بصيص أمل يلوح في الأفق، ليطمئن قلوب المصريين، بإعلان وزارة الصحة خلال الأيام السابقة عن انخفاض أعداد الإصابة بفيروس كورونا المستجد داخل البلاد، وحدث ذلك تدريجيًا، حيث تراجعت أعداد الإصابة من نحو 1500 حالة إلى 900 تقريبًا في اليوم.

ربط البعض انخفاض أعداد الإصابة في البلاد بارتفاع درجات الحرارة، معتبرين فصل الصيف هو السبب، نظرًا لضعف الفيروس في درجات الحرارة المرتفعة خاصًة خلال شهر يوليو/تموز، فهل للجو الحار فضل في تراجع أعداد الإصابات؟

درجات الحرارة والفيروسات التاجية

“عُرفت الفيروسات التاجية على مر السنين الماضية بكون الحرارة هي عدوها الأول، ويظهر ذلك عندما نقارن حالات الإصابة بالإنفلونزا في فصل الصيف والشتاء، فعلى الرغم من وجود حالات خلال فصل الصيف إلا أنه يمكن أن تعد على أصابع اليد”، هكذا بدأ الدكتور هاني الناظر، استشاري الأمراض الجلدية، ورئيس مركز البحوث السابق حديثه.

وأضاف أنه عندما ضرب السارس الشرق الأوسط، سقط إثر الإصابة به أعداد كبيرة من المواطنين، فقد تسبب في وفاة الآلاف خلال فترة انتشاره، وبمجرد أن بدأت درجات الحرارة في الارتفاع بدأ “السارس” في الاختفاء، وحتى إذا أصيب به شخص كانت أعراضه تُعتبر أقل شراسة وفتكًا من قبل.

وعن كورونا والحرارة قال “الناظر” إنه أحد الأشكال التاجية التي تتأثر بشكل كبير بالحرارة، لذا مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير لوحظ قلة أعداد الإصابة بالفيروس، مع التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية من كمامات وغيرها.

آلية تأثير الحرارة على كورونا

شرح استشاري الأمراض الجلدية كيفية تأثير الحرارة على الفيروسات ومن ضمنها فيروس كورونا المستجد، قائلًا “إن الفيروسات التاجية تحيط بها مادة دهنية لتحميها من كل التأثيرات الخارجية عليها، وفي فصل الشتاء تتجمد تلك الطبقة، وتحميها، كما تعطيها ما يشبه المناعة ضد كل العوامل الخارجية، لذا تجد الفيروس في أقوى مراحله.

وعن سبب ضعف الفيروسات التاجية ومن ضمنها كورونا في فصل الصيف، قال “الناظر” إن الصيف يتسبب في ذوبان تلك الدهون المحيطة بالفيروس، وهنا يمكن أن يتأثر بالعوامل الخارجية بسهولة، وتضعف أعراضه، كما أن الفيروس يهلك سريعًا، لذا نصحت العديد من الدراسات العالمية بضرورة التواجد في درجات حرارة عالية خلال فصل الصيف”.

كورونا داخل المختبرات

ومن جانبه قال الدكتور باسكوالي ماريو باكو، متخصص الطب الشرعي في مؤسسة “ميلام” المتخصصة في الطب المهني بإيطاليا، إنهم أجروا العديد من التجارب على فيروس كورونا المستجد داخل المؤسسة، وأتاح عدد الإصابات الكبير داخل البلاد توفير عينات كثيرة، خاصة وأنهم في فترة ما كانوا لا يجدون أماكن للمصابين في المستشفيات.

وأضاف الطبيب الإيطالي أنه يجري التجارب على المرضى والمتوفين هو و 13 طبيبًا شرعيًا آخرين، مشيرًا إلى أن الفيروس يقل نشاطه عند درجة حرارة 35 درجة مئوية، وذلك منهج عائلة الفيروسات التاجية التي يعتبر فيروس كورونا المستجد أحدث أفرداها.

أعداد غير حقيقية

أما عن السؤال الذي أثار الجدل خلال الفترة الماضية، فكان بشأن حقيقة أعداد الإصابة داخل البلاد، فمنذ إعلان وزارة الصحة المصرية عن العزل المنزلي، وتطبيق بروتوكول كورونا على المرضي في المنزل، قلت الأعداد بشكل ملحوظ.

وتعليقًا على ذلك قال الدكتور محمد عز العرب، استشاري الكبد ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، إن أعداد الإصابة بفيروس كورونا المستجد في مصر خمسة أضعاف التي تعلنها وزارة الصحة، وذلك بسبب وجود حالات كثيرة في العزل المنزلي، لا يتم إدراجها ضمن البيان اليومي.

وأضاف أنه على الرغم من ذلك إلا أن أعداد الحالات المترددة على المستشفيات عقب إصابتها تقل بشكل ملحوظ وذلك يبشر بانتهاء ذروة فيروس كورونا داخل البلاد.

وأكد “عز العرب” على كون ذروة فيروس كورونا المستجد لا يمكن تحديدها إلا بعد أن تبدأ الأعداد في الانخفاض وتلك هي المرحلة التي تمر بها البلاد حاليًا، ما يبشر بضعف تأثير الفيروس الفتاك، بالإضافة إلى التأكيد على تأثير الحرارة عليه مثل فيروس سارس، وكل الفيروسات التاجية.

دراسات عالمية

نشرت مجلات علمية متخصصة، عددًا من الدراسات عن تأثير الحرارة على فيروس كورونا المستجد، ومن ضمنها تجارب أجراها باحثون بجامعة أيكس مرسيليا الفرنسية لقتل كورونا، وتطلب قتلها ارتفاع درجات الحرارة عند 92 مئوية لمدة 15 دقيقة، وفقًا لدراسة على موقع bioRxiv” في مجلة علمية.

وكان البروفيسور بوريس باستورينو، المشرف على التجربة السابقة، وهو متخصص من وحدة الأمراض الفيروسية الناشئة في جامعة إيكس مرسيليا، أكد “أن الطرق المتبعة لإبطال الفيروسات مختلفة من فيروس لآخر، فمثلًا فيروس الإيبولا تستطيع درجات الحرارة القضاء عليه عند 60 درجة مئوية”.

وأكد البروفيسر “أنه تم إجراء تجربة على عينة من فيروس كورونا، بتعريضها لدرجة حرارة 60 درجة مئوية لمدة ساعة، لكنه لم يتوقف ولم يبطل نشاطه، فجربوا تسخين العينة لدرجة حرارة 92 مئوية، وهنا وجدوا أن ذلك يقضي على الفيروس.

في كلية الطب بجامعة هارفارد، أجريت دراسة أوضحت أن كورونا يتأثر بالطقس لكن بشكل بسيط، وأكدت نتائج الباحثين أن ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف ليس السبب الوحيد في تقليل أعداد الإصابة بكورونا ما لم يلتزم المواطنون بالإجراءات الوقائية لمنع انتقاله بينهم.