“من الممكن أن تنجب ولكن من أصعب المسؤوليات أن تهب حياة لطفل ليس طفلك البيولوجي” ، إنها تلك الرحمة التي يزرعها الله في قلوب بعض العائلات- باختلاف طبقاتهم الاجتماعية- التي تقرر أن تكفل طفلًا يتيمًا أو “كريم النسب”، كما تم تعديل لقبه بحسب تعديلات قانون الطفل بلائحة صدرت في مطلع يونيو الماضي.

تخوفات نساء وفتيات يردن كفالة طفل من مراكز الرعاية التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، هل هن واثقات من تك الخطوة الكبيرة، هل سيهبونهم حياة كريمة، ما هي مخاوفهم بشأن كفالة طفل أو طفلة؟.

ونستعرض شهادات عدد منهن وأبرز مخاوفهن، في ضوء التعديلات الجديدة التي حصلن عليها من اللائحة، وأعطتهن بادرة أمل لتحقيق حلمهن في “الأمومة” في ظل الاستثناءات والمرونة التي توفرها التعديلات الجديدة لقانون الطفل.

شروط الكفالة بعد التعديلات

شمل التعديل بقانون الطفل الذي صدر مؤخرًا بقرار الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء رقم 1143 لسنة 2020، استبدال بعض الشروط وبعض المسميات التي من شأنها تحقيق المصلحة الفضلى للأطفال، ومن ضمن هذه التغييرات استبدال عبارة «الأطفال المعثور عليهم» بكلمة «اللقطاء» وعبارة «الأسر البديلة الكافلة» بعبارة «الأسر البديلة» وعبارة «كريمي النسب» بعبارة «مجهولي النسب».

وتضمنت التعديلات عدد من النقاط، من أبرزها:

1- تغير كل من شرط الزوجين مصريين ليكون أحدهما مصري (بعد الإطلاع على التقرير وموافقة اللجنة العليا).

٢- تغير سن الزوجين ليكون 21 سنة بدلا من 25 سنة.

٣- تخفيض المبلغ المطلوب إيداعه للطفل من ٥٠٠٠ جنيه إلى ٣٠٠٠ (مبلغ التوفير يتم فتح حساب باسم الطفل بـ٣٠٠٠، وهو الوحيد القادر على استخدامها بعد ٢١ سنة).

٤- تغير شرط التعليم (من حق أي أسرة أن تحصل على طفل بعد موافقه اللجنة المحلية التي يقع محل إقامة الأسرة بها).

5- حصول الأسرة الكافلة على الولاية التعليمية لأبنائها.

6- يتم حصول الأسرة البديلة الكافلة على الوصايا الكاملة للطفل بعد اجتياز تقييم من وزارة التضامن الاجتماعي.

7- منح الطفل الاسم الأول فقط للأم في خانة الأم في شهادة الميلاد.

8- إضافة لقب العائلة أو اسم الأب الذاتي (الأول).

وأضافت وزارة التضامن الاجتماعي أنها ستصدر بطاقة ذكية للأسر البديلة الكافلة، ويتم التعامل بموجبه مع كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية، ويتم تجديده سنويًا.

 

اقرأ أيضًا:

“العيب” يهدد حماية الأطفال.. لماذا التربية الجنسية ضرورية؟

مخاوف من الروتين

بحسب التعديلات الجديدة في كفالة طفل كريم النسب تلتزم الأسرة الكافلة بأن تُخطر إدارة الأسرة والطفولة المختصة فورًا عن كل تغيير فى حالتها الاجتماعية أو فى محل إقامتها وبكل تغيير يطرأ على ظروف الطفل محل الرعاية مثل تشغيله فى عمل أو إلحاقه بمدرسة أو هروبه أو وفاته أو زواج الفتاة .
كما يجوز للأسرة الكافلة السفر إلى الخارج – بصحبة الطفل محل الرعاية أو بدونه – بعد الموافقة مكتوبة من إدارة الأسرة والطفولة بمديرية التضامن الاجتماعى المختصة .

