الحكومة لديها الاستعداد لمناقشة أي ملف إلا تداول السلطة

أي حديث عن نهضة لا معنى له بدون توافق وطني حتى لو بنينا في كل قرية أوبرا وامتلك كل مواطن سيارة

على الحكومة تحديد من هم أعداء الدولة.. هل الإخوان.. أم زياد العليمي وحسام مؤنس وغيرهما من رموز القوى المدنية؟

لا يمنحك المحامي والحقوقي نجاد البرعي، إجابات كاملة، لكنه وبلغة حقوقي ناضج، وخبير سياسي، وضع ما يشبه الخطوط الرئيسية، أو خارطة طريق، قد تؤدي إلى تفاهمات لحل تعقيدات الوضع السياسي المتأزم دائما في مصر.

“نجاد” قال بوضوح إن الحكومة الحالية لن تتبنى، أو تقيم حوارًا يتناول أفكارًا عن تداول السلطة، لكن لديها كامل الاستعداد للمناقشة والتفاوض والحديث عن أي قضية أو أزمة أو خلاف آخر، ويمكنها أن تستمع وتستجيب حتى وإن كان بشكل جزئي، أو إيجاد حلول لأزمات ومشاكل لا تجد من يطرح لها حلولًا، بالإضافة إلى رغبة في تفضيل الكفاءة خاصة في الأزمات الكبرى، وهو ما كان واضحًا في أزمة فيروس كورونا.

إننا نجد أنها تقريبًا حاولت جاهدة أن تكون متوازنة ما بين إجراءات الوقاية والحد من الانتشار، وبين المتطلبات والضغوط الاقتصادية، حتى مطالبات الإفراج عن المحبوسين، تم الاستجابة لها ولكنها في الأغلب اقتصرت على الجنائيين فقط.

وأضاف في حواره معنا، أن ما تفعله الحكومة هي محاولة إحياء مشروع الخديو إسماعيل النهضوي، لكن بدون توافق وطني لن يكون لهذا المشروع أي مردود.

نجاد البرعي فرق بين الدولة ويقصد المؤسسات وبين الحكومة ويقصد الأفراد الذين يحكمون..

https://www.facebook.com/watch/?v=1094679704252780

كيف ترى إدارة الحكومة لأزمة كورونا في مصر؟

في حدود الإمكانيات المتاحة، والقدرات المالية والفنية، كانت إدارة أزمة كورونا في مصر مدهشة، ومتوازنة، وراعت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هي لم تقدم حلولًا للأزمة، لكنها أدارتها بكفاءة وطبقًا لما تملكه من قدرات، كما أنها لم تفعل مثل دول أخرى أعلنت إغلاقًا تامًا، وتكبدت خسائر فادحة ستعاني منها لسنوات، ولكنها طبقت العزل المنزلي مثلما فعلت دول أخرى مهمة، ولأول مرة تمنحك إيحاءً أنها تفكر وتتلامس مع طبيعة المصريين واحتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية.

إذًا ما تفسيرك للانتقادات التي وجهت إليها في قرارات مواجهة كورونا؟

طبيعي لأنه وضع جديد، فلم يسبق أن مررنا بمثل هذا الوضع، منذ وباء الإنفلونزا الإسبانية بالقرن الماضي، فمن الطبيعي وجود اختلاف وتباين في وجهات النظر.

لكن هناك اتهام واضح بأن قرارات الحكومة كانت منحازة للأغنياء؟

أي قرارات اقتصادية تخضع لتحليل أرقام وبيانات، وعلى أساسها اتخذت الحكومة قرارات بالدعم وبقيمته وبالفئات المستهدفة منه، وفي تقديري أن المأخذ الوحيد على الحكومة، كان في ميوعة حسمها مع المستشفيات الخاصة، كان يجب أن تُخضع المستشفيات الخاصة لسيطرتها، وبحكم القانون، ولنا في ما حدث في إسبانيا والسعودية خير مثال، وهما مثالان مختلفان في إدارة الحكومات لأزمة كورونا مع المستشفيات الخاصة، وفي تقديري أنه حتى تصريحات الرئيس في اجتماعه الأخير مع خلية الأزمة لم تكن بنفس التشدد المعروف عنه، طالب فقط بالوصول معهم لحل وسط، ووزيرة الصحة لم تستطع اتخاذ قرار مناسب وحاسم.

