تعكف منظمات المجتمع المدني حاليًا، على إرسال طلباتها للهيئة الوطنية للانتخابات، لمتابعة انتخابات مجلس الشيوخ المقرر عقدها الشهر المقبل، فهل ستختلف المراقبة عن ذي قبل بسبب كورونا، حيث اختلف متخصصون حول تأُثير الجائحة على شكل الانتخابات وخروقات الدعاية أوالرشاوى الانتخابية؟.

تأثير مؤكد

رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، يقول إن جائحة كورونا ستؤثر حتمًا على آلية مراقبة المنظمات وملاحظاتها، مثل رصد اشتراطات التباعد الاجتماعي والمسافات الآمنة والتعقيم وارتداء الكمامات، سواء داخل اللجان من قبل القائمين على عملية الاقتراع أو خارج اللجان من قبل الناخبين.

كما يرى “أبوسعدة” أنه في حال توزيع كمامات، أو أدوات تطهير على الناخبين أمام اللجان من قبل المرشحين أو الأحزاب، فلن تعتبره المنظمة ضمن الرشاوى الانتخابية أو عملية كسر الصمت الانتخابي، معللا ذلك بأن الأهم الحفاظ على حياة الجماهير وأن توزيع مثل هذه الأدوات أمر محمود.

ويُرجح رئيس “المصرية لحقوق الإنسان”، انخفاض الإقبال في انتخابات مجلس الشيوخ بسبب فيروس كورونا، قائلا: “كافة أماكن التجمعات التي أعادت عملها بشكل جزئي مثل المقاهي والمطاعم مازال الإقبال عليها ضعيفًا بسبب خوف المواطنين، والانتخابات جزء من التجمعات”، مشيرًا إلى أن المنظمة تقدمت للهيئة الوطنية للانتخابات بطلب لاستخراج تصاريح لـ 1000 مراقب.

منذ 2005

متابعة منظمات المجتمع المدني، للعملية الانتخابية، بدأت منذ عام 2005، وجاء تنظيمها وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية، الذي جعل مراقبة المنظمات من اختصاص اللجنة العليا للانتخابات، بموجب تعديل القانون رقم 173 لسنة 1956.

ويقتصر اختصاص المنظمات على رصد وتتبع وملاحظة مراحل العملية الانتخابية دون التدخل في سيرها أو إعاقتها، أو التأثير على الناخبين أو الدعاية للمرشحين أو الأحزاب السياسية.

فيما ينتوي المجلس القومي لحقوق الإنسان، متابعة الانتخابات بـ170 مراقبًا ضمن أعضاء الأمانة الفنية للمجلس، وتعقد لجنة الحقوق المدنية والسياسية الأربعاء المقبل، اجتماعًا لتدشين غرفة عمليات حول آلية المراقبة وتوزيع الباحثين على محافظات مصر.

خروقات سابقة

ويتفق رئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية بالمجلس، جورج إسحق، مع “أبوسعدة” حول عدم اعتبار توزيع مواد مطهرة وكمامات ضمن الخروقات أو الرشاوى الانتخابية.

وبحسب تقرير المجلس في متابعة الاستفتاء على بعض التعديلات الدستورية، والتي جرت أبريل العام الماضي، فقد رصد “التأثير على إرادة الناخبين من خلال توزيع مواد غذائية عليهم في محيط عدد من اللجان، وتقديم بعض الخدمات الطبية المجانية للمشاركين في عملية الاستفتاء عبر أحد الأحزاب الداعمة للتعديلات الدستورية”.

كما رصد “القومي لحقوق الإنسان”، “استخدام عدد من السيارات التي تحمل شارات وعبارات لبعض الأحزاب السياسية والشركات، من شأنها توجيه إرادة الناخبين، وتوفير نقل جماعي للعمالة الوافدة إلى مقار اللجان، والتي اعتبرها المجلس آنذاك مخالفات شابت العملية الانتخابية بحسب بيانه الصادر عقب عملية الاقتراع.

