بعد مرور أكثر من 6 أشهر علي اجتياح فيروس كورونا المستجد لأكثر من 190 دولة، حيث أصاب 13 مليون شخصًا، حول العالم، منذ ظهوره الأول في مدينة ووهان الصينية، في شهر ديسمبر الماضي، ولايزال الغموض مُستمرًا حول ظهور الفيروس وطرق علاجه وأعراضه التي تشابه أوبئة أخرى.

وتتصدر الولايات المتحدة، قائمة الدول الأكثر إصابة بالوباء وتليها البرازيل والهند، حيث صنفت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا “كوفيد-19″، كوباء عالمي في الحادي عشر من مارس الماضي .

تستر الصين على انتشار كورونا

مازال الموعد الرسمي لظهور الوباء، سؤالًا يحير  العلماء ودول في العالم، خاصة بعدما ظهرت تصريحات جديدة لعلماء وخبراء صينين فروا إلى الولايات المتحدة وأوروبا خلال الأشهر الماضية، كشفوا روايات “صادمة” تتعلق بالاتهامات الموجهة للصين بشأن تسترها على تفشي الوباء، في بداية انتشاره في ديسمبر الماضي، ولم تبلغ العالم بخطورة الوباء في الوقت المناسب حتى تتخذ بقية الدول احتياطاتها اللازمة.

وما يُعزز فرضية أن يكون الفيروس، قد  ظهر في الصين قبل الإعلان عنه رسميًا، تصريح البطلة الفرنسية إيلودي كلوفيل المتخصصة في المسابقات الخماسية العسكرية، والتي أعلنت في مقابلة مع قناة محلية فرنسية في مارس الماضي، أن الكثير من الرياضيين الذين شاركوا في الألعاب العسكرية العالمية في ووهان في أكتوبر 2019، قد تعرضوا لوعكة صحية صعبة جدًا.

بينما أكدت صحيفة “ساترداي تلغراف” الأسترالية، أن “الصين كذبت على العالم بشأن تفشي فيروس كورونا، وأسكتت الأطباء الذين حاولوا التحدث عن الفيروس في وقت مبكر، ودمرت الأدلة في المختبرات، ورفضت تقديم عينات للعلماء الذين سعوا لإيجاد لقاحًا للفيروس”، وهو ما يتفق مع ادعاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن بكين هي المسئولة عن انتشار الجائحة .

في 20 يناير الماضي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، أن فيروس كورونا مرض معد ينتقل بين البشر، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قنغ شوانغ، إن بلاده أطلعت منظمة الصحة العالمية والدول المعنية حول الوباء منذ ظهوره لأول مرة.

من جهتها، ترى الصين، أن القضية “مُسيسة” من جانب الولايات المتحدة والغرب، وترفض بكين الاتهامات التي تحملها المسؤولية عن تفشي فيروس كورونا .

إجراءات الدول لمكافحة الجائحة

أجبر الوباء العديد من دول العالم، على اتخاذ إجراءات استثنائية، حيث بدأت بتوقيف حركة الطيران مع العالم الخارجي، وفرض الحجر الصحي على القادمين من الدول التي ظهر فيها الفيروس بكثافة، وتطبيق استراتيجية التباعد الاجتماعي من خلال فرض العمل عن بُعد في المؤسسات الحكومية والخاصة، وصولاً إلى فرض حظر التجول الكلي أو الجزئي وإغلاق بعض المناطق والمدن، وذلك للسيطرة علي الفيروس ومنع انتشاره .

أما بعض الدول، كالسويد وهولندا، وبيلاروسيا، اتبعت نظام “مناعة القطيع” لمواجهة كورونا، هي مناعة تحصل بعد النجاة من العدوى أو من خلال التطعيم الذي تعمل عشرات المختبرات في العالم على تطويره، إلا أن العديد من الدراسات حول كورونا أكدت أن الأجسام المضادة في الدم ليست دائمًا قابلة للكشف بعد الإصابة بفترة وجيزة، خاصة عند الأشخاص الذين تظهر لديهم أعراض قليلة أو لم تظهر أصلًا

الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التى تتسببت فيها الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومات لمواجهة الفيروس كالحجر والعزل الصحى، كانت لها أثارًا عنيفة على المجتمعات، مما اضطر بعض الحكومات للمناداة بسياسة “التعايش مع كورونا” مع اتخاذ الإجراءات الصحية بعين الاعتبار .

وصرح الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أنه منذ 24 فبراير الماضي بلغ عدد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لـ  334 إجراءً قام بتنفيذها 53 جهة مختلفة على مستوى الدولة؛ لدعم الاقتصاد المصري واحتواء انتشار الفيروس، ودعم المواطنين المتضررين ودعم القطاعات المتضررة .

أكثر من 100 عقار لـ كورونا

وعقب انتشار الفيروس في عدة دول وتزايد عدد الإصابات، دخلت شركات الأدوية في معركة مع الزمن لإنتاج علاج أو لقاح للفيروس، وبحسب وكالة “رويترز”، فإنه يجري الآن اختبار وفحص أكثر من 100 عقار مضاد للوباء، معظمها أدوية مستخدمة بالفعل لعلاج أمراض أخرى، ووصل بعضها إلى مراحل متقدمة.

ودخلت دول عديدة على خط اختراع لقاحات للفيروس، مثل الصين وتايلاند وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا.

في بداية الشهر الجاري، كشفت شبكة “يورونيوز” الأجنبية، أن الولايات المتحدة الأمريكية أقدمت على شراء كافة المخزون العالمي من دواء “ريميديسيفير”، العقار الذي أثبت فعاليته في علاج المصابين بفيروس كورونا الجديد، ويباع بسعر 2340 دولار، والذي أُنتج في الأصل لعلاج المصابين بفيروس أيبولا.

