أقرت الحكومة المصرية، خلال السنوات السبع الماضية، العديد من القوانين التي شغلت الرأي العام، ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في دراسة لها 25 قانونًا وصفتها بأنها “مقيدة للحريات”، مما كان له تأثير واضح على مستوى حرية الرأي التعبير في مصر.
قانون التظاهر
صدر القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 والذي عُرف بقانون التظاهر، ويعد أبرز القوانين المخالفة للدستور، والذي ينص على الحق في حرية الرأي والتعبير بكافة الوسائل، بما في ذلك الاجتماع والتنظيم والوقفات الاحتجاجية والإضرابات.
منح وزير الداخلية حق منع التجمع حتى مع الحصول على الموافقة الأمنية، قبل الموعد المحدد لبدء التجمع أو نقله إلى مكان آخر.
تعديل قانون الجامعات
في 2014 صدر قرار رقم 15 لتعديل قانون الجامعات، وجاء نص التعديل كالتالي: “لرئيس الجامعة أن يوقع عقوبة الفصل على الطالب الذي يمارس أعمالًا تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو تُعرضها للخطر، أو تستهدف منشآت الجامعة أو الامتحانات أو العمل داخل الجامعة أو الاعتداء على الأشخاص أو الممتلكات العامة والخاصة أو تحريض الطلاب على العنف واستخدام القوة، أو المساهمة في أي مما تقدم”.
وفي العام التالي صدر قانون رقم 3 لسنة 2015 بشأن تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، حيث كان القانون ينص على أنه يعاقب عضو هيئة التدريس بالفصل من عمله والعزل في حال اشتراكه في أعمال التحريض على العنف، وفي حال ممارسة أعمال حزبية داخل الجامعة، إلا أن القانون الجديد وضع بندًا آخر مطاطًا ينص على: “يعاقب عضو هيئة التدريس بالعزل في حال اقترافه لـ كل فعل يزري بشرف عضوية هيئة التدريس، أو من شأنه أن يمس نزاهته وكرامته وكرامة الوظيفة، ولم يحدد ما هو ذلك الفعل الذي من شأنه أن يزري بشرف عضوية هيئة التدريس”.
قانون مباشرة الحقوق السياسية
القانون رقم 45 لسنة 2014، والذي حرم قطاعات كبيرة من المواطنين من التصويت، وكذلك وضعت تعريفات مطاطة للأشخاص الممنوعين، كما احتوى على عدد من البنود للحد من حرية الصحافة بتهم مطاطة مثل إشاعة وبث أخبار كاذبة حول الانتخابات، أو توجيه الانتقاد لأعضاء الهيئة العليا للانتخابات، ومعاقبة مرتكب ذلك بالحبس”.
قانون الأشياء الأخرى
قانون 128 لسنة 2014، والذي صدر في غياب برلمان منتخب، خلال شهر سبتمبر، والمعني بتعديل نص المادة 78 من قانون العقوبات، وتحويلها إلى واحدة من أكثر المواد المرنة والفضفاضة في تاريخ التشريع المصري، إن لم تكن أكثرها على الإطلاق، لاستهداف المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني.
إحالة مجندي الشرطة للقضاء العسكري
ويخضع مجندو الشرطة، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 130 لسنة 2014، بمرفق الشرطة للقضاء العسكري بدلاً من القضاء الطبيعي، وأصبح القضاء العسكري يختص، دون غيره، بالفصل في كافة الجرائم التي تقع من المجندين الملحقين بخدمة هيئة الشرطة.
قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية
صدر القانون 136 لسنة 2014 ليضع عددًا من المنشآت العامة والحيوية تحت حماية القوات المسلحة، وتخضع الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار لاختصاص القضاء العسكري.
قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين
جاءت التعريفات الخاصة بالكيانات الإرهابية والإرهابيين فضفاضة، ما وضع بعض الكيانات المعارضة، تحت مرمى نيران هذا القانون الذي ينص على مصادرة الأموال وحل الكيانات القبض على الأعضاء بها وتوقيع أقصى العقوبات بالحبس المؤبد أو المشدد.
قانون مكافحة الإرهاب
أدرج القانون، عددًا من الأنشطة السلمية التي قد تمارسها الأحزاب السياسية والحركات الاحتجاجية والطلابية والعمالية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني كأنشطة إرهابية، كما أمه لا يعطي تعريفًا متماسكًا للعمليات الإرهابية ولأعضاء الجماعات الإرهابية، ويستخدم أقصى العقوبات كالإعدام والمؤبد، بشكل واسع ضد من يتورط في المشاركة دون أن يمارس الإرهاب، مثل من يسرب معلومات، أو من يمول، أو يحرض، أو يخطط.
