ضرر نفسي وجسدي تتعرض له الأطفال عند عملية الختان، وتظل ليلة الختان محفورة في ذاكرة الأنثى طوال حياتها.. حملات عديدة وجهود حكومية وتشريعات قانونية للتخلص من هذه العادة، لكن الموروث الثقافي يقف حائلا بين الأقلاع عنها.
الضرر النفسى للأمهات جعلهن يدخلون في صراعات مع الأزواج ورفض ختان بناتهن، البعض نجح رغم ما تعرضن له من أزمات مع الأهل مما يمنح الأمل للقضاء على تلك الظاهرة.
“هددني زوجي بطلاقي، حاول أقاربه من النساء إقناعي بختان بناتي لكنى رفضت” ..هكذا بدأت عزة محمود، 45 عاما، حديثها، وأضافت صرخت في وجه كل من قال إنه عادات يجب على الجميع تطبيقها، وتركت بيت الزوجية، وأخذت بناتى إلى منزل أبى. ، لكن أبى وأمي وقفا مع زوجي ضدي، لكنى أصريت على الرفض.
لاقت السيدة الريفية الكثير من التهكم، “أيه دا أنت هتسيبي بناتك كدا، هيجبولك العار، ربنا غضبان عليكي” جمل ترددت كثيرًا على مسامع “عزة” لتأنيب ضميرها بسبب رفضها إتمام عملية الختان لبناتها، لكنها لم تأبه بأحاديث أهالي الريف من حولها.
انتصرت إرادة “عزة” في النهاية، وتمكنت من حماية بناتها، وتمردت على العادات والتقاليد، وكانت السبب في تمرد العديد من السيدات حولها، على إجراء عملية الختان لبناتهن.
بطولة أم
مزارع أربعيني، تتلخص ثقافته في الحياة عن المرأة ما ورثه من عادات وتقاليد، وأهمها “الختان”، عقد النية ذات يوم على أن يخلص بناته الثلاثة من الرغبة الجنسية باعتبارها وصمة عار.
عرض الأمر على زوجته، والتي قابلت ما ينوي فعله بانتقاد وموجة غضب عارمة، ليخبر أخيه بما حدث، ويحرضه على إتمام الأمر دون علمها، وبالفعل بدأ في التخطيط لذلك.
وفي صباح أحد الأيام اصطحب بناته وتبلغ أعمارهن 9، 11، و14 عام إلى منزل أخيه، وبالاتفاق مع عم الفتيات وزوجته أحضرا طبيبًا ليجري عملية الختان لهن، وما أن علمت الأم بمخططه توجهت على الفور إلى الجهات الأمنية بسوهاج.
هجمت قوة أمنية على مكان الأب وتم ضبط طبيب بمعدات لإجراء عملية الختان للثلاث فتيات، وبمواجهته بما قالته زوجته اعترف بجريمته، متخذً من جملة “دي عاداتنا يا بيه” سورًا لحماية نفسه، لتقضي محكمة الجنايات بسوهاج بمعاقبة الأب والطبيب بالسجن لكل منهما ثلاث سنوات.
اقناع الزوج
حاربت عصمت عبد المجيد أيضا قرار ختان ابنتها الكبرى، ووقفت في وجه زوجها، ثم لجأت إلى طبيبة لتشرح له المعاناة التي تتعرض لها الفتاة بسبب إجراء تلك العملية، وأن الرغبة الجنسية ليست “عيب” ولا تندرج تحت بند المحرمات، لطالما حافظت الفتاة على نفسها.
قال “عصمت” إنها استطاعت إقناع زوجها بعد مشادات كلامية حدثت بينهما، ليفكر في الأمر، ويرجع عن قراره بإجراء عملية الختان لابنته، والتي كانت تبلغ الـ 12 من العمر وقتها.
أما الدكتور عزيزة منصور، طبيبة أمراض نساء بمستشفى الأزهر، فذهبت إلى قريتها بمركز العياط، للتنويه عن خطورة الختان، وأنقذت الفتيات في يوم يعتبر احتفال بتلك العادة، يتفق عليه رجال القرية لإجراء عمليات ختان جماعية، حيث اعترضت الكثير من السيدات على عادة الختان عقب شرح الطبيبة للمخاطر.
مصر في المركز الرابع عالميا
أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إحصائية عن ختان الإناث العام الماضي، واحتلت مصر المركز الرابع عالميًا، والثالث على مستوى الدول العربية بنسبة 91%، وتصدرت الصومال صدارة العالم والدول العربية في نسب انتشار ختان الإناث، بنسبة 98%، ثم غينيا، ثم جيبوتي، وبعدها مصر والسودان في المرتبة الثامنة عالميًا والرابعة عربيًا بنسبة 88%.
أكدت “اليونسيف” خلال تقريرها أن ختان الإناث من الموروثات الاجتماعية التي تربط بينه وبين الطهارة والاستعداد للزواج، حيث وصلت نسبة ختان الإناث في مصر عام 2000 تصل إلى 97%، ثم انخفضت عام 2015 إلى 92%، ثم إلى 87% عام 2016، لتعاود صعودها إلى نسبة 91 % عام 2017، رغم تبني الحكومة المصرية منذ عام 2008 تشريعات عقابية لمن يقوم بالختان للإناث.
عادات وليست شعائر دينية
بسبب ما يتداوله الناس عن الختان، ونسبه إلى الشعائر الدينية في مصر، تلجأ بعض النساء إلى رجال الدين المتواجدين بالمناطق القريبة منهم، حتى يساعدهم في وقف الجريمة التي سترتكب في حق بناتهن، خاصة عقب إعلان دار الإفتاء عن كون حالات ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر.
الشيخ محمد عبد المجيد، إمام وخطيب مسجد بأوقاف القاهرة، قال إنه كثيرًا ما تلجأ النساء إليه، لإقناع أزواجهن بكون عملية الختان لم تذكر في القرآن ولا يوجد أدلة على كونها سنة، حتى إن أقاربه يذكرونه عندما يبدأ نقاش ختان الإناث، ويقتدون به، ودائما ما ترفض الأمهات الختان وليس الرجال، ويلجئن له.
العقوبة القانونية
كانت عقوبة ختان الإناث في القانون قبل التعديل الذي تم عام 2016 هو” الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه”.
فى عام 2016، أصبحت عقوبة على من يشترك في عملية ختان الإناث، السجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات.
ووفقًا لما صدر في التعديل الأخير لعقوبة الختان لكل من طلب ختان أنثى وتم ختانها على النحو المنصوص عليه بالمادة 242 مكررا، والذي يشير إلى كون الختان هو عملية يتم فيها إزالة جزء من العضو التناسلي دون مبرر طبي، فيعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث.