكاميرون وأفريقيا الوسطى ونيجيريا، سقط خلالها 353 ضحية للإرهاب.

 تنظيم بوكو حرام كان في طليعة التنظيمات التي تسببت في سقوط أكبر عدد من الضحايا، وكان أكثر الأقاليم تضررا غرب أفريقيا، حيث سقط 132 ضحية في نيجيريا وحدها.

تنشط جماعات الإسلام المسلح في خمس مناطق رئيسية، وهي:

شمال أفريقيا

تعود جذور تواجد الإسلام المسلح في شمال أفريقيا إلى عام 1991 حين تحولت جبهة الإنقاذ الجزائرية إلى العمل المسلح بعد الغاء الانتخابات التشريعية، واشتعال فتيل الحرب الأهلية في الجزائر التي استمرت 10 سنوات وكلفت أكثر من 100 ألف قتيل، قبل أن تبدأ بالهدوء في عام 2002.

وشهد شمال أفريقيا عام 2019 نحو 347 هجومًا إرهابيًا، أغلبها على الأراضي الليبية، ومن المتوقع ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية بعد التدخل التركي في ليبيا لمساندة “حكومة الوفاق” في القتال مع الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي قام بدور كبير في تحرير مناطق واسعة من سيطرة تنظيم داعش والجماعات المتحالفة معه.

 

الساحل الصحراوي

 تطلق تسمية الساحل على دول الصحراء الأفريقية بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، والتي شهدت زيادةً كبيرةً في نشاط التنظيمات الإرهابية عام 2019؛ وبلغت العمليات الإرهابية ما يقرب من 800 هجومًا إرهابيًا، سقط خلالها حوالي 2600 شخصًا، وتنشط في تلك المنطقة ثلاثة تنظيمات رئيسية، هي: جماعة أنصار الإسلام، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.

وانتقل مركز ثقل الجهاد المسلح من مالي مركز العمليات الإرهابية حتى 2018، الى بوركينا فاسو في العام الماضي، بعدما ارتفع عدد ضحايا العمليات الإرهابية من 80 في عام 2016 إلى أكثر من 1800 في عام 2019.

 بحيرة تشاد

 تنشط تنظيمات بوكو حرام وتنظيم ولاية غرب إفريقيا في منطقة بحيرة تشاد التي تضم أربع دول إفريقية وهي نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر، وشهد عام 2019 765 عملا إرهابيا مسلحا سقط خلالها 3225 قتيل معظمهم في نيجيريا، غير أن وتيرة العمليات المسلحة شهدت تصاعدا أيضا في الكاميرون وتشاد والنيجر.

 موزمبيق ومنطقة الجنوب الافريقي

 بدأ نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة في موزمبيق عام 2017، وينشط في شمال موزمبيق تنظيم “حركة الشباب” وهو فرع لتنظيم الدولة الإسلامية داعش في الجنوب الافريقي، ويقدر عدد عناصره بحوالي 1500 مقاتلا، ونفذ التنظيم من نشأته 370 هجوما سقط خلالها 909 قتيلا منهم أكثر من 700 خلال 2019 فقط.

وتواكب تصاعد النشاط الجهادي في موزمبيق مع اكتشافات الغاز الهائلة في شمال البلاد والتي بشرت بتحول موزمبيق الى احدى اغنى دول إفريقيا بعائدات تقدر بـ 50 مليار دولار أي أربعة أضعاف الناتج القومي الإجمالي للبلاد.

 الصومال وشرق إفريقيا

شهد العام الماضي أكثر من 246 هجوما مسلحا في الصومال نفذتها حركة الشباب الصومالية، والتي تسيطر على خمس مساحة البلاد، كما نفذت الجماعة أكثر من 106 هجوما إرهابيا منذ بداية عام 2020، منها 7 عمليات داخل كينيا المجاورة.

لكن وتيرة عمليات حركة الشباب في تراجع منذ عام 2016 بعد حرمانها من السيطرة على ساحل الصومال والذي استخدمته الحركة كثيرا في عمليات القرصنة على السفن العابرة لمضيق باب المندب وحققت من تلك العمليات مبالغ كبيرة لتمويل عملياتها المسلحة.

 

الأيديولوجيا الفكرية للجماعات

 تتبنى أغلب الجماعات الإسلامية المسلحة الناشطة في أفريقيا منهج الإسلام الأممي، الذي يسعى لخلق دولة الخلافة الإسلامية في أي مكان تسيطر عليه، وتسعى لتحقيق ذلك من خلال:

تكفير النظم الحاكمة وتصويرها بالحكومات التابعة للغرب “الكافر” والمعادي للإسلام.

تكوين الجماعة الناجية، والتي تملك التفسير الصحيح والوحيد للإسلام، حتى أنها لا تتردد في قتال جماعات إسلامية جهادية أخرى لتبنيها تفسيرات مختلفة للنص الإسلامي.

قتال غير المسلمين حتى يقبلوا بحكم الجماعة باعتبارها تمثل “صحيح الدين” وتحكم بما أنزل الله.

قتال مؤيدي الحكومات حتى لو من المسلمين، باعتبارهم يوالون “الكفار”.

كل ما لا يطبق الشريعة الإسلامية “حسب فهمهم لها” لا ولاية له، ويجب الخروج عليه وقتاله حتى يحكم بما “أنزل الله”.

استحلال أموال “الكفار” وهم كل من لا يؤيد الجماعة، وممارسة كل الأنشطة “الإجرامية” من الاتجار بالبشر والسرقة وتجارة المخدرات والقرصنة لتمويل عملياتها باعتبارها غنيمة لتمويل الجهاد!

