“من ساعة ما كفلت ابني والناس بتبصلي على إني عملت عمل عظيم.. ومن ساعة ما أصدرت كتابي “أنا اسمي ماما” والناس بتتعامل معايا على إني عملت عمل أعظم بإعلاني عن تصرفي ده، وأصدرت الكتاب علشان أشجع الناس علي الكفالة وكمان علشان أفهم الناس المشوار ده شكله إيه على الأقل من خلال تجربتي الشخصية”، هكذا قالت الكاتبة دينا الغمري، وهي تروي تفاصيل كفالتها لنجلها الحالي، وعن ظروف كفالة الأطفال في مصر.

الكفالة في مصر

في العديد من الأوساط، ما زالت فكرة تبني طفل أو كفالته أمر  يدور حوله جدال، لاعتقاد البعض بأنه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وفي تقرير لموقع “بي بي سي”، أوضح أن عدد الأيتام الذين فقدوا الوالدين والموجودين بدور الرعاية يصل إلى 10 آلاف طفل العام الماضي، إلى جانب حوالي 12 ألف طفل آخرين يعيشون مع عائلات.

تنص المادة رقم 89 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، على أنه يجوز للأرامل والمطلقات ومن لم يسبق لهن الزواج وبلغن من العمر ما لا يقل عن 30 سنة كفالة الأطفال إذا ارتأت اللجنة العليا للأسر البديلة صلاحيتهن لذلك، كما يسمح قانون الطفل للمرأة بالكفالة داخل نظام الأسرة البديلة بشكل صريح منذ عام 2010، أما في عام 2016، فخفض سن المرأة المسموح لها بالكفالة من 45 عاما إلى 30 عاما.

“نفسي أكون أم”

قالت الكاتبة دينا الغمري: ” كفلت طفل علشان أنا نفسي أكون أم، وعلشان عندي قناعة إن مش لازم أخلف من بطني علشان أكون أم، أنا كفلت طفل علشان أنا مقتنعة إن العالم مش حلو لدرجة إننا نجيبله ناس تانية وخلينا نربي اللي إتولد وجه العالم ده”.

وتابعت: “أنا كفلت طفل علشان نفسي وعلشان الطفل ده، بس جزء كبير قوي من المشروع ده كان علشان نفسي وسعادتي بإني أكون أم ده طبعا بالإضافة للثواب اللي ربنا ممكن يديهولي لو أحسنت تربية ابني”.

دار الافتاء المصرية تحرم التبني، وفقا لفتوى منشورة على الموقع الرسمي لدار الإفتاء، ويستبدل التبني في الإسلام بالكفالة، والتي تشترط إعلان نسب الطفل إن عٌرف وإن لم يعرف وجب الجهر بأنه مجهول النسب، كما يُحرم من حق الميراث الشرعي، عند وفاة الشخص المتبني.

تجربة ذاتية

وزارة التضامن الاجتماعي، تضع عدة شروط للتبني منها، أن تكون المرأة قادرة على الإنفاق على الطفل، ووجود مصدر ثابت للدخل، بالإضافة لحصولها على مؤهل علمي، وفي الكتاب ترصد “الغمري” تجربتها الذاتية في مسألة التبني، مؤكدة أنها كتبت هذا الكتاب منذ عدة سنوات بعد دخول نجلها المتبنى حياتها، ولكنها أجلت نشره، ليكون حجرا لتحريك المياه الراكدة في المجتمع والقوانين أيضًا، ونظرة المجتمع لهذا الأمر، ولهؤلاء الأطفال.

والتبني أمر ليس مقتصرًا على الأمهات اللاتي لم يلدن فقط، ولكن هناك العديد من الفتيات غير المتزوجات ترغبن في تبني طفل، يرفضن فكرة الارتباط والزواج، ولكن يرحبن ويسعين لتبني طفل، فيصطدمن برفض الأهل ورفض المجتمع الذي يقابل الأمر بالرفض، ويفرض التساؤلات على صاحبته.