الحكومة لا تريد مشاهدة صُناع يناير في الحياة العامة لذلك لن يُفرجوا عن المحبوسين منهم في الوقت الحالي

ربما تتخوف الحكومة من قرارات يعتبرها البعض قرارات تأميم لتأثيرها على الاستثمار؟

لم يطالب أحد بالتأميم، لكن السعودية حددت علاج مريض كورونا بـ 3000 ريال تدفعها الدولة لغير القادرين، على أن يتم الجدولة على 3 سنوات، ويتحملها دافعو الضرائب مثلًا، وإسبانيا وضعت المستشفيات الخاصة تحت إدارة الدولة لحين الانتهاء من الأزمة، ولكن أن نكون في ظل وباء، وتطالب المستشفيات الخاصة بـ 40 ألف جنيه لعلاج مريض كورونا، هذا استغلال واضح، كما أن الدول في حالات الحروب يحق لها أن تحتكر السلع الاستراتيجية كالغذاء والطاقة، وفي زمن الأوبئة عليها أن تحتكر المستشفيات وعلاج المرضى.

حكومة الوفد وفي أثناء الحرب العالمية الثانية أصدرت أول قانون لتنظيم إيجارات المساكن ومنعت طرد السكان من المنازل لمدد محددة وهكذا.

 هل كشفت الأزمة وإدارتها عن تهالك النظام الصحي؟

فعلا الأزمة كشفت للحكومة حقيقة وضع النظام الصحي المصري، ولو عملوا بنفس الكفاءة التي عملوا بها في إدارة الأزمة أعتقد سيكون هناك معالجات مهمة للنظام الصحي، لكن يجب زيادة ميزانية الصحة لتصل إلى النسبة المقررة في الدستور، وأن تستكمل مشروع التأمين الشامل.

لن تكون هناك نهضة بدون توافق وطني عام

ما المؤشرات التي كشفتها إدارة الحكومة لأزمة كورونا؟

إدارة الحكومة لأزمة كورونا كشفت مؤشرين، الأول كفاءة البيروقراطية المصرية في إدارة الأزمات، والتعاطي مع الوقائع على الأرض، والثاني مؤشر سياسي، مفاده بأن الحكومة لديها استعداد كامل للنقاش حول أي من السياسات، التي تنفذها إلا سياساتها بشأن الحريات وحقوق الإنسان المدنية والسياسية، هي تقبل النقد والمراجعة بشأن كل سياساتها، وفي بعض الأحيان تطلب النصح والمشورة من المتخصصين، لكن ليس لديها أي استعداد للنقاش حول الحريات المدنية بما في ذلك حريات التعبير أو على أية أفكار قد تؤدي إلى تداول السلطة، وهذا المؤشر كشفته حجم الاستجابة لمناشدات الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا والمحبوسين بشكل عام أثناء تفشي الوباء، تم الإفراج عن أعداد كبيرة من المحبوسين سواء بعفو رئاسي أو بقرارات من النائب العام، على أن الملاحظة الأساسية أنه لم يكن من بين تلك الأعداد الكبيرة إلا عدد صغير جدًا جدًا من المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية وبخاصة حريات التعبير، بالإضافة بالطبع إلى كل من لهم علاقة من قريب أو بعيد بثورة 25 يناير، وهؤلاء في ظني لن يسمح بالإفراج عنهم على الأقل في الوقت الحالي .

ثورة يناير

الحكومة تريد مجتمع مدني غير مستقل بالكامل ويتوافق مع مشروعها

لكن هذا يختلف مع الخطاب الرسمي للدولة بأن “يناير ” ثورة عظيمة؟

غير حقيقي، هناك قناعة أن يناير سبب لكل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها، بل وحتى مشاكل الحدود والمياه، هناك من لديه يقين أنه لولا ثورة يناير لما حدث أي شيء مما يحدث الآن، لا ليبيا، ولا إثيوبيا، ولا سيناء، و هذا طبيعي، وليس له علاقة بمصر، وحكوماتها، لكننا لا نقرأ التاريخ، فكل من يصنعون التغيير يدفعون الثمن من حريتهم ومن حياتهم في بعض الأحيان.