 

الخريطة الكاملة للتنظيمات

تتعدد التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، لكن يمكن تحديد أبرزها على النحو التالي:

جماعة نصرة الإسلام

 احدى أخطر التنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء الافريقية، والتي تأسست عام 2017، ويقدر عدد أعضائها وفقا لتقارير أمنية ما بين 1500 إلى 2000 من عدة جنسيات، وتملك خبرة عسكرية، حيث تضم صفوفها عناصر منشقة عن الجيش المالي، ويقودها “إياد غالي” أحد قادة الطوارق في مالي زعيم جماعة أنصار الدين، لكن قراراتها تخضع للتوافق بين قادة مكوناتها الأربعة، وتعتمد الجماعة في مصادر تمويلها على الأنشطة الاجرامية مثل اختطاف الأجانب وطلب فدية، والسرقة والاتجار غير المشروع.

 

اقرا أيضا:

“غزوة الهند ” .. لماذا أطلق تنظيم القاعدة “نفير الجهاد” في كشمير؟

 

تنظيم القاعدة في بلاد المغرب

 أحد أقدم التنظيمات الإرهابية في إفريقيا تأسس عام 2006 من “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” الجزائرية، بعد أن أعلن زعيمها “عبد المالك دروكدال” مبايعته لتنظيم القاعدة، ويمتد نشاطه من الجزائر الى كل من تونس ومالي والنيجر وكوت ديفوار، وتتلخص أهداف التنظيم في القضاء على النفوذ الغربي في شمال إفريقيا والاطاحة بـ “الحكومات المرتدة”.

وتعتمد مصادر تمويل التنظيم على عمليات نقل السلاح والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات وخطف السائحين مقابل فدية، وقدرت الأمم المتحدة الميزانية السنوية له بقيمة 15 مليون دولار في تقرير لها عام 2014.

 

حركة الشباب الصومالية

 تعد حركة الشباب الصومالية التنظيم الإرهابي المسلح الأكبر والأقوى في الصومال، تشكلت عام 2004 ويمتد نشاطها إلى بعض البلدان المجاورة مثل كينيا، وقائدها “أحمد عمر” المعروف باسم “أبو عبيدة الصومالي”، وتدين بالولاء لتنظيم القاعدة، وشكلت الجناح العسكري “لاتحاد المحاكم الإسلامية” الذي كان يسيطر على العاصمة الصومالية مقديشيو وقتها، وانشقت الجماعة عن اتحاد المحاكم الصومالية عام 2007 بعد تحالفه مع المعارضة الصومالية.

 

اقرأ أيضا:

“داعش” في غرب إفريقيا.. تكتيكات جديدة للفتك بالضحايا وترهيب الأهالي

 

وتقدر المخابرات الأمريكية عدد عناصر الحركة ما بين 3000 إلى 7000 مسلحا، وتعتمد في مصادر تمويلها على التبرعات ودعم المتعاطفين معها، وعمليات القرصنة للسفن العابرة لمضيق باب المندب، بالإضافة إلى كثير من أنشطة الجريمة المنظمة.

بوكو حرام

 تعد جماعة بوكو حرام من أقدم وأكثر التنظيمات الإرهابية دموية في افريقيا والعالم، تأسست عام 2002 في نيجيريا على يد “محمد يوسف”، وانشقت عنها ثلاث جماعات، وهي “جماعة أنصار السنة” بقيادة شيكاو بعد عزله، وجماعة “أنصارو” عام 2012 والتي انضمت لتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش في ولاية غرب أفريقيا”، وينشط التنظيم في منطقة بحيرة تشاد والتي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.

ويمول التنظيم أنشطته من شبكات الجريمة المنظمة، وتبلغ إيراداته أكثر من 10 ملايين دولار سنويا وفقا لتقديرات الخارجية الأمريكية.

“داعش الصحراء الكبرى” 

ظهر تنظيم داعش في أفريقيا في منتصف 2015، وينشط في عدة دول من بينها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي شهدت زيادة في العمليات الإرهابية عام 2019، ويتولى قيادة التنظيم “عدنان أبو الوليد الصحراوي” الذي كان قياديا بتنظيم المرابطون قبل أن يعلن مبايعته لتنظيم داعش عام، وتغيير اسم التنظيم إلى “داعش الصحراء الكبرى”.

ويمول التنظيم عملياته من الأنشطة الإجرامية كمصدرٍ رئيسيٍ للتمويل، وهذه الأنشطة: تشمل السرقة، وتهريب المخدرات، وتستهدف عملياته القوات العسكرية وقوات الشرطة في البلدان التي ينشط فيها، بالإضافة إلى القوات الفرنسية، والأمريكية، والأممية في المنطقة.

 

ارتباك في القاعدة

 وتشهد الجماعات الإسلامية المتطرفة في أفريقيا حالة ارتباك شديدة، بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عبد المالك دروكدال، في عملية نفذتها القوات الفرنسية شمال غرب مدينة تيساليت في مالي على الحدود مع الجزائر، وتشير التوقعات إلى ثلاثة شخصيات بارزة لخلافة دروكدال، وهم:

  “إيا آغ غالي” قائد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهو من أبرز وجوه المشهد المسلح في المنطقة منذ عقود، قاد في البداية تمرد للطوارق في التسعينيات من القرن العشرين وغاب لفترة قبل أن يعود لصدارة المشهد عام 2012 عبر “جماعة أنصار الدين”.

   “أمادو كوفا” وهو عضو بارز في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي يقودها آغ غالي، والذي صار يتمتع بنفوذ متزايد منذ تأسيسه لكتيبة ماسينا عام 2015.

  “عدنان أبو وليد الصحراوي” زعيم جماعة مرتبطة بتنظيم “داعش” تتركز أنشطتها بمنطقة المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو النيجر.