انتشرت حالات العنف الأسري في غزة بفلسطين بكثرة خلال السنوات الماضية. حكايات الفتيات الفلسطينيات من خلف أبواب منازلهن ممزوجة بالآلام وينتهي بعضها برائحة الدم، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، جاني ” الأب أو الأخ”، ومجني عليه وفي الأغلب تكون فتاة من الأسرة.
الطفلة أمال الجمالي، 10 سنوات، من مدينة غزة، كانت أخر تلك القصص، لقت مصرعها على يد أبيها الخميس الماضي.
“أمال” حاولت الفرار من تعنيف وتعذيب أبيها ولجأت 6 مرات للشرطة لكن دون استجابة، بل وكانوا يبادرون بتسليم البنت للأب بعد أخذ تعهد عليه بعدم الاعتداء على أبنته، بحسب رواية أحد شهود العيان.
والد الضحية، يعمل سائق وهو موظف متقاعد، طلق والدة أمال وتزوج بأخرى، وسبق أن ألقى ابنه من طليقته من شباك منزله، وظل الطفل في العناية المركزة لعدة أيام، بحسب رواية بعض شهود العيان، وقتها هربت “آمال” إلى مركز الشرطة، للإبلاغ عن عنف الأب.
وفي عصر يوم الخميس الماضي، طلبت “أمال” بمشاهدة أمها، كما حكمت المحكمة الشرعية، لكنه رفض وقام بضربها وتعذيبها، وأصيبت ” أمال” بفقدان الوعي وتركها في غرفة دون علاج، ثم ضربها من جديد بالعصى على رأسها وصدرها وقدميها إلى أن فاضت روحها.
وتُعد جريمة مقتل آمال على يد والدها، الثانية من نوعها خلال أقل من شهرين، حيث توفيت في وقت سابق فتاة على يد والدها بسبب محادثة هاتفية مع أمها المطلقة من أبيها.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان للدفاع عن الحريات في أوروبا ودول البحر المتوسط، غرد على صفحته الخاصة على تويتر قائلا:” تلقينا تقارير صادمة بمقتل الطفلة “أمال الجمالي” على يد والدها في قطاع غزة. وكشفت التقارير أنّ والد الضحية كان يعتدي عليها باستمرار، وأنّها لجأت إلى مركز شرطة الحي عدة مرات لحمايتها، ولكنّ في كل مرة كان الجاني يوقع تعهدًا بعدم الاعتداء على الضحية ويُفلت من العقاب”.
وأضاف المرصد” أن تكرار حوادث العنف الأسري في الأراضي الفلسطينية وزيادة معدلات الجريمة يستوجب من الجهات التنفيذية سرعة التدخل لمنع وقوع الجريمة، وينبه الجهات التشريعية إلى ضرورة سن قوانين جديدة لحماية الفئات الضعيفة وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم الأسرية”.
فيما دعت هدى عليان، مسؤولة اتحاد العمل النسوى وعضوة اللجنة المركزية للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني ” فدا” إلى الإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، خاصة بعد اتساع دائرة العنف الأسرى داخل المجتمع الفلسطيني، وغياب العقوبات الرادعة والتأخير فى قرار القانون الذي يحمى المرأة والطفل.
في السياق، قال الناشط الحقوقي، مدير مؤسسة مسارات، صلاح عبد العاطي، إن ” غياب القانون الرادع للأباء وغيب المحاسبة الحقيقة لهم عن الجرائم التي ترتكب في حق أطفالهم أدت إلى اتساع رقعة ظاهرة الاعتداء على الأبناء وتعذيبهم بشكل مفرط حتى الموت أحيانا”.
وشدد على ضرورة تفعيل القوانين الخاصة بحقوق المرأة والطفل واتفاقية “سيداو” التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، وبين أن العرف العشائري والتعامل مع مثل هذه القضايا عن طريق المخاتير أدى إلى تفاقمها وزيادتها خلال الآونة الأخيرة، داعيا إلى ضرورة أن يأخذ القانون مجراه وأن يتم التعامل مع هذه القضايا في إطار القانون.
يذكر أنه لا توجد إحصائيات واضحة عن العنف الأسري في فلسطين رغم تعدد الضحايا، ولا يزال مشروع قانون حماية الأسرة من العنف تحت الدراسة من قبل الحكومة الفلسطينية، وفي يونية الماضي، نشر وكيل وزارة التنمية الاجتماعية داوود الديك، عبر حسابة على الفيس بوك عددا من الملاحظات حول مسودة قانون حماية الأسرة من العنف.
يتناول القانون نطاق الحماية ونطاق الأسرة، ومسؤوليات مرشد الحماية ودوره في تزويد الضحية بخدمات الحماية والتمكين العلاجي والبحث عن سكن بديل للضحية وللآخرين. ودور الشرطة والنيابة. كما تأتي خدمات الحماية: المساعدة القانونية، الدعم النفسي الاجتماعي، الخدمات الصحية، الحماية في بيوت الأمان، خدمات الخط الساخن، إعادة الـتأهيل.
كما يتناول أوامر الحماية وعن التحقيق والادعاء والتقاضي، وامكانية النقل المؤقت للجاني من مكان الإقامة لفترة تحددها السلطة المختصة. وجلسات الاستماع أثناء التحقيق وجمع الأدلة والمحاكمة، وتأسيس محكمة مختصة في قضايا الأسرة، والسرية وحماية الخصوصية.
القانون يتضمن أيضا عقوبات ضد العنف الاقتصادي والتحرش الجنسي، والعنف الزوجي الجسدي، العنف النفسي، التمييز، التزويج القسري، ويمنع وسائل الإعلام ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي من نشر أو ذكر اسم الضحايا أو صورها، كما يتضمن نص عن تخويل المحكمة الشرعية سحب الوصاية والحضانة من ولي الأمر إذا ثبت ارتكابه للعنف