وتقول “نهى .ب” إن الروتين هو ما يجعلها تخشى من الشروع في إصدار أوراق في الجهات الحكومية، خاصة أن هناك العديد من الخطوات التي تستلزم إجراءات عديدة، موضحة أنها تعمل هي وزوجها بالخارج وهناك إجراءات ستقابلها هناك تستدعي تكاليف مادية أخرى، بجانب المخاوف من تغيير زوجها لرأيه عند الشروع في بدء إجراءات تبني طفل كريم.

رفض الأهل

استثنت اللائحة الأرامل والمطلقات ومن لم يسبق لهن الزواج وبلغن من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة كفالة للأطفال إذا ارتأت اللجنة المنصوص عليها فى المادة (93) من هذه اللائحة صلاحيتهن لذلك.

تقول سيدة لم يسبق لها الزواج: ” أريد بشدة أن أكفل طفلًا لكن انشغالي طوال اليوم في عملى يجعلني مترددة، بالإضافة إلى رفض أمي القاطع للأمر لكوني ما زالت عزباء وهي تطمح أن يكونأابنائي من صلبي وبالتالي لن تقوم برعايته أثناء تواجدي بالعمل.”

وأكدت أنها تريد خوض تلك التجربة من خلال نظام الكفالة الجزئية، أي أن ترعى طفلا دون وجوده في البيت ومن خلال تحديد أوقات لزيارته والإنفاق عليه، واصفة حاجتها الملحة إلى التبني في فيض الحنان الذي تحمله تجاه الأطفال وتربيتهم وتحمل مسؤليتهم على الرغم من عدم تجربتها المسبقة بالأمومة.

وواجهت سيدة أخرى تلك الأزمة أيضًا من تخوفات رفض الأهل وعدم تقبلهم لتلك الخطوة، قائلة: “عايزاها بس خايفه من ان المجتمع وعيلتي يقفوا ضدي”.
وتقول ثالثة “تخوفاتي كلها تتعلق بالأهل بالإضافة إلى كوني مطلقة وليس لي منزل منفصل عنهم، موضحة أنها تريد تلك الخطوة ولكن بعد توفير كل الاحتياجات التي أقرتها اللائحة الجديدة لتبني طفل كريم كما أعلنتها وزارة التضامن”، قائلة: “أريده أن يصبح مثل ابني تمامًا ولا يشعر بأن شيئًا ينقصه”.

الخوف من التجربة

وينص البند الـ”14″ من لائحة تبني طفل كريم على شرط اجتياز الأسرة الراغبة فى الكفالة، الدورة التدريبية التى تنظمها وزارة التضامن الاجتماعى.

أعلنت سيدة عن تخوفها من تربية طفل وهي لم يسبق لها الأمومة، متسائلة كيف سأتعامل مع الأمر في المعيشة والمسؤوليات، وهل هناك من يوجهني لذلك، هل سأجعله سعيدا، أو أحمله ظروفا سيكون طرفا بها؟، مؤكدة “أنها غير جريئة ولكنها يومًا ما ستتخذ هذا القرار”.

أعلنت “ع. ع” عن خوفها من أن يتركها ابنها عند علمه بأنها ليست أمه البيولوجية، قائلة “ممكن يمشي لما يعرف الحقيقة أو حالته النفسية تصبح سيئة خاصة أن طبيعة ونفسيات الأطفال ليست واحدة”.

اقرأ أيضًا:

بناء الثقة وعدم اللوم.. كيف تربي طفلك على حماية جسده من التحرش؟

وأضافت أن الأمر يحتاج إلى تأهيل نفسي كبير للأم الحاضنة والطفل كريم النسب، مشيرة إلى أن كل هذا أيضًا سيجعله مثار تنمر من أصدقائه إذا عرفوا حقيقته.

زوجي يرفض الفكرة

حدد الشرط الثاني من لائحة تبني طفل كريم “أن تتكون الأسرة من زوجين تتوفر فيهما مقومات النضج الأخلاقى والاجتماعى بناء على بحث اجتماعى تقوم به الإدارة الاجتماعية المختصة والجمعية أو المؤسسة الأهلية المختصة، ومر على زواجهما ثلاث سنوات على الأقل وألا تقل سن كل منهما عن إحدى وعشرين سنة ولا يزيد على ستين سنة” .

ويجوز للجنة الأسر الكافلة المنصوص عليها فى المادة (93) من هذه اللائحة الإعفاء من شرط استمرار الزواج لمدة ثلاث سنوات على الأقل فى حالة ثبوت العقم الدائم لأحد الزوجين كما يجوز للجنة الإعفاء من عدم جواز أن تزيد سن كلا الزوجين فى الأسرة البديلة على ستين سنة طبقًا لما يسفر عنه البحث الاجتماعى.

تحكي سيدة عشرينية تعمل طبيبة ومتزوجة منذ 3 سنوات، عن أن زوجها لن يستطيع الإنجاب، وهو ما أقرته التقارير الطبية، ولكنها لم تخبر أحدًا بهذا حتى لا تسمع تعليقات أو تدخلات بالطلاق منه لتصبح “أم”.

 

وتابعت: “نفسي أكفل طفل أنا متأكدة إنى هحبه زى ابنى أو زى بنتى، ولكن لدي إحساس أن زوجي لن يتأقلم مع الأمر لأنه لم يتعامل مع أطفال مطلقا، متسائلة هل سيحبه المحيطون به ويعطونه الدعم الكامل؟ “.

وعقبت أخرى قائلة: “إنها نفس الظروف ومتزوجة منذ ثلاث سنوات ونصف وبعد زواجي ب”6″ أشهر، متابعة عرفت ان زوجي لن يستطيع الانجاب، وحاولت مرارا أن أتفاوض معه من أجل كفالة طفل وكان يرفض في كل مرة، ويرى أن الحل الأمثل أن ننفصل.

وأشارت الي أنه مؤخرا اقتنع ولكن ليس بشكل كامل، ولكن سأقوم بوضعه أمام الأمر الواقع، وأنا واثقة أنه سيتأقلم مع الوضع الجديد، قائلة ” أعرف أنه احساس عدم الانجاب صعب لدى الجنسين ولكنها صدمة سيتم عبورها من خلال تقبل قضاء الله والتفكير في تعويض هذا بطفل كريم النسب”.

عائق جديد

عقبة جديدة تستعرضها سيدة في طريقها للاحتضان، وتحكي قائلة: “ورقي جاهز ولكن شرط واحد لا ينطبق علىَ وهو شرط مرور ثلاث سنوات على الزواج، أتممت منها سنتين وشهر فقط، مشيرة إلى أنه تم رفض أوراق التبني التي قدمتها لوزارة التضامن.
وتؤكد أنها قابلت هذا بصدمة كبيرة كأنها هبطت لسابع أرض بحد وصفها، موضحة أنها تجهز للأوراق المطلوبة منذ شهرين، وكان الأمر متوقف على مقابلة الشؤون الاجتماعية بالتضامن، مشيرة إلى أنها فكرت عندما تملكها اليأس في إحضار ورقة من أي طبيب يؤكد عدم مقدرتها على الإنجاب حتى تعبر شرط إتمام ثلاث سنوات زواج.

وتقول أخرى تبلغ من العمر 19 عامًا ومتزوجة منذ سنتين، إنها غير قادرة على الإنجاب ولديها ما يثبت هذا من تحاليل وشهادة أطباء، ولكن ما يوقف تلك الخطوة أنها لم تبلغ السن القانونية للاحتضان.

وتابعت أنها لن تستطيع تحمل ثلاث سنوات حتى تتم السن القانونية التي حددتها لائحة تبني طفل كريم النسب، متسائلة “هل ستقوم اللجنة باستثنائها وهي قادرة رغم سنها الصغيرة على تحمل ورعاية طفل؟”