قبل 1952 كل من كانوا يطالبون بزوال الملكية وتحقيق العدالة الاجتماعية وشاركوا في طرد الملك دفعوا الثمن، والثورة الفرنسية كل من شارك فيها دفع الثمن، الثورة الإيرانية كذلك.

 

لا يمكن أن نصبح دولة متطورة بدون مجتمع مدني قوي

معنى ذلك أنه من غير المتوقع حدوث انفراجة في قضية المحبوسين احتياطيًا قريبًا؟

لا أعتقد، على الأقل بالنسبة للمتهمين في قضايا حريات التعبير المختلفة أو الحق في التجمع والتنظيم، البرلمان قام منذ ثلاثة أشهر بصياغة قانون يمنع خروج من تم الحكم عليه في قضية تظاهر، أو نشاط يكدر الأمن والسلم العام، وبناء على هذا القانون حتى رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يأمر بالإفراج عن هؤلاء بقرارات العفو الرئاسي، ولذلك تم الإفراج عن مسجونين جنائيين في هذه القرارات.

بالنسبة للمحبوسين احتياطيا واضح أن النيابة العامة تتبني هذا النهج، فهي شديدة مع المتهمين بتهم تتعلق بحريات التعبير أو الحق في التجمع السلمي بشكل عام، والنائب العام يصدر بعض القرارات بالإفراج عن البعض منهم ولكنهم لا يمثلون نسبة معقولة من المحبوسين احتياطيًا الذين تتعالى الأصوات من حين إلى حين بالإفراج عنهم.

 الحكومة أدارت أزمة كورونا بكفاءة واحترافية واستجابت لكل احتياجات المجتمع

لكن بالفعل تم الإفراج عن الدكتور حسن نافعة والدكتور حازم عبد العظيم وتقريبًا كل متهمي قضية الأمل باستثناء من حُكم عليه في قضايا أخرى؟

هذه استثناءات، وتم الإفراج عن معصوم مرزوق ورفاقه قبل ذلك، وأيضًا شادي الغزالي حرب وغيره، ولكن هذه تظل استثناءات، والحقيقة أنه بدون حوار صريح وواضح لن يخرج أحد، ولن يتغير الوضع، عبد الناصر لم يفرج عن الشيوعيين إلا بعد حوار تم معهم ومع قياداتهم داخل السجون وخارجها، وأسفر عن إعلان حل الحزب الشيوعي.

وفي عهد مبارك تم إدارة حوارات صريحة وواضحة مع قادة الجماعات الإسلامية، أسفرت عن المراجعات الفكرية الشهيرة.

مصر تحتاج اليوم إلى من يملك الجرأة ويطرح فكرة الحوار، ويصل إلى تفاهمات مع ما يمكن أن نطلق عليهم شركاء 30 يونيو كخطوة أولى على الأقل.

الحوار لا يقلل من طرف ويرفع من آخر، وبدون شجاعة لدى قيادات الدولة ومسؤوليها، وتحمسها لفكرة  قيادة حوار مع شركاء 30 يونيو على الأقل، لن يخرج أحد، ولن يتغير الوضع الحالي، ولابد أن تدرك الدولة أنها لن تستطيع الاستمرار بنفس النهج، حتى عبد الناصر في عز سلطته كان يتجه للحوار والمعالجات السياسية، والحوار لن يكون مثمرًا إلا إذا بدأته الدولة، لأنها الطرف الأقوى في المعادلة، هي من تضع الحدود للمباح والممنوع في علاقتها مع المجتمع.

 تيارات داخل الدولة تريد معارضة لديها إدراك لوضع مصر الإقليمي والدولي

هل يمكن أن تكون كورونا سببًا للحوار  أوإيجاد سبيل لحلحلة الوضع الراهن؟

الدولة لديها تصور، أن اختفاء السياسيين والنشطاء القدامى، ونسيان الناس لهم ضروري، ثم تخرج معارضة جديدة، ووجوه جديدة، لديها القدرة على التعامل مع الوضع الحالي، وفق تصور جديد، لتحتل هي المشهد.

