قفزت صادرات مصر من الحاصلات الزراعية خلال النصف الأول من العام الحالي 2020، إلى 3 ملايين و621 ألف و259 طنًا، في زيادة تتجاوز  15% عن النصف الثاني من العام الماضي 2019، رغم تداعيات أزمة كورونا على حركة التجارة الدولية، حيث حذرت منظمة التجارة العالمية “wto” من انخفاض أنشطة التوريد والاستيراد بنسبة تصل إلى 30% خلال العام الحالي 2020، مع امتداد أثر الجائحة على التجارة الدولية للعام المقبل 2021.

وتعددت أسباب زيادة صادرات مصر من الحاصلات الزراعية خلال الأشهر الستة الماضية، رغم تداعيات كورونا، مما ساهم في زيادة فرص تنمية الإنتاج الزراعي، الأمر الذي كان له أثر واضح على الاقتصاد وعوائد مصر من النقد الأجنبي.

استغلال الأزمة

يقول محمد أبو رواش، صاحب شركة لتصدير الحاصلات الزراعية: “استغل مصدرو المحاصيل الزراعية المصريون، مُتمثلين في اتحاد مصدري المحاصيل الزراعية، والمؤسسات الرسمية خاصة الإدارة المركزية للحجر الزراعي، فرصة انخفاض القدرة التصديرية لمعظم الدول نتيجة لأزمة كورونا، وقاموا بتكثيف عملية التصدير إلى عدد كبير من الدول، مما أدى لزيادة كبيرة في حجم الصادرات المصرية”.

ويضيف أبو رواش: “أدت تداعيات أزمة كورونا إلى توقف بلدان هامة في مجال تصدير الحاصلات الزراعية، مثل إسبانيا والتي تفوقنا عليها في تصدير محصول البرتقال”، مشيرًا إلى أن الطفرة التي حدثت في التصدير بدأت حتى قبل أزمة كورونا، بسبب “تكويد” المزارع المصرية للتأكد من جودة المنتجات الزراعية ومطابقتها للمواصفات العالمية، واعتماد المزارع المصرية كمصدر لإنتاج محاصيل زراعية صحية وخالية من المبيدات الزراعية”.

عملية التكويد

خلال السنوات الأخيرة سعت وزارة الزراعة، إلى زيادة عدد المزارع التصديرية “المكودة” بالتعاون مع عدة جهات مصرية ودولية والتأكد من خلو منتجاتها من متبقيات المبيدات الكيماوية.

و”التكويد”، هو عملية تتطلب عدة إجراءات، حيث يقوم أصحاب المزارع ومحطات التعبئة بالتوجه للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية لطلب التكويد، ثم تقوم اللجنة الثلاثية التي تتكون من الحجر الزراعي والمجلس التصديري بالفحص والاعتماد طبقًا للاشتراطات التي نص عليها القرار المشترك لوزيري التجارة والزراعة بخصوص الأمر، ثم يقوم المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات بمركز البحوث الزراعية، بتحليل العينات، وبعد التأكد من خلوها من متبقيات المبيدات الكيماوية، يتم منح المزرعة أو محطة التعبئة “كود” تصديري، وهو أهم الاشتراطات التي تضعها الأسواق المستوردة.

بيئة الاستثمار

المهندس الزراعي، علاء أبو جليل، يقول إنه بخلاف تكثيف مصر لصادرتها الزراعية خلال فترة ارتباك سادت جميع دول العالم وأضعفت من قدرتها الإنتاجية والتصديرية جراء أزمة كورونا، فإن النمو الكبير لمزارع إنتاج الحاصلات الزراعية وتنوع إنتاجها، ساعد على زيادة الصادرات الزراعية، حيث يُقبل المستثمرون في مجال الإنتاج الزراعي، على الاستثمار في مصر كونها بيئة صالحة لزراعة أغلب المحاصيل.

سبب آخر يراه “أبو جليل”، لزيادة إقبال المستثمرين الزراعيين على الاستثمار في مصر، وهو انخفاض تكلفة الإنتاج، سواء الأراضي والتي يحصلون عليها بأسعار منخفضة إضافة لسهولة الحصول على المياه اللازمة لعملية الزراعة، أو العمالة “الرخيصة” والتي تعاني من تدني الأجور، مشيرًا إلى أن المستثمرين الزراعيين في مصر ينتمون لجنسيات كثيرة مصرية وأردنية وسورية وهندية وغيرها.

ويشير، إلى أن شركات التصدير تشتري من المزارعين أصحاب المساحات الصغيرة أو المتوسطة، بشرط مطابقة منتجاتها للمواصفات العالمية، وتمد في بعض الأحيان المزارعين بالتقاوي، كما تتعاقد أيضًا مع أصحاب المزارع الكبيرة لشراء منتجاتهم، لكن النسبة الأكبر من هذه المزارع يقوم أصحابها بعقد الاتفاقات التصديرية مع الدول المستوردة بأنفسهم ما يزيد بالطبع من أرباحهم، مضيفًا أن سعي أصحاب المزارع، بل وأصحاب المساحات الصغيرة للتكويد ساهم بشكل كبير في زيادة الصادرات.

فتح أسواق جديدة

وذكر تقرير أصدرته الإدارة المركزية للحجر الزراعي التابعة لوزارة الزراعة، أن الموالح خاصة البرتقال، احتلت المرتبة الأولى بنسبة 1.2 مليون طن، تليها البطاطس 600 ألف طن، ثم البصل 150 ألف طن، والثوم 23 ألف طن، والفراولة 20 ألف طن، يليهم الفاصوليا والفلفل والخيار والرمان والباذنجان والمانجو والجوافة والعنب.

كما تم فتح 20 سوقًا تصديرية جديدة خلال الأشهر الستة الماضية من بينها نيوزيلندا، وموريشيوس، وأذربيجان، وأوزبكستان والصين وغيرها من البلدان في أوروبا وآسيا.

فرص النمو

ويعتقد اقتصاديون، أن هناك فرصة كبيرة لنمو صادرات المحاصيل الزراعية، ووصول عوائدها لـ 5 مليارات دولار خلال العام الحالي، مما سيمثل مصدرًا مهمًا من النقد الأجنبي، في ظل توقعات بتقلص عوائد مصر النقدية من السياحة وتحويلات المصريين بالخارج جراء كورونا، ويساعد في هذا اتجاه أصحاب المزارع وحتى المزارعين الصغار للحصول على “كود” التصدير، كما حدث مع مزارعي الفراولة، إضافة للتسهيلات والدعم المقدم من الحكومة لمستثمري ومصدري الحاصلات الزراعية.

لكن أصحاب شركات ومحطات تصدير شككوا في وجود هذا الدعم، منهم “أبو رواش”، الذي قال إن الشركات تواجه معوقات كثيرة خاصة داخل البلاد التي يصدرون إليها، وأن دور الملحقين التجاريين في السفارات المصرية بهذه البلدان معدوم تمامًا، إضافة لتأخر صرف قيمة الـ 9% من حجم الصادرات التي أقرتها الحكومة لدعم المصدرين.