يزعم النظام الإيراني، أنه يمنح كافة مواطنيه حقوقهم وحرياتهم دون اختلاف ويعملون سواسيه، وأن لهم حق الاعتقاد الديني والانتماء العرقي، إلا أنه بدراسة معمقة لملفات الأقليات في بلاد فارس يمكن إيجاد العديد من التفاصيل التي تجعلك تشكك في الرواية الرسمية، ومن بين تلك الأقليات المضطهدة حسبما يزعم أنصارها الأقلية البلوشية.
يعد البلوش أقلية عرقية ودينية، لا تحظى بأي عامل من العوامل المحددة لمعنى المواطنة في بلاد فارس منذ القدم، وحتى عقب قيام الثورة الإسلامية، يتبع النظام الملالي منهجية الاضطهاد لطمث هويتهم.
إقليم البلوش
يقع الإقليم، جنوب غرب أسيا على طرف الهضبة الإيرانية، ويمتد بين أفغانستان وإيران والهند، أطلق عليه قديمة “مكا” وتغير إلى مكران، ثم بلوشستان بعد قدوم القبائل البلوشية إليه، وتعد البلوشية لغته الرسمية، يعيش فيه أكثر من25 بالمئة من بلوش العالم، حسبما جاء في كتاب الأقليات العرقية والدينية والمذهبية في إيران للكاتب سامح عبود.
الكاتب البلوشي “تاج محمد بريسيك”، أشار رغم المعلومات المتوفرة، إلى أن تاريخ البلوش ضبابي ويستند إلى الروايات والأساطير.
بلوش إيران
يسكن البلوش في إيران في محافظات “بلوتشستان، وسيستان، وساروان، وزهدان، وكنارك، وجاسك التي تعد من أكثر المدن الفارسية فقرًا وحرمانًا، ويعتنق أغلبهم الديانة الإسلامية، على المذهب السني، ونسبة ضئيلة على المذهب الشيعي، ويبلغ عدد سكان البلوش الإيرانيين حوالي 4 مليون نسمة.
اقرأ أيضًا:
الحقبة البهلوية
عانى البلوش، طوال العهد البهلوي من تهميش وإقصاء قيادتهم، ما جعلهم يشاركون في الثورة الإسلامية عام 1979 أملًا في إسقاط الشاه الإيراني محمد رضا البلهوي، وبداية عهد جديد من الحرية، في ظل دولة إسلامية.
عقب الثورة الإسلامية
وبعد الثورة لم يختلف الأمر كثيرًا حيث ساءت أوضاع البلوش، وعانوا من معاملة السلطات الإيرانية إليهم كأقلية عرقية ومذهبية، واتبعت معهم المزيد من الإجراءات التعسفية كمنع الموسيقى البلوشية وحظر أسماءهم ولغتهم، وفرض السيادة الشيعية عليهم، وتراجع نسبة التعليم لديهم، ومنعهم من التعليم الجامعي، وكذلك الوصول إلى مناصب قيادية في الدولة وحتى التمثيل في البرلمان.
وعلى الرغم من أن الإقليم غني بالكثير من الموارد الطبيعية كالنفط والغاز الطبيعي، إلا أنه يعاني من تزايد نسبة البطالة، والفقر الشديد.
معاناة البلوش في إيران
الناشطة الحقوقية البلوشية “منيرة سليماني”، كشفت على هامش مشاركتها في مؤتمر الأقليات الإيرانية الذي عقد عام 2015 في جينيف، أن الشعب البلوشستاني يتعرض إلى قمع واضطهاد ممنهج من قبل السلطان الإيرانية، وأنهم بلا حقوق دينية، ولا يحق أبنائهم الترشح لمناصب عليا في الدولة كونهم أهل السنة، كما أن الدستور الإيراني يتخذ من المذهب الشيعي مذهبًا رسميًا للدولة، ومن ثم يهمش أنصار المذهب مهمشًا السني.
