رغم ابتعاد حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، عن الأضواء في الفترة الأخيرة، إلا أن كثيرين يرون أنه لم يتخلى عن معتقداته السياسية، ولعل أبرزها رغبته الدائمة في مشاركة الكيانات السياسية التي يمثلها في الاستحقاقات والانتخابات “الرئاسية والنيابية”، ورفضه لمبدأ المقاطعة، بهدف عدم تكريس إقصاء المعارضة في مصر.

وما إن بدأت عجلة الانتخابات تدور من جديد بفتح باب الترشح إلى مجلس الشيوخ، العائد إلى الحياة النيابية بعد توقف 7 سنوات، حتى زجت الصحافة المصرية باسم “صباحي” من جديد بشأن رغبته في تشكيل تحالف انتخابي ينافس به التحالف الذي يقوده حزب مستقبل وطن في انتخابات مجلس النواب المقبلة.

تنظيم الصفوف

وبحسب التقارير، فإن “صباحي” دعا القوى السياسية المعارضة في اجتماع عقد بحزب المحافظين، الأسبوع الماضي، إلى تنظيم الصفوف من جديد لخوض معركة الانتخابات المقبلة، وهو ما تقصى “مصر 360” وراءه من أجل معرفة مدى طموح المرشح الرئاسي السابق وقدرة الحركة المدنية الديمقراطية على مقارعة التحالف الكبير الذي يقوده مستقبل وطن.

المؤكد حتى هذه اللحظة أن الحركة المدنية الديمقراطية التي ينضوي تحت لوائها عدد من أحزاب المعارضة وحوالي 150 شخصية مستقلة لم تستقر على تشكيل تحالف نيابي، إلا أنها تستعد بقوة لخوض غمار المنافسة على عدد كبير من المقاعد الفردية على مستوى الجمهورية، من خلال دعم الشخصيات العامة وأصحاب الشعبية في دوائرهم الانتخابية.

وبحسب أكثر من مصدر شارك في هذا الاجتماع، فإن الدعوة إلى تشكيل تحالف لا زالت مجرد فكرة نوقشت بين أفكار التنسيق للانتخابات البرلمانية، دون أن يكون المسئول عنها حمدين صباحي أو أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، كما تردد.

كما أن المؤكد أن “صباحي” لا يود الترشح للانتخابات البرلمانية، إذ حسم هذا الأمر منذ سنوات طويلة بعدم ترشحه على مقعد النواب أو الشيوخ، وتفرغه للمشاركة باعتباره مرشحًا سابقًا وزعيما لتيار الكرامة.

 

أسباب عقد الاجتماع

أحمد حنتيش، نائب رئيس حزب المحافظين، قال إن الحزب استضاف الاجتماع بناء على رغبة قيادات الحركة المدنية في التنسيق الموسع للانتخابات البرلمانية، نافيًا سعي أكمل قرطام إلى تشكيل تحالف معارض يقوده بنفسه في الانتخابات المقبلة.

وأضاف أن الحزب لم يحسم موقفه من أي سيناريو سواء بالمشاركة في تحالف يقوده مستقبل وطن أو التنسيق مع الحركة المدنية بخصوص تحالف جديد أو المشاركة بشكل فردي، لذا لا صحة للأخبار المتداولة بأن أكمل قرطام يشجع فكرة بعينها.

اللافت أن قيادات الحركة المدنية تعاملت بشكل طبيعي مع قرار أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل والإصلاح والتنمية بمشاركتهم في قائمة مستقبل وطن لمجلس الشيوخ، إذ فصلت بين مواقفهم السياسية والانتخابية، حتى لا تتصدع الجبهة من الداخل ولا تصدر انطباعا أنها تمارس ديكتاتورية على أعضائها.

رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، أوضح أن الفترة المقبلة ستشهد اتفاقا واضحًا حول موقف الأحزاب الثلاثة بخصوص وضعهم في الحركة، فلا يعقل مشاركتهم في اجتماعات تحضيرية للانتخابات وهي تشارك مع تحالف معادٍ بأجندة سياسية أخرى، لكن المواقف السياسية العامة لا خلاف عليها وهذا يرجع إليهم بخصوص رأيهم في القضايا المشتركة.

المقاعد الفردية

ويبدو أن الفترة المقبلة في هذه الحركة ستشهد أيضًا رؤى مختلفة، وربما انقسامات حول شكل المشاركة في الانتخابات، فالأقرب هو المنافسة على المقاعد الفردية لمجلس النواب، لكن هذا الرأي يصطدم برغبة آخرين في تشكيل قائمة بجانب المنافسة الفردية لإحداث حالة من التوازن في تشكيل المجلس.

جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والقيادي بالحركة، يقول إن الأفضل الآن هو المشاركة على المقاعد الفردية فقط، فتحقيق بعض المكاسب أفضل من خسارة كبيرة، من وجهة نظره، مدللا على نجاح تكتل 25/30 في توصيل صوت المعارضة تحت القبة في عدد لافت من القوانين.

ويضيف “إسحق” “أميل إلى المشاركة في الفردي وترك حرية الاختيار لجميع الأحزاب المنضمة للحركة حتى لا ننقسم، فالقائمة المغلقة تضييع للوقت، ولنا مع ما حدث في قائمة صحوة مصر في الانتخابات الماضية عبرة”.

كسر الصمت السياسي

أما كريمة الحفناوي، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري، فتؤمن بأن المعارضة تستطيع خوض معركة قوية في انتخابات مجلس النواب لعرض برامجها وكسر حالة الصمت السياسي، سواء كان ذلك بقائمة صغيرة في بعض المحافظات أو بالمشاركة في بعض المقاعد الفردية.

وتوضح “الحفناوي” التي شاركت أيضًا في الاجتماع الأخير، أن الظروف غير مواتية وإقصائية إلى حد كبير، كما أن القائمة المغلقة التي اعتمدت كنظام انتخابي في الشيوخ والبرلمان تهدر أصوات 49 % من الناخبين وتُقصي القوى السياسية، لكن القوى المجتمعة ترغب بقوة في العودة للمشهد السياسي وفك حالة الجمود.

تستشهد “الحفناوي” بتجربة قائمة “الثورة مستمرة” التي خاضت انتخابات مجلس النواب 2012 ونجحت في حصد 3.5 % من أصوات الناخبين بفضل الشخصيات التي دعمت القائمة حينذاك، لافتة إلى أنها تسعى لتكرار هذه التجربة لاستغلال وجود بعض الشخصيات الكبيرة في التيار المدني لإبراز حالة التنوع وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية، فالبلد يحتاج إلى أصوات مختلفة.

إذن فإن تردد اسم حمدين صباحي لقيادة تحالف انتخابي ليس كما يشاع، فالأمر لا يزال قيد التقييم وحساب الوزن السياسي لهذا الفريق الذي تشكل عقب خسارته رئاسيات 2014، ومدى قدرته على استعادة الشعبية الغائبة عن المعارضة منذ سنوات.