لاتزال المرأة في عرف الجماعات المتطرفة مخلوق درجة ثانية، وُجد فقط لخدمة الرجل والعمل على راحته ومتعته في الحياة.

وتُعد القاعدة الرئيسية في أدبيات التعامل مع النساء داخل أروقة تلك الكيانات المتطرفة أنهن “ناقصات عقل ودين”، باعتبارها قاعدة شرعية، ما يجعلهن في حاجة دائمة للوصاية الذكورية، ويعتبرون الخروج عنها إثمًا كبيرًا قد يُبيح هدر دمها، في افتراء واضح على الإسلام الذي جاء حاملًا تكريم خاص للمرأة ومنحها حقوق لم تكن متاحة لها من قبل.

ورغم النظرة الدونية للمرأة داخل الكيانات المتطرفة، إلا أن تلك الكيانات تفننت في استغلال المرأة على مدار عقود طويلة، جعلت رحلتها داخل أروقة التطرف لم تتجاوز دور قطعة الشطرنج التي تتحرك وفقًا لتوجيهات اللاعبين، فتارة تجدها مجرد زوجة لا تقوم بشيء سوى تنفيذ رغبات زوجها وامتاعه، وتارة أداة لاستقطاب أخريات، وقد تراها مجرد واجهة لتحسين صورة التطرف.

المرأة في الإخوان.. كيان هلامي في مكتب الإرشاد

تُعد جماعة الإخوان من أكثر التيارات الدينية السياسية التي استغلت المرأة لعقود طويلة، ووظفتها فيما يخدم أهدافها المتطرفة، مع الالتزام بمفاهيم الجماعة التي تعتبر المرأة زوجة دورها إنجاب الأطفال وتوفير جو هادئ للزوج.

الأمر الذي ظهر في حديث حسن البنا مؤسس الجماعة الإرهابية، عن النساء: “يكون كمال المرأة ورقيها إذا استطاعت أن تكون فتاة عفيفة وطاهرة، راجحة العقل، نبيلة العاطفة، سامية الغاية والمطمح، صحيحة الجسم والروح، وزوجًا مخلصة ويجد فيها زوجها ما يملأ فراغ قلبه، وأما برة صالحة تقدم للإنسانية رجالًا فضلاء وذاك هو كمال المرأة الصحيح”.

وظل دور المرأة في جماعة الإخوان، يدور في رحاب الزواج من القيادات والأعضاء بالجماعة، ودعوة النساء الأخريات للانضمام إلى الجماعة، الأمر الذي تغير عام 1933، عندما استشعر البنا غضب فتيات الجماعة، لتقليل شأنهن وعدم السماح لهن بالمشاركة في أي نشاط، حيث تم إنشاء قسم “الأخوات” وكانت إحداهن تدير شئون النساء داخل الجماعة، ولكن تحت قيادة أحد أعضائها من الذكور ولم يسمح للنساء برئاستها، وكان من أبرز عضواتها آمال العشماوي، ونعيمة الهضيبي وفاطمة عبد الهادي.

وزاد الاحتياج لدور النساء في استقطاب غيرهن للانضمام إلى الجماعة، فتم عمل فرقة للأخوات أشرفت عليها لبيبة أحمد، والتي توسعت في التسعينات وأصبحت في كل دائرة من دوائر الإخوان شعبة نسائية، تحت قيادة أحد أعضاء الجماعة من الذكور، وهي الفرق التي أثارت الجدل داخل الجماعة لرفض الذكور مُشاركة النساء في الندوات التي تقام بالمركز العام للجماعة، ليضع حسن البنا لائحة الأخوات عام 1944 لتنظيم دور تلك الفرق وحصر دورها في إعداد النساء كزوجات والدور الدعوي ونشر ثقافة الحجاب في أوساط الطبقات الوسطى والعليا، والتواصل مع زوجات المعتقلين الإخوان والحشد لدعم الجماعة وذلك خلال الستينيات

ولم يكن لتلك الفرق أي دور أو حق سياسي داخل أروقة الجماعة، حتى عام 2009 حيث أعلنت نساء الجماعة رغبتهن في المشاركة في الانتخابات.

وفى عام 2010 تم إنشاء مركز “مرام” والذي ضم 14 سيدة، وكان يعمل على نشر أفكار الإخوان بين النساء، والقيام بدور دعوي، واستقطاب عضوات جدد للانضمام للجماعة، وكان يضم العديد من الأقسام، منها الزهروات ويهتم بإعداد الفتيات من سن 4 سنوات حتى 12 سنة، وتربيتهم على أسس وأفكار الجماعة، كما يعمل على تدريب طالبات إعدادي وثانوي على نشر الدعوة.

