أخلت السلطات القضائية، سبيل محمد عماشة، المواطن الأمريكي-المصري من السجن، بعد ما يقارب 500 يوما في الحبس الاحتياطي، بتهمتي إساءه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومساعدة جماعة إرهابية.
 كان “عماشة” قد اُعتقل في مارس 2019 أثناء رفعه لافتة في ميدان التحرير مكتوب عليها “الحرية لجميع سجناء الرأي”.

وزارة الخارجية الأمريكية، رحبت بالإفراج عنه في بيان لها قالت فيه: “تم الإفراج عن طالب طب أمريكي كان معتقلا في مصر دون محاكمة في سجن مصري منذ 500 يوما تقريبا، وعاد إلى الولايات المتحدة”، متابعة: “نرحب بإطلاق سراحه من الحجز المصري ونشكر مصر على تعاونها في إعادته إلى الوطن”.

منظمة أمريكية لحقوق الإنسان تدعي “مبادرة الحرية” كانت تتبنى قضية عكاشة، ذكرت أن الإفراج جاء بعد شهور من طلب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقالت في بيان لها إن “عماشة” عاد إلى الولايات المتحدة الإثنين الماضي، وإلى منزله في مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي.

 

تنازل عن الجنسية

ووفقا لبيان منظمة “مبادرة الحرية”، أن عكاشة تنازل عن الجنسية المصرية قبل الإفراج عنه مما جعل من الممكن له الاستفادة من قانون “ترحيل الأجانب” وتسليمهم إلى دولهم، وهو ما سبقه إليه كثير من المعتقلين.

وكانت السلطات المصرية قد أفرجت في مايو الماضي عن “ريم الدسوقي” وهي مواطنة أمريكية من أصل مصري أيضا بعد عشر شهور من احتجازها بدون محاكمة، وبعد تنازلها عن جنسيتها المصرية مقابل الافراج عنها.

كما سبقها الإفراج عن “محمود محمد عبد العزيز” وهو مواطن ألماني-مصري، اتهمته السلطات بالانتماء لتنظيم “داعش” واعتقلته لمدة أسبوعين، قبل أن تفرج عنه وترحله من مصر بعد تنازله عن جنسيته المصرية.

 

جنسيات أجنبية

وما يزال عددًا من حاملي جنسيات أجنبية معتقلًا في السجون المصرية من بينهم “الشيماء”، ابنه الرئيس المعزول “محمد مرسي” وتحمل الجنسية الأمريكية، والتي رفضت محكمة مصرية في يوليو من العام الماضي طلبا بالتخلي عن جنسيتها المصرية مقابل الافراج عنها، وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أن “الشيماء” حصلت على الجنسية الأمريكية دون موافقة السلطات المصرية، وهو ما يحرمها من الاستفادة بقانون “ترحيل الأجانب” من مصر، وكذلك الشاب المصري الأميركي أحمد حسن (17 عاما)، الذي كتب رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب، يطلب فيها التدخل عند السلطات المصرية لإطلاق سراحه.

 

اقرأ أيضا:

محمد سعد عبد الحفيظ يكتب: الحبس الاحتياطي.. ثقب مصر الأسود

 

كان “عماشة” قد أعلن في مارس الماضي إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على استمرار اعتقاله بعد انتشار فيروس كورونا في مصر، ووجود مخاوف من انتقال شبح العدوي للسجون المصرية المشهورة بالازدحام، خاصة بعد إعلان والده إنه مصاب بأمراض المناعة والربو، وتخوفه من إصابة نجله بالفيروس وخطورته على حياته.

وكان أمريكيا أخر من أصل مصري هو “مصطفي قاسم” معتقل مع عماشة في السجن نفسه، قد توفي مؤخراً بعد إضرابه عن الطعام وتسببت وفاته في توتر في العلاقات المصرية الأمريكية، وأثارت المخاوف على صحة عماشة خوفا من تدهورها أيضا.

إحصاء غير رسمي

وفقًا لتقرير نشرته “بي بي سي” في مايو الماضي، أن “الاعداد غير الرسمية للمحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا في مصر بـ 20 ألف سجين، بينهم كثير من السجناء السياسيين مثل “علاء عبد الفتاح” والمعتقل من سبتمبر 2019 بتهمة “نشْر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة إرهابية” وكان قد خرج لتوه من قضاء عقوبة السجن 5 سنوات بتهمة خرق قانون التظاهر.

