لم تَنعم المرأة الإيرانية داخل مجتمعها في ظل النظام الملالي بالحرية، إذ فرضت عليها قوانين عدة، جعلتها تُعاني التهميش، والفرض الإلزامي، والتزامها بالقوانين، رغمًا عن قناعتها الداخلية، حتى في أبسط حقوقها وهي اختيار الملابس.
زي المرأة الإيرانية
تميزت المرأة الإيرانية عبر التاريخ، بالملابس ذات الطابع الإيراني المستوحاة من التراث الملون صاحب الألوان المبهجة، والرسومات المزركشة، والتي تختلف وفقًا للطبقة الاجتماعية، وظلت محافظة على تراثها لمئات السنوات.
حظر الشاه رضا البهلوي، ارتداء الحجاب نهائيًا، وفرض العقوبة على من ترتديه، ووكل رجال الشرطة بإجبار من ترديه في الشارع على خلعه نهائيًا، وأدخل البهلوي، أحدث صيحات الموضة في عهده، حيث أتاح دخول الأزياء العالمية في إيران.
اعتادت النساء الإيرانيات، على ارتداء الأزياء الغربية، من التنانير القصيرة، وسراويل الجينز الضيقة، والقُمصان ذات الأكمام القصيرة، وقصات الشعر المختلفة، مع الأقراط الكبيرة من الأحجار.
الحجاب إلزامي
تَبدل حال الإيرانيات عقب قيام الثورة الخمينية الإسلامية 1979م، والتي أجبرت النساء والفتيات على ارتداء الحجاب، حتى الأطفال اللاتي لا يتجاوزن السابعة من عمرهن، ومن يفعل غير ذلك فتعتبرهن الشرطة مُجرمات، ولم يقتصر الحجاب فقط على النساء المسلمات، ولكن أجبرت أيضًا المسيحيات واليهوديات، وغيرهن من كافة الديانات المختلفة المتواجدة في إيران، ليصبح الحجاب هو الزي الرسمي للإيرانيات بكافة معتقداتهن.
كلفت الدولة، شرطة الآداب بمراقبة جميع النساء في الشوارع، حتى أنه يمكننا الإقرار بوجود أكثر من 40 مليون سيدة وفتاه، تحت المراقبة الحكومية، إذ تطوف الشرطة جميع الشوارع، متمتعين بسلطة إيقاف النساء وفحص ملابسهن، ليس لمراقبة ارتداء الحجاب فقط، ولكن لتقييم طول البنطال، والمعطف، وكمية المساحيق التجميل، والاكسسوارات الخاصة بهن، ومن تخالف المعاير تعتبرها الشرطة سافرة مخالفة للقوانين، ويقبض عليها، وتتم محاكمتها، وتعاقب بالسجن أو الغرامة، وقد تصل عقوبتها حد الجلد.
القانون الإيراني
القانون الإيراني، تدخل في شكل الحجاب ولونه، ووضع مقاييس صارمة لملابس الإيرانيات، حيث نص القانون الإسلامي للباس المرأة بعد قيام الثورة الإسلامية، على أن ترتدي الفتاه البالغة من العمر 13عامًا الحجاب، ويفرض عليهن تغطية أنفسهن من الرأس حتى القدم، وارتداء ملابس فضفاضة، لا توضح أي معالم لأجسادهن ومن تخالف ذلك، يحكم عليها بغرامة، وعقوبة بالسجن تصل إلى شهرين.
الرئيس الإيراني حسن روحاني، قال عقب تقلده للحكم عام 2013، أن المراقبة على ارتداء الحجاب، والالتزام بالتعاليم الدينية، لم يعد من اختصاص الشرطة، نافيًا ما ذكرته ناشطات إيرانيات عن وجود نحو 7000 شرطي يقبضن على النساء غير المحجبات ببلاده.
أمثلة حية
تقول إحدى الإيرانيات: “أرتدي الحجاب رغم عدم اقتناعي به، حتى لا أتعرض للمساءلة القانونية، إذ تم احتجاز سيارتي لمدة أسبوعين لعدم ارتدائي الحجاب بالشكل المتفق عليه”.
وتقول أخرى: “إذا كان المجتمع قادر على تغيير نظرته عن خلع الحجاب ويتقبل حرية القرار، سأقوم بخلع الحجاب على الفور”.
عام 2018 كان شاهدًا على واقعة تعدي شرطة الأخلاق الإيرانية، على إحدى الفتيات بشكل مهين في أحد شوارع طهران، لعدم ارتدائها للحجاب بشكل كامل، وفقًا للقانون الإيراني.
في الوقت ذاته لم ترفض كل الإيرانيات الحجاب، فالبعض اعتبره أمر مسلم به، ورافضين الديكتاتورية، والقوانين الصارمة، المفروضة عليهن، مطالبات بالتمتع بقسط من الحرية.
معارضون محتجزون
يتعامل النظام الملالي، مع معارضيه بالشدة والقمع، حيث سجن العديد من الفتيات اللاتي تظاهرن ضد الحجاب وضد القوانين الإلزامية، كما سجن من يدعون للتمرد ضد السلطات كالمحامية الحقوقية نسرين ستودة، التي قُبض عليها بتهمة التحريض على الفساد، ونتيجة لعملها كمحامية في تمثل النساء اللاتي قبض عليهن لاحتجاجهن ضد قوانين الحجاب، وحكم عليها بالجلد 38 جلدة، والسجن 38 عامًا، إلا أنها لم تستسلم وخلعت غطاء رأسها داخل السجن.
كما قبضت السلطات الإيرانية، على ياسمين أرباني، وموجغان كشاورز، ومنيرة عربشاهي، عقب نشر فيديو لهن على مواقع التواصل الاجتماعي، في مترو الأنفاق بدون غطاء الرأس، وهن يقدمون للسيدات الزهور في يوم العالي للمرأة في العام الماضي.
احتجاجات ضد الحجاب
في يوم المرأة العالمي عام 1980، شهدت إيران احتجاجات واسعة من قبل النساء، حضرتها 15 ألف سيدة، وداومت السيدات في جميع أنحاء البلد، على التظاهرات ضد التعسف وفرض الحجاب، دون جدوى، وتم إطلاق شرطة أخلاقية في ضواحي إيران لترقب السيدات وملابسهن.
وعام 1993، قامت الطبيبة النفسية هما دارابي، بعد أن ألقت خطابًا ضد الحجاب الإلزامي في ميدان تجريش بطهران بخلع حجابها، وأضرمت النيران في جسدها.
في السنوات القليلة الماضية أظهرت المرأة شجاعتها، في التعبير عن رأيها، حيث قامت العديد من المظاهرات والحملات المُمنهجة ضد الحجاب شهدتها شوارع طهران، وانضم العديد من الرجال للتظاهرات مدافعين عن حقوق المرأة وحرياتها.
وانطلقت عدة حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تم خلالها نشر فيديوهات لامرأة إيرانية تبلغ من العمر 31عامًا تدعي ويدا موحد، وقفت على مخازن للاتصالات تلوح بوشاحها أمام المارة، وتنادي الفتيات الإيرانيات بخلع الحجاب، فحبست مما دفع الإيرانيين لإطلاق حملة شعبية باسم “”دختر خيابان إنقلاب”، حتى تم إطلاق سراحه.