عقب وصول الإخوان للحكم انكمش دور المرأة بصورة ملحوظة، وانحصر في الحشد لتأييد الجماعة عبر نماذج نسائية قليلة على رأسهم القيادية عزة الجرف، ليعودن للظهور مرة أخرى عقب سقوط حكم الإخوان، ولكن بصورة أكبر شملت المشاركة في التظاهرات المؤيدة للإخوان، واستقطاب المتعاطفين مع الجماعة، كما عملوا كهمزات وصل بين قادة الجماعة الهاربين بالخارج وأعضائها داخل البلاد.

المرأة في السلفية.. متعة للرجل في الدنيا ومكافأة له في الآخرة

من الحجاب الإخواني إلى النقاب السلفي، الذي يرى المرأة مجرد “عورة” لا يجوز إظهار أي جزء منها، وأنها “فتنة”، وسبيل لعذاب جهنم، بخلاف أنها مجردة من العقل ولا يمكنها التفكير أو اتخاذ أي قرار.

داخل التيار السلفي، لم يكن للمرأة أي وجود يُذكر، لأن النظرة لها كانت أكثر دونية من الإخوان، وكانت تعاني من قائمة من المُحرمات، فحرام عليها المشاركة السياسية، أو إظهار وجهها، أو التحدث إلى الرجال، أو اعتلاء المناصب، أو معارضة ولي الأمر، أو كشف رأسها، أو الخروج للعمل، أو ترك المنزل دون استئذان وليها، فهي مجرد دُمية لا قيمة لها، هذا بخلاف الأفكار التي تربى عليها فتيات هذا التيار من كونهن أداة متعة في الدنيا ومكافأة للملتزمين في الآخرة.

لم يكن للنساء محطات كثيرة داخل الكيان السلفي، فدورها الوحيد كان الدعوة للأفكار السلفية ونشر ثقافة النقاب واختيار زوجات للذكور من السلفيين، وإقامة المعسكرات النسائية لنشر مبادئ التربية السلفية.

فيما كانت محطة الظهور الحقيقية للسلفيات، عقب ثورة يناير، حيث كان الدستور يشترط المشاركة السياسية للنساء، وهو ما اضطر سلفية الإسكندرية، التي قررت الخروج عن الدور الدعوي للدور السياسي، والاستعانة بالنساء وسط رفض كبير بين السلفيين، وتم الاستعانة بالنساء في إنشاء حزب النور، ولم يكن وجودهن سوى استكمالًا للأوراق فقط، حيث تم تشكيل لجنة بالحزب بقيادة حنان علام، وهي اللجنة التي لم تمارس أي دور يذكر.

مع التوسع في نشاط الحزب وقرار خوض انتخابات البرلمان، تم اللجوء للسلفيات لاستكمال الشكل القانوني للمشاركة الانتخابية التي كانت تشترط وجود تمثيل نسائي في الانتخابات، والتي شهدت أكثر صور الاستهانة بالمرأة، مُتمثلة في رفض إظهار وجوههن والاكتفاء بوضع وردة بدلًا من صور المرشحات، ومع عدم تحقيق أي نجاح في الانتخابات عاد الدور النسائي للسلفيات في الانحصار، ولم يعد يتخطى حاجز الدعاية للأفكار السلفية خاصة على مواقع التواصل.

النساء في الجماعة الإسلامية.. أرحام تصنع القتلة

داخل الجماعة الإسلامية كان وضع المرأة يزداد سوءً وتهميشًا، فهي أداة للإنجاب وإمتاع الرجل، كما أنها وسيلة لإخراج أجيال من المقاتلين لنصرة الشريعة، وفقًا لأفكار الجماعة الإسلامية.

يقول ياسر فراويلة، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، والباحث في شئون الجماعات الدينية، إن دور المرأة داخل الجماعة الإسلامية، كان تجنيد عضوات جدد بالجماعة ونقل الأخبار بين قادتها، خاصة أن أغلب الرجال في الجماعة كانوا تحت الرقابة الأمنية، بينما المرأة حرة وبعيدة عن الرقابة أو التفتيش، خاصة بالصعيد والمناطق البدوية.

ويضيف فراويلة، أن المرأة بالجماعة الإسلامية كانت تقوم بدور تربية الأطفال على أسس الولاء والبراء، كما يُشاركن أزواجهن العمل التنظيمي متحملات كافة الأعباء لان أغلبهن تعلمن خطورة التنظيم وأن الرجال عرضه للقتل أو الاعتقال.

ويوضح فراويلة، أن المرأة كانت تُسهل أعباء المعيشة على الرجل، خاصة وأن أغلب الرجال قد لا يعملون إلا في أعمال محدودة نتيجة للنشاط المسلح والتضييقات الأمنية.