من جهته قال رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز العربية عارف الكعبي، إن رسالة إمام أهل السنة في إيران للمرجع الشيعي “السيستاني” تكشف المعاناة التي يعيشها البلوش، تحت حكم النظام الملالي.
إذ أرسل إمام وخطيب أهل السنة في إيران ورئيس جامعة دار العلوم في مدينة زهدان “عبد الحميد إسماعيل” رسالة إلى المرجع الشيعي الأعلى في العراق “علي السيستاني”، طالبًا منه استخدام نفوذه ومكانته لرفع المعاناة التي يعاني منها أهل السنة في إيران بعد أربعين عمًا من الثورة، في ظل غياب التوازن بين أهل السنة والشيعة، ومنع بناء مساجد سنية في طهران.
اغتيال قادة البلوش
الشيخ عبد العزيز ملا زاده، الذي ولد عام 1916 في بلوشستان الإيرانية، وكان لدية مواقف واضحة تعارض الحكم البهلوي، والنظام الملالي لسوء معاملتهم أهل السنة وإهدار حقوقهم، وأسس المدرسة المكية لدار العلوم لأهل السنة، قبل أن يتم اغتياله عام 1987م في بريطانيا، أثناء تلقيه العلاج بمستشفياتها.
أما عبد الملك ملاه زادة، الذي ولد عام 1950م في قرية حيط سرباز التابعة لمحافظة بلوشستان الإيرانية، فشارك ووالده في كشف جرائم النظام، وزار عدة مدن عربية وغيرها لنشر الصورة الحقيقية لمعاملة النظام الملالى لأهل السنة، وأسس منظمة “سازمان محمدي أهلنت” لتعبر عن عقيدة السنة، قبل أن يتم اغتياله هو الأخر في باكستان عام 1995م.
الباحث المختص في الشؤون الإيرانية الشيخ ماجد العباسي كشف أن
النظام الإيراني لا يقوم بإعدام المعارضين له من النشطاء والقيادات السنية أو العلمانية أو الليبرالية، ولكن يغتالهم بطرق وأساليب مختلفة، وعملوا على تصفية الجميع ولم يتبقى قطب معارض بارز حيًا.
اقرأ أيضًا:
الحركات البلوشية
أسس البلوش، العديد من الحركات المعارضة للنظام الإيراني، نتيجة للاضطهاد الواقع عليهم، بالإضافة لسعيهم تحقيق حلمهم في الاستقلال كان أبرزها منظمة “جيش العدل” والتي أعلنت مقاتلتها للقوات الإيرانية لاستعادة حقوق أهل السنة.
وجماعة أنصار الفرقان التي تعتبر منظمة مسلحة تقوم بعمليات خطف لجنود الحرس الثوري، تترصد احتفالاتهم للقيام بتفجيرهم، وعنها أشار الداعية الإيراني “ماجد العباسي” إلى أن عمليات الاغتيال عشوائية ولا جدوى منها ضد تشكيل منظم، مؤكدًا على ضرورة اتحاد البلوش وتنظيم صفوفهم وأفكارهم، لمواجهه النظام الإيراني ومن ثم نيل الاستقلال.
مشاهير البلوش
أما عن قائمة مشاهير البلوش فيأتي على رأسهم أبو المنتصر البلوشي عبد الرحيم ملا زادة الذي ولد عام 1957م في طهران، من أسرة ذات مرجعية سنية، وهو داعية وقطب معارض لنظام الجمهورية الإيرانية الإسلامية.
والداعية البلوشي السني أدهم إسكاني، رئيس المجلس البلدي في قرية “جاه جمال” في الإيرانية، ويعمل إمام لأحد الجوامع الكبرى، وحاولت السلطات الإيرانية اغتياله بسبب مواقفه السياسية المعارضة للنظام الملالي، إلا أنه نجا من محاولة الاغتيال.