يتجه السودان بخطوات ثابتة لإغلاق صفحات سوداء عانى منها نحو 4 عقود، حيث ألغى قوانين وضعها إسلاميون توالوا على حكمه، وأحدثت حروبًا دامت لأكثر من 20 عامًا، كإلغاء تجريم الردة والسماح لغير المسلمين بتناول المشروبات الكحولية، مما يجعله يلحق بركب من سبقوه من البلدان العربية في خلع عباءة الإسلاميين ولو بشكل جزئي، كتونس والمملكة العربية السعودية.

وأعلن وزير العدل السوداني نصرالدين عبد الباري، في 11 يوليو الجاري، إلغاء مادة الردة وعدم تعريض شاربي الخمر من غير المسلمين لأي عقوبات، بالإضافة إلى تجريم ختان الإناث، وإلغاء إلزام النساء بالحصول على تصريح من أفراد عائلاتهن الذكور للسفر مع أطفالهن، بحسب صحيفة “سودان تريبيون” في نسختها الإنجليزية .

سودان تريبيونعدالة وعدم تمييز

وأكد “عبدالباري” أن هدف التعديلات هو “مواءمة القوانين مع الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية”، مشيرًا إلى أنهم “ملتزمون بالعدالة وعدم التمييز بين الأشخاص على أي أساس”.

وعلى مدار السنوات الماضية، واجه السودان انتقادات حقوقية من الداخل والخارج، بسبب مادة “الردة”، كما كان القانون السوداني يفرض عقوبات الجلد والسجن والغرامة على من يحتسي الخمور، حيث تم حظر المشروبات الكحولية منذ عام 1983 .

وكان الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري، قد اعتمد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في السودان عام 1983، وواصل الرئيس السابق عمر البشير العمل بها بعد توليه السلطة عام 1989، وتقول الحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة حاليًا، إنها ستقود السودان إلى الديمقراطية وإنهاء التمييز.

وكان تطبيق “النميري” للشريعة عاملًا محفزًا أساسيًا لحرب دامت 22 عاما بين شمال السودان المسلم وجنوبه المسيحي، مما أدى إلى انفصال الجنوب في آخر الأمر عام 2011.

ووصف رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إجراء التعديلات الجديدة بخطوة “هامة”، وقال في تغريدة  له عبر تويتر: “إن إجازة وتمرير هذه القوانين والتعديلات الجديدة خطوة هامة في طريق إصلاح المنظومة العدلية من أجل تحقيق شعار الثورة”.

وجدير بالذكر، أن نحو 3% من سكان السودان غير مسلمين، ويعيشون بشكل رئيسي في الخرطوم وجبال النوبة، بحسب آخر احصائيات للأمم المتحدة .

وكانت منظمات حقوق الإنسان الدولية، قد اتهمت حكومة “البشير” بانتهاك حقوق الإنسان خاصة غير المسلمين.

ختان الإناث

واستكمالاً للتعديلات القانونية بالسودان، قد صادق مجلس السيادة الانتقالي على قانون يجرم ختان الإناث في البلاد، وفق ما أعلنته وزارة العدل .

وقالت الوزارة في بيان لها، الجمعة الماضية، “اكتملت إجازة عدد من القوانين بعد توقيع السيد رئيس مجلس السيادة عليها الخميس، إلغاء عدد من المواد المتفرقة في بعض القوانين التي تحط من قدر وكرامة المرأة كتجريم ختان الإناث”.

وتصل عقوبة ختان الإناث لمن يرتكبه، لثلاث سنوات سجنا مع دفع الغرامة، وفق التعديل الذي أقره مجلس الوزراء في القانون الجنائي بشهر مايو، وتستهدف العقوبة تحديدًا الشخص الذي يجري عملية الختان حتى ولو كان طبيبا.

وجاء في نص المادة المعدلة: “يعد مرتكبًا جريمة كل من يقوم بإزالة أو تشويه العضو التناسلي للأنثى، ما يؤدي إلى ذهاب وظيفته كلياً أو جزئياً سواء كان داخل أي مستشفى أو مركز صحي أو مستوصف أو عيادة أو غيرها من الأماكن، ويعاقب من يرتكب الجريمة بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة”.

ومن ضمن التعديلات التي نصفت المرأة السودانية، كانت قد كفلت لها اصطحاب أطفالها عند السفر دون انتظار موافقة والدهم.

وقال وزير العدل إن الخطوة انطلقت من مبدأ المساواة بين الجميع لأن الرجل لا يكون بحاجة لإظهار موافقة الزوجة “وهذا يتعارض مع مبدأ المساواة ومبدأ حرية الحركة”.

تجريم الختان بالسودان

تونس

بدأت تغيرات اجتماعية كبيرة تضرب تونس في أعقاب ثورات الربيع العربي، ففي عام 2018 أعلن الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، عن دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، كما أقر قانونًا يسمح للمرأة التونسية بالزواج بغير المسلم، مما أثار جدلاً واسعًا حينها ليس في تونس فحسب، بل في دول عربية أخرى.

 

ورغم معارضات بعض الأطراف المحلية والخارجية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، إلا أن أغلب التونسيين رأوا أن هذه التعديلات هي خلاصة نضالات أجيال وحقوقيات يدافعن على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة التونسية، ولترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين.

وبعدها بعام، أعلنت وزارة التربية التونسية إدراج التربية الجنسية في المناهج المدرسية، على أن يكون تنفيذه في العام الجاري، وستكون موجهة إلى الأطفال بين سن 5 و15 عاما، ويشكل هذا القرار سابقة على مستوى التعليم في العالم العربي ويهدف إلى مساعدة الأطفال على التعرف على أجسادهم وتعليمهم قيمة احترام الجسد من أي اعتداء ينتهك حرمته.

تونس

السعودية

وضمن سياسية ورؤية 2030، التي اتبعتها المملكة العربية السعودية، ومع تنصيب الأمير محمد بن سلمان، وليًا للعهد، بدأ اتخاذ إجراءات وإصلاحات اجتماعية وصفت بـ”التاريخية”، كرفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، والتي كان آخر حظر مفروض في العالم على قيادة المرأة، ويعتبره كثيرون منذ وقت طويل رمزًا لقمع المرأة في المملكة .

خطوات عديدة اتخذتها المملكة خلال السنوات الماضية للنهوض بحقوق المرأة واصفة إياها بـ”خطوات جديرة بالثناء”، أهمها تعديل نظام الوصاية للسماح للمرأة السعودية بالسفر والحصول على جواز سفر في سن 21، تمكين المرأة من تسجيل حالات الولادة والزواج والطلاق؛ وأن تكون مؤهلةً كوصي على الأطفال القصر، ومنح المرأة حرية الدراسة في الجامعة وفرصة البحث عن عمل دون طلب الإذن من قريب لها من الذكور.

السعودية

وطالما تعرضت الرياض لانتقادات دولية بسبب نظام الولاية الذي يجعل كل امرأة في حاجة لموافقة أحد الأقارب الذكور، الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن، على العديد من القرارات المهمة طوال حياتها.

وتلقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إشادة من الخارج والداخل بعد أن تولى المنصب في 2017 ووصفت قراراته بأنها خففت القيود الاجتماعية، وشملت تلك القرارات تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسماح بإقامة حفلات موسيقية عامة ودور سينما وتخفيف قيود مفروضة على الاختلاط بين الجنسين.