يستعد الإعلام المصري لاستقبال عدد من الوجوه البارزة التي غابت عن المشهد على مدار السنوات الثلاث الماضية، لأسباب مختلفة، وسط آمال عريضة من المتابعين بأن تصلح الإضافات “الجديدة القديمة” الإخفاقات المتتالية، وتعيد للإعلام رونقه الذي فقده خلال السنوات الماضية، وأن يكون ذلك مؤشرًا لرفع سقف حرية الإعلام، ومن ثم مناقشة قضايا وهموم المواطن، وطرح وجهات النظر المختلفة.

الساحة الإعلامية المصرية، ستشهد خلال الفترة القليلة المقبلة ظهور أسماء بارزة اختفت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وما تلاها، لعل أهمها الكاتب الصحفي والإعلامي البارز إبراهيم عيسى، والذي اختفى عن الشاشة منذ منتصف 2018، بعد إنهاء مجموعة قنوات on التعاقد معه، عقب إذاعة برنامجه البعيد عن السياسة، “حوش عيسى” بحوالي 4 أشهر، ليقتصر ظهوره على برنامج “مختلف عليه” عبر فضائية الحرة الأمريكية.

وعلى نفس المنوال، يعود رئيس تحرير صحيفتي المصري اليوم والوطن السابق، مجدي الجلاد، إلى الشاشة هو الآخر، بعد إيقاف برنامجه “معالي المواطن” الذي كان يذاع عبر قناة الحياة في منتصف عام 2017، ليبتعد عن الشاشة “نهائيًا”، ويكتفي خلال تلك الفترة برئاسة تحرير مؤسسة “أونا للصحافة والإعلام”.

 

 

الإعلامي خيري رمضان، يعود للظهور أيضًا، بعد غيابه منذ يوليو 2018، نتيجة الأزمة التي تعرض لها في برنامجه “مصر النهارده” على القناة الأولى بالتلفزيون المصري، مع وزارة الداخلية، وانتهت بإخلاء سبيله بكفالة 10 آلاف جنيه في اتهامه بالإساءة إلى جهاز الشرطة، وعدم ظهوره خلال العامين الماضيين، قبل أن يظهر اسمه ضمن العائدين خلال الفترة المقبلة.

كما يعود الإعلامي معتز الدمرداش إلى الشاشة مرة أخرى بعد  أكثر من ثلاث سنوات احتجب فيها عن جمهوره، حيث كانت آخر محطاته الإعلامية، تقديم برنامجه “آخر النهار” على قناة “النهار”، ليختفي عن المشهد هو الآخر.

“خطة العودة”

قرار عودة الأسماء المطروحة، أحدث حالة من الفرحة عند بعض متابعي القنوات الفضائية، متمنين أن يتبع ذلك تنوع في كافة وسائل الإعلام المصري، وأن يساهم بشكل كبير في رفع سقف حرية الإعلام في البلاد، وتبني العديد من القضايا التي تهم الرأي العام المصري وعرضها بصورة أكثر حيوية وموضوعية، تمكن المتابع من تكوين وجهة نظر صحيحة حول القضايا المطروحة، وتبين أوجه الخلل، عبر مجموعة من الخبراء وأصحاب الرأي، بعيدًا عن الإطارات المحددة.

التقارير الإعلامية المصرية، أشارت إلى أن “الجلاد وعيسى ورمضان”، سيعودون خلال الفترة المقبلة من خلال برنامج “حديث القاهرة” عبر قناة النهار، وسط تأكيدات أن البرنامج الجديد، سينضم إليه عدد من الوجوه القديمة الموجودة بالفعل على القناة، أبرزها محمد على خير وسالي عبد السلام وكريمة عوض ومروان يونس وخالد بيومي، ويشرف عليه الكاتب الصحفي والإعلامي محمد هاني رئيس قنوات cbc سابقًا، والذي أعلن اعتزال العمل التليفزيوني، في نوفمبر 2018.

وتأتي هذه الخطوة، ضمن خطة بدأت قناة النهار برئاسة رجل الأعمال علاء الكحكي في تنفيذها خلال الشهر الماضي، حيث تولى الكاتب الصحفي سامي عبد الراضي، رئاسة تحرير شبكة تلفزيون النهار، فضلا عن التعاقد مع رئيس مجلسي الإدارة والتحرير في صحيفة الدستور محمد الباز لتقديم برنامج “آخر النهار”، وإطلاق برنامج جديد يحمل اسم “باب الخلق” يقدمه الإعلامي محمود سعد، فضلًا عن برنامج “أوضة اللبس” الذي يقدمه لاعب الزمالك السابق أحمد حسام ميدو، وانضمام الإعلامية راغدة شلهوب لتقديم برنامج جديد، بالإضافة إلى التعاقد مع ريم البارودي لتقديم برنامج “شارع النهار”.

أما الإعلامي معتز الدمرداش، فسيظهر هذه المرة من خلال قناة النادي الأهلي، حيث سيقدم برنامج “توك شو” ضمن خطة شركة لايف والتي حصلت مؤخرًا على حقوق إدارة قناة الأهلي، لتطوير القناة.

في الوقت ذاته، يعود الإعلامي أسامة كمال إلى المشهد هو الآخر بعد توقف عدة أشهر، عبر تقديم برنامج الـ”توك شو” الرئيسي “90 دقيقة”، على قناة المحور.

“تنوع جيد”

من جانبه، قال عميد كلية الإعلام في جامعة القاهرة سابقًا، الدكتور سامي عبد العزيز، إن عودة بعض الوجوه الإعلامية إلى الساحة من جديد، بعد انقطاع وصل في بعض الحالات حوالي 3 سنوات أو أكثر، مؤشر جيد وإيجابي جدًا، على أن النظام الحالي ليس لديه أي تحفظات على هذه الأسماء، وأنه يسعى إلى إحداث تنوع في الإعلام المصري خلال الفترة المقبلة.

وذكر “عبد العزيز” في تصريحات خاصة أن عودة رمضان والجلاد وعيسى والدمرداش، ستثري الشاشات المصرية بشكل كبير، وستساهم بشكل جيد في إحداث نقلة نوعية في المادة الإعلامية، لافتًا إلى أن تلك الخطوة تُعد دليلًا على سعي الدولة إلى رفع سقف حرية الإعلام في المرحلة المقبلة.

وأشار  إلى أن عودة الإعلاميين عموما لها دلالاتها الواضحة إعلامياً وسياسياً فضلاً عما نشر من أخبار لتدعيم عناصر موجودة لإثراء القنوات بأفكار ووجوه جديدة، مشيرًا إلى أن كل دم جديد يتدفق في شرايين الإعلام المصري وبعيداً عن المصطلحات الرنانة يحقق أهم غاية: “أن يعطي المواطن المصري عيونه وآذانه لإعلامه المصري”.

 

“لا تغيير”

بدوره، امتدح الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبد العزيز، قرار عودة الإعلاميين، مؤكدًا أن الأسماء السابقة معروف عنها فهمها الواسع لطبيعة المهنة، ولديها ميراث من الممارسة المهنية الجيدة، وقطاعات جماهيرية، وبالتالي فإن عودتها من الممكن أن تمد الصناعة بالحيوية التي تفتقدها حاليًا، وبدرجة من التعدد والتنوع في عرض المحتوى الإعلامي.

وأشار “عبد العزيز” إلى أن الفترة السابقة شهدت اختفاء عدد من الإعلاميين البارزين لأسباب مختلفة بعضها “اقتصادية، ورؤى غير فنية”، منوهًا بأن قرارات العودة لا تشير إلى استراتيجية جديدة في المجال الإعلامي، ولكنها تشير إلى إحداث قدر من التنوع في الوجوه الموجودة على الشاشة.

وشدد على أنه لا توجد أي مؤشرات بشأن حدوث تغييرات استراتيجية في اختيارات القصص، واختيار المصادر تؤكد رفع سقف حرية الإعلام، مبينا أن إحداث التغيير يتوقف على اختيارات القصص والمصادر التي ستُعرض من خلال البرامج الجديدة، وطالما سنبقى ندور في إطار نفس القصص الحاضرة والمستبعدة، فاستبدال أسماء مذيعين لا يعني تغييرًا استراتيجيًا.