تسعى النقابات المهنية إلى تفعيل آليات لجان الحريات بها، ويبدأ الأمر بالتهافت على من يقود لجان الحريات، كما يحدث الآن في نقابة المحامين، أو الزج باسم الحريات كدعاية انتخابية كما يحدث في نقابات مثل “الصحفيين”، وينتهي الأمر إلى أداء غير مرجو، وأحيانًا محبط للجماعات النقابية باعتبارها القوى الناعمة للتفاوض مع الحكومات للحصول على مكاسب ومميزات لأعضائها.
الحريات ونقابة الصحفيين
تُعد نقابة الصحفيين، رمزًا مهمًا للدفاع عن حريات المجتمع قبل أن تدافع عن حريات أعضائها، حتى سار لقبها “قلعة الحريات”، لتبنيها العديد من القضايا المهمة وليس فقط قضاياها المهنية.
رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، عمرو بدر، قال إن نشاط اللجنة مقيد بالمناخ العام، الذي يسمح بالاجتهاد في المساحة المفتوحة فقط، ما دون ذلك غير مرغوب به.
وأشار إلى أن لجنة الحريات كان لها وضع أكثر مرونة منذ خمس سنوات من بيانات ومؤتمرات وفعاليات لمساندة الزملاء الصحفيين في كافة القضايا الخاصة بالمهنة، مثل الفصل التعسفي والرواتب وليس الحبس على ذمة قضايا سياسية فقط كما يتصور البعض أن هذا هو السبب الوحيد لوجود اللجنة.
وتابع “بدر” أنه عرض على مجلس النقابة إقامة مؤتمر للحريات منذ 8 أشهر، وتم الموافقة عليه مرتين في الاجتماعات، لكن تم تسويف إقامة المؤتمر، لافتًا إلى أن النقابة تحاول تفعيل آليات “لجان الحريات” كإصدار بيان أو حضور محامي النقابة مع الزملاء المحبوسين.
وقال إن آخر بيان كان بشأن الصحفي سامح حنين واستجابت نيابة أمن الدولة، كما سُمح بزيارة الزميلين هشام فؤاد وحسام مؤنس، بالإضافة إلى حضور محامين النقابة مع الزملاء في أي قضية مهنية أو سياسية.
صراع “المحامين”
في نقابة المحامين، يختلف الكثيرون على من يقود لجنة الحريات، فمنذ مجيء رجائي عطية نقيبًا، في نهاية مارس الماضي، تم تشكيل هيئة المكتب في نهاية يونيو الماضي، وظل الخلاف على توزيع اللجان وخاصة “الحريات” ما بين فريق رجائي والفريق القديم المتبقي من مجلس سامح عاشور.
صلاح سليمان، عضو مجلس نقابة المحامين، قال إنه حتى الآن لم يستقر المجلس على من يتولى لجنة الحريات، وسيتم هذا بناءً على قرار المجلس بالأغلبية سواء على شخصه أو غيره من الزملاء.
اقرأ أيضًا:
وأضاف أنه كان مقرر اللجنة في عهد النقيب سامح عاشور، ولأول مرة تم تشكيل الأمانة العامة للجنة الحريات من 38 أمين مساعد للعمل في النقابات الفرعية، وعقد أول ملتقى لعام الحريات في مدينة أبو قير الشبابية بالإسكندرية في 2017 بحضور 350 عضوًا على مستوى 28 نقابة فرعية.
وأشار “سليمان” إلى أن النقابة تتابع 30 عضوًا محبوسين احتياطيًا، قائلًا: “تقدمنا بطلب ومذكرة بمدد حبسهم الاحتياطية والنقابة طالبت بإعمال المادة 201 لتطبيق تدابير احترازية فضلًا عن إخلاء سبيلهم إن أمكن”.
الأطباء وحبس أعضائها
في 26 نوفمبر 2019 توجه وفد من نقابة الأطباء إلى مكتب النائب العام، والتقى المستشار سعد جورج، النائب العام المساعد والمدير الفني لمكتب النائب العام.
