منح قانون مجلس الشيوخ، الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحق في تعيين ثلث أعضاء المجلس النيابي بواقع 100 عضو من أصل 300 عضو، ما فتح باب النقاش حول الشروط الواجب توافرها في الأسماء التي سيتم تعيينها، خاصة في ظل الاختصاصات المحدودة للمجلس الجديد، وعدم منحه أي اختصاصات تمكنه من إقرار قوانين أو القيام بدور رقابي.

قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020، أقر عددًا من الضوابط الواجب توافرها في المعيين من قبل الرئيس، فبحسب المادة 28 من قانون مجلس الشيوخ، يُعين رئيس الجمهورية ثلث أعضاء المجلس، بعد إعلان نتيجة الانتخاب وقبل بداية دور الانعقاد، وبمراعاة أن “تتوافر فيمن يعين الشروط ذاتها اللازمة للترشح لعضوية مجلس الشيوخ”، والمتمثلة في “أن يكون المرشح مصري الجنسية متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون اسمه مدرجًا بقاعدة بيانات الناخبين بأي من محافظات الجمهورية، وألا يكون طرأ عليه سبب يستوجب حذف أو رفع قيده.

وشملت الشروط الأساسية للترشح في الانتخابات ألا يقل سن المرشح يوم فتح باب الترشح عن 35 سنة ميلادية، وأن يكون حاصلًا على مؤهل جامعي أو ما يعادله على الأقل، وأن يكون أدى الخدمة العسكرية أو أُعفي من أدائها قانونًا، وألا تكون أسقطت عضويته بقرار من مجلس الشيوخ أو من مجلس النواب بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية، ما لم يكن قد زال الأثر المانع من الترشح قانونًا.

وحددت المادة 28 ألا يعيّن عدد من الأشخاص ذوي الانتماء الحزبي الواحد، ما يؤدي إلى تغيير الأكثرية النيابية في المجلس، وألا يعين أحد أعضاء الحزب الذي كان ينتمي إليه الرئيس قبل أن يتولى مهام منصبه، وألا يعين شخصاً خاض انتخابات مجلس الشيوخ في الفصل التشريعي ذاته، وخسرها، وأن تخصص (10%) من المقاعد على الأقل للمرأة.

اختصاصات المجلس

فإلى جانب الشروط المقررة، تعد اختصاصات المجلس هي الأخرى متحكمة في الأسماء، حيث حددت المادة السابعة من قانون المجلس، أن المجلس يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته.

ونصت المادة الثامنة على أخذ رأي المجلس في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، فضلا عما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية.

اختيارات مبارك

مجلس الشيوخ الجديد، يكاد تتطابق اختصاصاته مع مجلس الشورى السابق في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، والذي كان يمتلك أيضا الحق في تعيين ثلث المجلس، مبارك خلال اختياراته كان يعتمد على معيار مختلفة، ففي 2010 ضمت قائمة تعيينه عدد من الأسماء البارزة على الساحة، أبرزهم “رئيس شركة المقاولين السابق إبراهيم محلب، ورئيس حزب الوفد الحالي بهاء الدين أبو شقة، ورئيس حزب الجبهة الديمقراطية حينها أسامة الغزالي حرب، وأمين عام الحزب الناصري السابق أحمد حسن، وعدد من أساتذة الجامعات”.

الأسماء السابقة توضح أن اختيارات مبارك، لم تكن تقتصر على الموالين لنظام حكمه “فقط”، ولكن شملت أسماء محسوبة على أحزاب المعارضة، واقتصاديين مرموقين، علاوة على عدد كبير من أساتذة الجامعات في شتى الاختصاصات، وأيضا بعض من رموز نظامه الذين تم استبعادهم من مناصبهم لأسباب مختلفة، وهو ما ينبئ بأن تتشابه ضوابط اختيارات الرئيس السيسي، مع الضوابط المقررة قبل ثورة يناير.

نُخبة عالية

أستاذ العلوم السياسية، الدكتور جهاد عودة، ذكر إن مجلس الشيوخ يشبه إلى حد كبير مجلس الشورى في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لذلك سيعتمد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على الخبراء المشهورين بقدرة تنظيمية وأداء معينة، ليكونوا خلاصة “النخبة” العالية، الذين سيتم الاعتماد عليهم لصفاتهم الخاصة، وليس لأي شيء آخر.

وأشار”عودة” إلى أن الدولة تواجه في السنوات الخمس المقبلة تحديات كبيرة، لتحقيق التنمية ما سيدفع الرئيس لتعيين خبراء في الإدارة، وخاصة في إدارة الدولة وتحديدا المرتبطة بإدارة المشروعات الخاصة والعامة، فضلا عن خبراء في القطاعات الاستراتيجية والصحة والتعليم.