ببساطة هذا التصور يعني أنه لا يمكن الحديث عن حل جذري في اللحظة الحالية، لكن في المقابل يمكن أن نسمح للناس بالتعبير عن أنفسهم ولو في حدود معروفه كهدنة لالتقاط الأنفاس، بما يعطي أملًا في حدوث تقدم أوسع في المستقبل.

لا يمكن الحديث في الوقت الحالي عن حل جذري لقضية المعارضة في مصر

السياسات الاقتصادية

 

هل نجحت الحكومة في تغييب المجتمع المدني؟

لا، لم تغيبه، لكن الحكومة تريد مجتمعًا مدنيًا يعمل وفق رؤيتها وخطتها وربما تموله الدولة نفسها، بلا أي نفوذ خارجي أو داخلي، هذا ما تريده الدولة بالشكل الحالي.

البعض يرى أن القانون الجديد للمجتمع المدني كاف؟

اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر رغم مرور أكثر من عام على صدور القانون نفسه، ورغم أن القانون حدد مدة 6 أشهر لإصدارها، وأعتقد أنها لن تصدر قريبًا جدًا لأن الدولة والرئيس والمقربين منه والنافذين في الحكومة لديهم مشروع يعملون عليه، فما يوافق خططي نبدأ به، أما ما يعطلني فننحيه جانبًا، غير ذلك هوامش.

وما هي ملامح هذا المشروع؟

هو إعادة إحياء مشروع الخديو إسماعيل الذي أرهقته الديون الكبيرة، ومشروع إسماعيل كان امتدادًا لمشروع محمد على باشا الذي أجهضته القوى الدولية، وعبد الناصر حاول إحياء مشروع محمد علي ولكن أحلامه كانت أكبر من إمكانياته، فتكالبت عليه الدول الكبرى مثل محمد علي، ثم جاء الرئيس السيسي، كان واضحا منذ البداية أن بناء الدولة وتمكين المؤسسات من ممارسة عملها هي الأولية الأولى، وأنه لا حديث عن ديمقراطية وتداول سلطات إلا بعد تقوية الدولة، هو يريد مصر حديثة وفخمة وقوية أولًا وبسرعة، وهذا يفسر صفقات الأسلحة، والمشروعات الكبرى، والعاصمة الإدارية.

 

 

وما أوجه التشابه بين ما يحدث الآن وبين المشاريع الثلاثة؟

وجه التشابه أن الحكام الأربعة يفكرون بنفس النمط، ويسلكون نفس الطريق، بناء جيش قوي، ثم نهضة عمرانية واسعة، ومحاولات لبناء نهضة اقتصادية، كل على طريقته ووفق ظروفه، وأخيرًا الاهتمام بالتعليم لخدمة المشروعات التي يقومون عليها، ثم تاليًا الصحة، وإن تبقى وقت نتكلم عن الديمقراطية أو حقوق الإنسان.

الخديو إسماعيل أراد القاهرة مثل باريس، وقد كان، قام ببناء أوبرا، وقصر عابدين ليشبه قصر فرساي، وأقام القاهرة الخديوية وسط البلد الآن، وقصر الجزيرة “ماريوت حاليًا” وشق طريق الأهرامات وبنى مدينة الإسماعيلية وشق السكة الحديد، واشترى لقب خديو من السلطان العثماني لظنه أن حاكم مصر أكبر من أن يكون مجرد والي، إسماعيل لم يكن لصًا، رهن الرجل أملاكه الخاصة في نهاية أيام حكمه ليستدين بضمانها، ولكن في النهاية تسببت تلك الديون الضخمة في عزله ونفيه.

 كان يجب على وزارة الصحة إجبار المستشفيات الخاصة على الخضوع للتسعيرة التي أعلنتها مثلما حدث في السعودية وإسبانيا

لكن في مقابل ما تسميه نهضة.. هناك إسراف في سياسات الحكومة الاقتصادية؟

ولذلك أعتبر أن تلك السياسات هي امتداد لسياسات الخديوي إسماعيل، ففكرته كانت أن الحكومة واجهة الوطن، ولا يجب أن تتقشف، ولكن من الممكن أن يتقشف الناس، لكن في ظني أنه لو كان لدينا، أو لدى الخديوي إسماعيل، توافقًا وطنيًا عاليًا فكان من الممكن أن تمر تلك السياسات، بل وأن تُثمر أيضًا، ما يجب أن يعرفه الرئيس والحكومة، أن المشاريع الفردية أثبتت فشلها تمامًا، وإن لم يكن هناك بيئة سياسية حاضنة للسياسات الاقتصادية، أو توافق وطني حولها فلن تنجح.