واعترض الوفد الذي ضم نقيب الأطباء الدكتور حسين خيري، ومقرر لجنة الحريات الدكتور محسن عزام، على حبس الأطباء احتياطيًا في القضايا المهنية، ومن جانبه أبدى المستشار تفهمه لاعتراض النقابة، ووعد بخط مفتوح مع النقابة في أي من تلك الوقائع، ونوه ممثلي النقابة إلى القانون المقدم من النقابة بشأن تنظيم المساءلة القانونية ورحب من جانبه بالتعاون مع لجنه آداب المهنة في النقابة في القضايا الشائكة من الناحية الفنية.
كما طالب ممثلو النقابة، بإخطار النقابة بأي تحويل لطبيب من النيابة للقضاء، التزامًا بقانون النقابة وحتى لا تفاجأ النقابة أو الأطباء بقضايا يتم الحكم فيها بشكل غيابي أو قرارات ضبط وإحضار نتيجة عدم إخطار الطبيب ووعد النائب العام المساعد أن تلك النقطة سيتم تفعيلها.
وتحاول الأطباء أن تكون حاضرة في أي تعدٍ يقع على أعضائها داخل جهات العمل، أو الضغط لعدم حبس أعضائها احتياطيًا، كما أنها دائمًا ما ترسل مخاطبات للجهات التنفيذية بشأن كافة المطالبات المهنية من رفع سن المعاش مرورًا بحل أزمة التكليف انتهاء بعقد امتحانات طلبة كليات الطب في ظل وباء كورونا والعديد من المخاطبات التي لا تتوقف، حتى إذا لم تحصل على رد.
ضغوط ومفاوضات
من ناحيته، قال الكاتب الصحفي خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين سابقًا، إن لجان الحريات تمتلك أدوات ضغط سواء منها “الصادمة” أو “الخفيفة”، موضحًا أن التفاوض يلزمه ممارسة ضغوط لتحقيق مكاسب في القضايا النقابية.
وأوضح “البلشي” أنها تبدأ بآليات بسيطة مثل البيانات للتعريف بأي قضية وإشراك الجماعة النقابية بها، ثم تقديم خطابات للجهات الرسمية، وطلب الجلوس في مائدة المفاوضات مع الحكومة، وإذا فشلت الخطوات السابقة يتم بحث الآليات الضاغطة مثل عقد جمعية عمومية لتوفير زخم مناسب للضغط من جديد على المفاوضات وعودتها وعقد مؤتمرات صحفية لإعلان النتائج.
اقرأ أيضًا:
وأشار “البلشي” إلى أن لجان الحريات تفتقر أحيانا لآلياتها البسيطة، مثل أن تدخل طرفًا أصيلًا مع أعضائها سواء في المستوى النقابي وقضايا المهنة، أو إذا تطور الأمر للحبس على ذمة قضايا احتياطيًا، فنجد أحيانًا غياب وفد أي نقابة عن حضور التحقيق مع أعضائها في النيابات وهو أمر حاضر الآن في نقابة “الأطباء وأحيانًا المحامين”.
وأضاف “أن هناك قائمين على لجان الحريات يغيب عنهم حتى الحد الأدنى من القدرات الشخصية والإنسانية، منوها بأن نقابتي المحامين والصحفيين بدفاعها عن الحريات فإن ذلك يعني أنها تدافع عن حق المجتمع ككل بنظرة شمولية، خاصة أنهما كانتا شريكتان في تقديم بعض قضايا المجتمع للحكومات، وعنصران مهمان في استقبالهما مظالم غيرهما من الفئات المجتمعية”.
وأكد “أنه بالطبع يواجه من يقع على عاتقه تلك اللجنة مخاطر عديدة وضغوطات عصبية وسياسية”، قائلًا: “ولكن طالما أعلنت نيتي للتصدي للحريات فيجب أن أدفع أثمان هذا واتبع سياسات التفاوض بكافة صورها”، موضحًا أن الجميع يتذكر القضايا المهنية والحريات في البرامج الانتخابية وغير ذلك صمت مطبق.
وتساءل “البلشي”، “هل من المعقول أن تتخلف نقابة الصحفيين عن إصدار تقريرها السنوي عن الحريات بعدما كان حاضرًا منذ 2015 حتى 2018 ؟، وكان تقرير يتم تمريره بموافقة أعضاء المجلس، يتحدث بالأرقام عن قضايا المهنة والزملاء المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بالنشر أو سياسية حتى يتم التذكير بأن تلك القضايا ظاهرة ولا تهبط لقاع الأولويات”.