تشترط وزارة التضامن الاجتماعي، في ما تطلق عليه نظام الأسر البديلة، أن تكون ديانة الأسرة من نفس ديانة الطفل، وأن يكون الأب والأم مصريا الجنسية، وألا يزيد عدد الأطفال فى الأسرة عن اثنين إلا إذا كانوا قد وصلوا إلى مرحلة الاعتماد على النفس، ولا يسمح للأسرة برعاية أكثر من طفل أو طفلين شقيقين إلا بعد موافقة مديرية التضامن الاجتماعي.

ومن ضمن الشروط أيضا، أن تقبل الأسرة البديلة إشراف ممثلى إدارة الأسرة والطفولة بالتضامن الاجتماعى، ويشمل هذا الإشراف زيارة منزل الأسرة ومقابلة الطفل محل الرعاية ومتابعة أحواله دون الإخلال بمبدأ السرية، أن تتعهد الأسرة البديلة إذا كان الطفل محل الرعاية معلوما لديها بأن يكون الاتصال فى شئونه عن طريق إدارة الأسرة والطفولة، ويحظر عليها تسليمه ولو مؤقتا لوالديه أو أحدهما أو إلى أي شخص آخر عن طريق إدارة الأسرة والطفولة.

المشاهير والتبني

ومن بين أشهر الفنانين، الذين أقدموا على خطوة تبني الأطفال، الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي، التي تبنت أربعة أطفال من مناطق متفرقة حول العالم، فلديها ابن من كمبوديا وطفلة من من إثيوبيا، وولد من فيتنام، وآخرهم موسى من مخيم اللاجئين في سوريا، كما تبنت المغنية الأمريكية مادونا أيضا طفلين.

الفنانة تحية كاريوكا، وجدت طفلة رضيعة أمام شقتها في أحد أيام، فقررت أن ترعاها ومنحتها اسم “عطية الله”، وقبل وفاتها، أوصت كاريوكا أن ترعى الفنانة فيفي عبدة هذه الطفلة.

في المادة 20 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تم التصديق عليها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 20 نوفمبر عام 1989، تنص على توفير رعاية بديلة للطفل الذي حرم من عائلته بصفة دائمة أو مؤقتة، وتكون تلك الرعاية كما في الكفالة الواردة في الدين الإسلامي أو التبني أو في الدور المناسبة لذلك، مع وضع خلفياته الثقافية والدينية والعرقية في الاعتبار.

تجربة التبني، قامت بها أيضا رشا مكي، بعد مرور 7 سنوات من محاولات الحمل التي لم تنجح في النهاية، فقررت كفالة نجلها “مصطفى”، وقالت إنها أصبحت تنسى أنه نجلها بالتبني، مشيرة إلى أنها منذ بداية علاقتها بطفلها، بدأت الحديث معه بصراحة، وروت له العديد من قصص التبني، واستطاعت أن تكسب ثقته وحبه أيضا.

انشأت “رشا”، صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، لرصد تجربتها الذاتية، ولتشجيع السيدات اللاتي يرغبن في خوض تلك التجربة، بالإضافة لزيادة وعي العائلات المصرية التي ترغب في تبني أطفال، وشرح الإجراءات وكيفية إنجازها في وقت قصير وحتى تعاملهم مع الطفل، من خلال تجربتها الشخصية.

تتلقى “دينا”، و”رشا”، سؤالًا واحدًا حول تجربتهما من المحيطين، وهو “هل تحبون الأطفال.. هل تحبوهم مثل أولادكم؟”، لتكون الإجابة أنهما وغيرهما يحبون الأطفال كأبناء ولدنهن من بطونهن، وحملنهن في رأحامهن، فكما تقول الكاتبة دينا الغمري: “الحب مش علاقة دم.. الحب بيجي من العشرة”.