القانون المصري

ينص قانون الحبس الاحتياطي في مصر على أن النيابة لها أن تقرر حبس المتهم لمدة أربعة أيام على سبيل التحقيق، وإذا ارتأت قبل نهايتها احتياج التحقيق لاستمرار حبس المتهم وجب عرض الأوراق علي قاضي جزئي للنظر فيه وحبس المتهم لمدة 15 يوما قابلة للتجديد لمدد أخري بعد عرض الأوراق وحجج النيابة لاستمرار الحبس في كل مرة يجدد فيها، بحد أقصي 45 يوما في حالة الجنح، وخمسة أشهر في حالة الجنايات.

وإذا لم ينته التحقيق خلال تلك الفترة وجب إحالة القضية الي المحكمة المختصة للنظر في تجديد حبس المتهم، وفي كل الأحوال يجب الافراج عن المتهمين المحبوسين احتياطيا بعد مرور ثلاثة أشهر في حالة الجنح، أو سنتين في حالة الجنايات كحد أقصي وذلك في التهم التي تصل عقوبتها للسجن المؤبد أو الإعدام.

عفو رئاسي

يذكر أن مصلحة السجون المصرية أفرجت عن 475 سجينا مؤخرا بمقتضى عفو رئاسي، وذكر بيان وزارة الداخلية، إن الإفراج يأتي استمرارا لقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، الصادر بشأن العفو عن باقي مدة العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم، ولتخفيف التكدس في السجون مراعاة لأزمة كورونا وحرصا على تقليل احتمالات العدوي في السجون.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر قرارين جمهوريين بشأن الافراج عن باقي مدة العقوبة بالنسبة لبعض المحكوم عليهم الذين استوفوا شروط العفو، وتطبيقا للقرارين تم الافراج عن اعداد كبيرة من المحبوسين على النحو التالي:

-الإفراج عن 3455 سجينا في يناير الماضي بمناسبة عيد الشرطة.

-الإفراج عن 135 سجينا في فبراير 2020.

-عفو رئاسي بمناسبة عيد الفطر في مايو الماضي شمل الإفراج عن 5532 سجينا.

-الإفراج عن 399 ممن ينطبق عليهم شروط العفو الرئاسي في 4 يونيو 2020.

-أفرجت مصلحة السجون عن 530 في 23 يونيو الماضى.

بينما تم الافراج في وقت سابق عن بعض ممن قضوا فترات في الحبس الاحتياطي، منهم السفير السابق “معصوم مرزوق” والدكتور “يحيي القزاز” بعد قضائهم 9 أشهر قيد الحبس الاحتياطي بتهم “مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وتلقي تمويل بغرض إرهابي، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية”.

 

مطالب حقوقية

انتشرت تعليقات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تقارن بين “الإفراج عن المعتقلين” حاملي الجنسيات الأجنبية، وبين حال المعتقلين المصريين والذين يستمر اعتقالهم لفترات طويلة دون محاكمة كما هو الحال للأجانب وخاصة “الأمريكيين، وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا أسوة بما يحدث مع حاملي الجنسيات الأخرى.

طالبت منظمة العفو الدولية في مايو الماضي السلطات المصرية بـ “إلغاء قرارات قضاة دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة القاضية بتمديد الحبس الاحتياطي لما يزيد عن 1600 محتجز، كثير منهم من سجناء الرأي”، كما دعت المنظمة السلطات المصرية إلى الإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع المحتجزين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم.

 

اقرأ أيضا:

المنسيون.. خطة التعايش تتجاهل السجناء وحقوقيان يطرحان بدائل للزيارات

 

وتبنت عدد من المنظمات الحقوقية، حملة تشاركية طالبت السلطات المصرية بالإفراج عن السجناء، في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد، خاصة مع توارد أنباء عن وجود بعض الاصابات بالفيروس داخل السجون ومقار الاحتجاز، منها إصابة ضباط أو إداريين بالإضافة الي إصابة أو الاشتباه بإصابة مجموعة من السجناء داخل أماكن احتجاز متفرقة”.

وطالبت الحملة التي تحمل عنوان “احموا المجتمع… وأفرجوا عن السجناء”، “المسؤولين عن الوضع في مصر، بضرورة اتخاذ خطوات وتدابير احترازية، تعمل على الحد من انتشار الفيروس داخل أماكن الاحتجاز، وخطورة انتقاله للمجتمع الخارجي نتيجة تخالط الإداريين والضباط خارج وداخل هذه الأماكن”.