يراجع الأهالي العيادات للسؤال عن نمو أطفالهم، هل هو طبيعي أو دون المستوى، وخاصة الطول، خوفا من إصابتهم بقصر القامة أو التقزم لما له من آثار سلبية على نفسية الطفل تمتد معه حتى الكبر، ولكن هناك من تحدي قصر قامته واستطاع النجاح في مجالات عدة، منها لعب كرة القدم وإحراز البطولات، أو تحدي العمل في مهن شاقة تستلزم القيام بمجهود بدني وعضلي، أو الاتجاه لعالم الموضة والأزياء وتأسيس العلامة التجارية الخاصة به.

المرأة الحديدية

بمحافظة كفر الشيخ ولدت أمل الزناتي، لتجد نفسها الطفلة الوحيدة بين 10 إخوات مصابة بالتقزم، فمحاولات عدة للتنمر بها في صغرها، وعند ذهابها للمدرسة من الأطفال والكبار أيضا، فكانت تعود لوالدها بمشاعر من الحزن والألم لما تتعرض له من مضايقات بسبب قصر طولها.

تحكي “أمل” البالغة من العمر 48 عاما ويبلغ طولها 122 سم، أن الجميع سخر منها في البداية، حتى لقبوها بالمرأة الحديدية بعدما اختارت مجالا شاقا للعمل به، وهو تجارة قطع غيار الجرارات الزراعية، وأكملت مسيرة والدها بتلك المهنة الشاقة، التي وجدت نفسها بها وتحدت الصعاب، لتجبر المحيطين على الفخر بها بعد محاولات السخرية.

قالت “أمل”، إنها طرحت على أسرتها في بداية الأمر رغبتها في العمل بالمحل الخاص بهم لقطع غيار الجرارات الزراعية، وقوبل هذا الطلب في البداية بالرفص، بسبب مشقة تلك المهنة والتعامل المستمر مع قطاعات كثيرة من الرجال، ويمكن تعرضها لمضايقات أكثر، ولكنها أصرت على خوض التجربة، وبالفعل ذهبت لمحل والداها لتبدأ العمل به.

الرحلة في البداية لم تكن “وردية” اللون، فبدأت محاولات السخرية تتجدد، ووصل الأمر لرفض الشراء منها أو التعامل معها، كان هذا الأمر يؤثر على والدها بالسلب، ولكنها قررت استكمال التجربة، تحت شعار “أنا أقدر”، وبالفعل نجحت، واستطاعت تحويل السخرية والمضايقات لمشاعر من الاحترام ، أصبح  هناك ود بينها وبين المقبلين على المحل لشراء قطع الخيار، كما تمكنت أيضا من اكتساب الخبرة والمهارة بهذا المجال، فأصبحت بمثابة المرشد والدليل للفلاحين والمزارعين بالمحافظة، الذين يستخدمون الجرارات الزراعية، فترشدهم لقطع الغيار الاصلية، وتساعدهم في اختيارها.

رحلة “أمل” بدأت منذ عام 1991 حتى 2005، عندما تزوجت وبدأت مرحلة جديدة أسست خلالها محلا خاص بها في نفس المجال التي استطاعت التميز فيه،  شجعها زوجها ودعمها لاستكمال التجربة،  لتصبح واحدة من أهم تجار قطع غيار الجرارات الزراعية في المحافظة.

استطاعت “أمل”، التغلب على مشاق المهنة، فكانت تستعين بالكراسي للصعود عليها وإحضار قطع الغيار الثقيلة من أعلى، وكانت تتعامل بحذر مع الرجال القادمين للمحل ببداية الأمر، ولكن بعد اكتسابها الخبرة والمهارة، غاب الحذر وبدأت مرحلة جديدة من الثقة بينها وبينهم.

أزياء بلمسات عصرية

أحبت الموضة ودمج الألوان والأقمشة منذ صغرها، كانت تتطلع لمتابعة أبرز خطوط الموضة العالمية، فرغم تخرجها من كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية، إلا أنها استطاعت تصميم خط الأزياء الخاص بها.

شروق غراب التي تبلغ من العمر 25 عاما، ويصل طولها لـ135 سم، قررت خوض مجال الموضة والأزياء، لتصبح واحدة من مصممي الأزياء المتميزات، تستطيع الخروج بإطلالة منفردة ومميزة، ومواكبة أيضا لخطوط الموضة العصرية.

قالت “شروق” إنها عاشت فترة دراستها بالمملكة العربية السعودية، وهناك لم تجد صعوبة في التعامل مع الآخرين، لأن المملكة تجمع العديد من الفئات المختلفة والمتنوعة، ولكن عند عودتها لمصر وجدت سلوكا مختلفا، فالتنمر من طولها يلازمها أينما كانت، نظرات غريبة، وعبارات سخيفة تتلقاها دوما، ولكنها كانت تؤمن بقاعدة أن الذي يقوم بالتنمر هو من لديه المشكلة، فكما قالت: “المشكلة في عقل المتنمر وليست في جسد المختلف”.

بدأت الشابة العشرينية تصميم أزياء مميزة للجميع، فتصميماتها موجهة لقصار القامة وغيرهم من أصحاب القامة الطويلة بتصميمات مناسبة لكل الفئات، وخاصة من يتعرضون للتنمر ومنها أصحاب البشرة السمراء، أو أصحاب الأجسام الممتلئة، وأيضا أصحاب الأجساد النحيفة يتعرضون للتنمر، وهنا تقوم “شروق” بإبراز الجانب الجمالي لكل سيدة مهما اختلف جسدها عن الآخرى، لتظهر في النهاية بمظهر مميز بإطلالة فريدة.

بدأت “شروق” تدشين صفحة خاصة لها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لعرض تصميماتها، ولتلقي طلبات تنفيذ التصميمات المختلفة من السيدات، حتى أستطاعت تأسيس “البراند” الخاص بها في عالم ملابس السيدات.

تسعي “شروق” للوصول  للعالمية، بتصميماتها المختلفة، فتأسيسها لعلامتها التجارية الخاصة كان بمثابة رسالة  لتقبل الآخرين، وتقبل الاختلافات كما قالت في حديثها، مختتمة: “حققت حلم حياتي في الأزياء”.

أول فريق كرة قدم للأقزام

من العمل بتجارة قطع غيار السيارات، وتصميم الأزياء، ما زالت نماذج النجاح مستمرة، وهنا تحت شعار “ضحك ولعب وجد”، أسس أول فريق لكرة القدم من قصار القامة والأقزام، وأصبح عضوا في الاتحاد الدولي لكرة القدم.

أسس على شعبان أول فريق لكرة القدم من قصار القامة، جمع ما يقرب من 18 لاعبا، من محافظات مصر المختلفة، قائلا  إنه قرر تدشين الفريق لدمج قصار القامة والأقزام بالمجتمع، خاصة أنهم يعانون من حالة من التهميش، كما أن لديهم إمكانيات يمكن توظيفها والاستفادة منها، فالفريق ضم مواهب فريدة في كرة القدم تؤهل للوصول للعالمية بحسب قوله.

وأضاف “شعبان” عضو الاتحاد المصري لرياضات الأقزام، أنه أسس فريقا أيضا للغطس من قصار القامة، وهنا تم الاستعانة ببدل للغطس تناسب أحجامهم، والاستعانة بإسطوانات للأكسجين بوزن أخف من العادية لمساعدتهم على الغطس، فكان دافعهم الأول والأخير للنجاح شعار “قدها وقدود”.

يقول “شعبان”، إن فريق كرة القدم يستعد في الفترة المقبلة لخوض تحديات جديدة، فهو على موعد الشهر المقبل للعب في المغرب، كما أنه يستعد للسفر لكوبا العام المقبل 2020، كما قام بالمشاركة في فعاليات ودورات محلية كللت بالنجاح، وفي الفترة المقبلة يسعى مؤسس الفريق، لتأسيس فريق من الفتيات قصار القامة للعب كرة القدم أيضا، وفريقا آخر لرياضة الكاراتية.

“شعبان”، أحد أعضاء مؤسسة  “نجوم الخير” المهتمة بالنشاط الرياضي لذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، قال إن فريقي كرة القدم والغطس شاركوا بالدورة الثانية لمهرجان تنشيط السياحة في مدينة شرم الشيخ، وحققوا نجاحات عدة.