لابد من الإفراج عن المحبوسين.. ومن يراهن على تدميرهم نفسيًا عليه مراجعة نفسه

الإفراج عن السجناء

 

هل يمكن أن تتبنى مصر مشروع نهضة خلال العشرية القادمة؟

بدون توافق وليس اتفاق وطني عام لا مشاريع ولا نهضة، سيبني الرئيس في كل قرية أوبرا، وسيكون لكل مواطن سيارة، ولكن بدون توافق ليس لكل هذا معنى، يجب تصفية بؤر التوتر داخل المجتمع، طبعًا من المفهوم أن الدولة تستطيع أن تتعايش مع التوترات السياسية لفترات طويلة، فلا أحد يستطيع هزيمة الدولة، ولكنها لن تنهض إلا عبر توافق وطني، وهو ما اكتشفه عبد الناصر بعد هزيمه 1967 وكان من نتيجته إصدار بيان 30 مارس الشهير .

الأهم أن يعرف من يحكمون من هم أعداء الدولة الحقيقيون، هل هما حسام مؤنس وزياد العليمي وغيرهما من شباب وشيوخ تكتل 30 يونيو؟ هل هما كما كتب محمد الباز علاء الأسواني وحافظ الميرازي؟ هل يصدق أحد أن من عمل لإسقاط حكم الإخوان ممكن أن يتحالف لعودتهم إلى الحكم؟، أم أن الأعداء الحقيقيين هم الإخوان وغيرهم ممن يريدون فرض تصوراتهم العقدية على الناس بالقوة ويخلطون الدين بالسياسة؟.

هل يجوز أن نصل إلى وقت تكون فيه كل عناوين الصفحات الأولى في الصحف متشابهة إلى درجة أنك لا تستطيع التفرقة بين صحيفة وأخرى؟، هل هذا يساعد أي مشروع نهضوي حقيقي؟، في عز دولة عبد الناصر كان لكل مؤسسة هويتها، فكانت الجمهورية مثلاً معروف أنها تجمع يعرض أفكار اليسار، والأهرام هي صوت الدولة الرسمي، والأخبار هي صحيفة الخبر المثير والتحقيق السريع، النهضة طريقها إدارة الخلافات داخل المجتمع عن طريق الحوار، ليس بالضرورة أن نتفق على كل شىء، مفيش ناس بتتفق على رأي ورؤية واحدة، دي طبيعة البشر.

وعلى الحكومة ترك مساحة حركة وحرية عمل للمجتمع المدني، يتوافق على مشروعها وليس بالضرورة أن يتفق مع تفاصيله، فلا يمكن أن نصبح دولة متطورة ونرغب في التحديث بدون مجتمع مدني قوي، علينا أن نطبق القانون، ويشارك المجتمع المدني في مسؤوليات تتحملها عنه الدولة.

نجاد البرعي: أي حديث عن نهضة لا معنى له بدون توافق وطني

يجب أن نجد طريقة للإفراج عن المحبوسين ومداواة جراحهم وأسرهم، لن يظلوا طوال العمر داخل السجون، الذين يراهنون على خروجهم مدمرين نفسيًا أو صحيًا عليهم أن يراجعوا أنفسهم، المؤكد أن بعضهم على الأقل سيخرج وهو يحمل في داخله الرغبة في الانتقام، وهو ما يجعل الحوار معهم مستحيلًا.

لابد أن تعرف الحكومة أن الأزمة الحقيقية ستنتهي عندما تنتقل الدولة من حالة محاربة الجميع، لأنها لا تعرف بالضبط من أين تأتيها الضربات، إلى حالة معرفة عدوها بوضوح، وأن تحدده، وأن تُقيّم خطورته، وأن تتعامل معه على قدر الخطورة وفي حدود الضرورة، وقتها سيكون لها مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي تنفذه وتلتف حوله جميع التيارات وتدفعه إلى الامام، وقتها ستكون مصر فعلا “أد الدنيا”.