ورأى أستاذ العلوم السياسية أنه لا يمكن توقع نسبة مئوية لكل قطاع في المعيين، لأن ذلك يتوقف على تقدير الرئيس، ورؤيته والألويات التي يتصور أنها ستفيد خطته المستقبلية لإدارة شؤون الدولة، وستتماشى مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من المجلس الجديد، والتي تخدم خطة الدولة الموضوعة لمواجهة التحديات وإحداث تطور في المجتمع.

لا للمجاملة

وشدد الخبير السياسي وأستاذ التخطيط بجامعة الفيوم، الدكتور صلاح هاشم، على أن المعينين من قبل الرئيس لا بد أن يكونوا من أصحاب الخبرات العالية في كافة مجالات سواء “أساتذة الجامعات وأصحاب الخبرات على المستوى القومي والإقليمي والدولي”، والذين نفذوا وقدموا أفكار جديدة أثبتت نجاحها.

ولفت إلى ضرورة ألا يتم الاختيار على أساس المجاملة، لأن أصحاب الخبرات الحقيقية لا يمكنهم خوض الانتخابات لعدم امتلاكهم شعبية في الشارع، أو أموال لخوض السباق الاجتماعي، ما يحتم ضرورة أن يتم اختيارهم بعناية ليتمكن المجلس الجديد من مد الدولة بأفكار مختلفة، ومعايير للتقييم والإصلاح، سواء على المستويات “الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية والثقافية”، مرتبطة برؤية “مصر 2030”.

أسماء مقترحة

اختار أستاذ التخطيط قطاعات “الاقتصاد والصناعة والاستثمار والزراعة والحماية الاجتماعية الصحة والتعليم والبحث العلمي” للتركيز عليها في الاختيارات المنتظرة، موضحا أن نسبة كل قطاعات سيتم تحديدها بعد الاطلاع على المرشحين أو الأعضاء الناجحين في الانتخابات لمعرفة نسبة كل قطاع، ومن ثم سد العجز الموجود لتحقيق توازن يمكن من وجود العدد الكافي لتحديد السياسات المطلوبة الخاصة بكل قطاع.

ونوه بأنه لا يجب التركيز على اختيار خبراء قانون ودستوريين في المجلس الجديد، لأن دورهم يقتصر على مراجعة صياغة القوانين والتأكد من عدم مخالفاتها دستوريا، مشددا على ضرورة أن يكون رئيس المجلس من الأسماء الكبيرة في المجتمع والتي لها ثقل حتى يمكنه تحديد وجهة المجلس في الإطار المطلوب وبما يحقق الاستفادة القصوى المرجوة.

ورشح أستاذ التخطيط في جامعة الفيوم، الخبير الاقتصادي زياد بهاء الدين، ووزير التضامن الاجتماعي السابق جودة عبد الخالق، ورجل الأعمال أحمد بهجت، ورجل الأعمال محمد فريد خميس، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد فايق، وعميد كلية الإعلام السابق في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، ونائب وزير التعليم العالي لشئون الجامعات الدكتور عمرو عدلي، ومدير تحرير أخبار اليوم الكاتب الصحفي رفعت فياض”، مشيرا إلى أن تلك الأسماء تمتلك خبرات كبيرة وناجحة في اختصاصاتها، وستساهم في إثراء نقاشات المجلس ونتاجه.

وزراء سابقون في المجلس

مصدر مطلع، كشف أن الأسماء المرشحة لتعيينها من قبل الرئيس السيسي في مجلس الشيوخ ستشمل العديد من القطاعات، والأسماء المعروفة في سياسيا واقتصاديا وعلميا وقانونيا، لافتا إلى أنه تم رفع بعض الأسماء التي كان من المفترض انضمامها إلى القائمة الوطنية لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، لأنها ستنضم إلى المجلس عن طريق التعيين.

وأوضح المصدر والذي رفض ذكر اسمه، أن قائمة المعينين ستتضمن عدد من الوزراء السابقين من ضمنهم وزيري الزراعة عز الدين أبو ستيت، والطيران يونس المصري، فضلًا عن عدد من المحافظين أبرزهم محافظ الغربية السابق أحمد صقر، ورئيس الجامعة العربية المفتوحة في مصر، وأمين المجلس الأعلى للجامعات الأسبق الدكتور عبد الحي عبيد، لافتا إلى أنه سيتم إقرار القائمة النهائية خلال الفترة المقبلة، وإعلانها عقب انتهاء الانتخابات، وأنه تم التواصل بالفعل مع العديد من الأسماء.

ونبه المصدر، إلى أنه لم يتم الاستقرار على الاسم النهائي الذي من المتوقع أن يكون رئيسًا للمجلس، وأن هناك عددًا من الأسماء ذات الثقل السياسي المرشحة لذلك المنصب، مشيرًا إلى أنه تم التواصل مع رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور لتولي المنصب إلا أنه اعتذر عن ذلك، مفضلًا الابتعاد عن المنصب.