يساعد دواء “ريميديسيفير”، المرضى على التعافي بسرعة أكبر من فيروس كورونا، وأظهرت النتائج الأولية من الاختبار أن هذا العقار يسرع مدة تعافي المصابين بالوباء القاتل من 15 إلى 11 يوماً.

الدواء الآخر الذي أثبت نجاحه وكان له تأثير فعال على مرضى كورونا، هو عقار “ديكساميثازون” المضاد للالتهابات، الذي ينتمي إلى عائلة “الستيرويدات”، حيث صادقت عليه الحكومة البريطانية في منصتف يونيو الماضي، كأول عقار في العالم ثبت أنه يخفض خطر الوفاة بفيروس كورونا.

مرضى بشكل دائم

منذ انتشار الفيروس، عددت منظمة الصحة العالمية، الأعراض الرئيسية له، وهي الحمى والسعال الجاف المستمر، وضيق التنفس، موضحة أن فترة حضانة الفيروس تصل إلى  14 يومًا .

ووفقًا لدراسة شملت 200 ألف مريض أشرف عليها البرفسور تيموثي سبيكتور، من جامعة لندن، ظهر أن 10بالمئة من الحالات التي تم فحصها لا تزال لديها أعراض غير مفهومة وبشكل منتظم بعد شهر من ظهور المرض.

ويخشى بعض الخبراء، من احتمال بقاء العديد من الأشخاص مرضى بشكل دائم، وتظهر تلك الأعراض وتختفي دون سبب واضح، والواقع أنه لا أحد يعرف ماذا سيحدث للمرضى على المدى البعيد.

وفي الثامن من يوليو الجاري، حذر علماء من موجة محتملة من الإصابات بتلف دماغي ناتج عن الإصابة بفيروس كورونا حيث أشارت أدلة جديدة إلى أن كوفيد-19 يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات شديدة بالجهاز العصبي من بينها الالتهاب والذهان والهذيان، بحسب دراسة أجراها باحثون في جامعة لندن .

بينما أشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة طبية بريطانية، إلى أن 78 بالمئة من المصابين بفيروس كورونا تظهر عليهم أعراض طفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض .

ويعد كبار السن وأولئك الذين يُعانون من تاريخ مرضي سابق هم الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة الشديدة بالفيروس، كما أن الرجال أكثر عرضة للوفاة بسبب الإصابة بالفيروس مقارنة بالنساء .

“الثوم وشرب المياه”.. أبرز شائعات كورونا

صاحب فيروس كورونا، الكثير من الشائعات، لاسيما علي مواقع التواصل الاجتماعي، البعض منها غير ضار نسبيًا والبعض الآخر يشكل خطرًا على الصحة العامة.

وتم تداول العديد من المنشورات عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” توصي بتناول الثوم لمنع الإصابة بفيروس كورونا، لترد منظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد دليل على أنّ تناول الثوم قد يحمي من الإصابة بكورونا.

وادعى البعض، أن “الحيوانات الأليفة” يمكن أن تنشر الفيروس، لتنفي المنظمة الأمر وتوضح بأن الكلاب قد تتعرض للإصابة بالفيروس من الناس، وليس العكس.

ونقلت إحدى المنشورات على “فيسبوك” نصيحة طبيب ياباني يوصي بشرب المياه كل 15 دقيقة لطرد أي فيروس قد يدخل الفم، وتمت مشاركة النسخة العربية من هذا المنشور أكثر من 250 ألف مرة، وتؤكد الأستاذة الجامعية، بلومفيلد، أنه لا يوجد أي دليل، على الإطلاق، على أن شرب المياه يطرد الفيروسات من الجسم.

بينما قالت شارلوت غورنيتزكا، التي تعمل على الأخبار الزائفة حول كورونا بمنظمة الصحة العالمية: “رسالة خاطئة حديثة منتشرة عبر الإنترنت، يزعم ناشروها أنها صادرة عن يونيسيف وتنصح بتجنب الآيس كريم والأطعمة الباردة الأخرى بدعوى أنها تساعد في انتشار المرض وهذا بالطبع، غير صحيح بتاتًا”.

عقوبة عدم ارتداء الكمامة

مع بدء انتشار الجائحة، لم ترى منظمة الصحة العالمية، حاجة لارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة، بل وقفت ضدها، لكن مع استمرار الوباء غيرت توصياتها وبدأت تنصح بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، ما دفع العديد من الدول إقرار ارتدائها اجبارًيا ومن يعاقب ذلك يواجه غرامات مالية.

“كورونا”  يزيد معاناة ملايين الأشخاص في العالم

حذرت منظمة “أوكسفام” الخيرية، في 9 يوليو الجاري، من أن ما يصل لقرابة 12 ألف شخص قد يموتون يوميًا بحلول نهاية العام نتيجة أزمة الغذاء المرتبطة بفيروس كورونا وتداعياته، والتي من المحتمل أن تتسبب في وفيات أكثر من المرض ذاته، واصفة إياها بـ”القشة الأخيرة”.

بينما قالت رئيسة المنظمة مارلين تيمي في برلين، في 7 يوليو، إن “الجائحة تضرب الآن بكامل قوتها في بلدان الجنوب، كثير من المصابين بالفيروس يفقدون وظائفهم، فيما يتراجع الاقتصاد ​​بشكل كبير، وأسعار المواد الغذائية ترتفع والأنظمة الصحية تعمل فوق طاقتها”.