مخالفة انتخابية

في المقابل يؤكد رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان سعيد عبد الحافظ، أنه في حالة توزيع كمامات ومواد مطهرة في ظل جائحة كورونا من قبل مرشحين أو أحزاب، فإن هذا يُعتبر رشوة انتخابية، وستصنفها المؤسسة في تقرريها بمخالفة انتخابية.

ويشير “عبد الحافظ” إلى أن المؤسسة، ستدفع بـ1000 مراقب في انتخابات مجلس الشيوخ على مستوى 11 محافظة، لافتًا إلى أن الأيام القادمة، ستشهد تدريبات للمتابعين بشأن عملية المراقبة ومستجداتها في ظل الجائحة.

وبالرجوع إلى إجراء آخر انتخابات برلمانية عام 2015، فقد شهدت ما وصف بـ”تفشي ظاهرة استخدام المال السياسي لرشوة قطاعات من الناخبين، بحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان، حيث أعربت عن قلقها حيال ذلك.

وأكدت المنظمة حينها، أن هذه الظاهرة سلبية وخطيرة، وسجلتها مختلف تقارير المنظمات المتابعة والمراقبين بصفة عامة، كما أيدتها التغطيات الإعلامية، فضلاً عن شكاوى وطعون العشرات من المرشحين الخاسرين في الجولة الأولى.

قواعد الدعاية

ويقول أمين عام المنظمة علاء شلبي، إن الهيئة الوطنية للانتخابات، هي التي ستضع قواعد الدعاية الانتخابية وعلى أساسها سيتحدد ما إذا كان توزيع أي مواد مطهرة ووقائية سيندرج تحت بند الرشاوى من عدمه.

ويضيف “شلبي”: “الشعب المصري اختلف كثيرًا عما كان عليه قبل 2011 و2013، ومحاولة شراء صوته أصبحت أمرًا نادر الحدوث، لافتًا إلى أن القاعدة الأساسية لمراقبي الانتخابات هي متابعة تعليمات تنفيذ قواعد الهيئة الوطنية للانتخابات.

ويشير أمين عام المنظمة، إلى أن المراقبين يرصدون كل شيء، من أول الإقبال والتعامل داخل اللجان وخارجها، قائلا: “إذا ارتأى المراقب أن الدعاية الانتخابية في محيط اللجان ستعتبر كسرًا للصمت الانتخابي، وستؤثر على توجيه الناخبين، فسيتم تصنيفها رشوة انتخابية”.

ويطالب “شلبي” الهيئة الوطنية للانتخابات، بفرض هيمنتها على أي أشكال من أشكال الخروقات التي من الممكن حدوثها، خاصة أن القضاة رؤساء اللجان يحق لهم السلطة داخل وخارج اللجنة.

 دعاية جديدة

وبين اختلاف الرؤى حول شكل الخروقات الجديدة التي ستفرضها انتخابات كورونا، يعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي عبد الحميد زيد، أن الجائحة ستفرض شكلًا مختلفًا وجديدًا من الدعاية الانتخابية، خاصة الإلكترونية منها، وذلك قبل أيام من الاقتراع.

ويضيف “انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب كانت تعتمد على القبلية وزيارات المرشحين المنزلية لأهالي منطقتهم، والاجتماع بهم في مؤتمرات جماهيرية قبل إجراء التصويت، أما الاقتراع في ظل الجائحة، فستدفع الأحزاب والمرشحين إلى تبني أشكال أخرى من الدعاية مثل الميكروفونات، أو توزيع كمامات ومواد مطهرة، أو مواد غذائية مثلما حدث في الاستفتاء”.

ويؤكد “زيد” أنه إذا تم توزيع أي مواد عينية، تموينية أو مطهرات، فستصنف ضمن الرشاوى الانتخابية، وخرقًا للصمت الانتخابي”.

المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تكفل الحق لكل فرد في الاشتراك بإدارة الشئون العامة لبلاده.