ونص القانون، على معاقبة من يعبر عن رأيه على صفحات التواصل الاجتماعي، او يروج لأفكار ومعتقدات داعية لاستخدام العنف، بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولم يحدد شكل العنف المقصود.
ويقيد القانون، حرية الصحافة، حيث ينص على: “يُعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من تعمد، بأية وسيلة كانت، نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وفي جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة، إذا وقعت الجريمة إخلالاً بأصول مهنته”.
تعديل قانون العقوبات وحيازة مفرقعات
يضع هذا القانون المدنيين من غير المشاركين في الأعمال الإرهابية محل اتهام، كما يضطر المواطن العادي لأن يسلك سلوك المخبرين، فيتلصص على جاره أو زميله أو أحد أقربائه ويبلّغ عنه، حتى لا يتم اتهامه هو بالتستر عليه.
تعديلات قانون تنظيم السجون
جاءت أبرز التعديلات في “منح الحق لمدير السجن أو مأمور السجن بحبس المسجونين انفراديا مدة لا تزيد عن 15يوما، وذلك بدلا من أسبوع فقط في القانون القديم.
قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام
تأسس هذا القانون بموجب المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، ومن بين بنود هذا القانون وتوصيف مهام المجلس الأعلى للإعلام: ضمان التزام الوسائل الإعلامية والصحفية بمقتضيات الأمن القومي. ويرى عدد من الحقوقيين انه بموجب هذه المادة، تم القبض على عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، كما تم غلق صحف وحظر مواقع تحت دعاوى الإخلال بالأمن القومي.
تعديل بعض أحكام القوانين منها قوانين الإرهاب
أضيفت بعض المواد التي تعطي سلطة مطلقة للنائب العام لتوسيع رقعة الاشتباه في جرائم الإرهاب، وتوسيع سلطاته في مصادرة الأموال والتحفظ عليها، والاستدعاءات والحبس.
تعديل أحكام الطوارئ
أضيفت مادتان بالقانون الذي طبقه الرئيس الأسبق حسني مبارك لمدة 30 عاما، وجاءت التعديلات بالضبطيات القضائية، وتطلق يد الشرطة في احتجاز المواطنين دون عرضهم على النيابة لمدة تصل إلى 7 أيام، حيث لمأموري الضبط القضائي متى أعلنت حالة الطوارئ التحفظ على كل من توافرت في شأنه دلائل على ارتكابه جناية أو جنحة وعلى ما قد يحوزه بنفسه، ويجوز بعد استئذان النيابة العامة احتجازه لمدة لا تجاوز سبعة أيام لاستكمال جمع الاستدلالات، على أن يبدأ التحقيق معه خلال هذه المدة.
قانون تنظيم الهيئات الشبابية
يسمح هذا القانون بوضع الهيئات الشبابية تحت الرقابة الأمنية والتحكم الكامل من الحكومة حيث تنص المادة 13على: وللوزير المختص أن يضم لعضوية مجلس إدارة الهيئة ثلاثة أعضاء على الأكثر من ذوي الخبرة على ان يكون من بينهم امرأة حال عدم انتخاب واحدة في المجلس وتكون لهم كافة حقوق عضوية مجلس الإدارة وعليهم التزاماتها.
قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية
أتاح هذا القانون لرئيس الجمهورية أن يتخطى مبدأ الاقدمية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، ويختار بنفسه من بين عدد يتم ترشيحهم له، وهو ما يمثل تدخل في الاعمال الإدارية للسلطة القضائية.
قانون جرائم تقنية المعلومات
استهدف هذا القانون حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حجب المواقع الإلكترونية وغلق المنصات الإعلامية والصحفية والتنكيل بالقائمين عليها.
قانون تنظيم الصحافة والإعلام
أثار هذا القانون فور صدوره عاصفة من الغضب بين الصحفيين وأروقة المؤسسات الصحفية، حيث احتوى القانون على قائمة من الممنوعات ولائحة من الجزاءات اعتبرها المراقبون تشييع للصحافة لمثواها الأخير.
ويضع قيودًا على الصحافة والإعلام، وينص على تأسيس المجلس الاعلى للصحافة والإعلام، والذي من شأنه مراقبة كل ما ينشر على الإصدارات الصحفية، إلكترونية كانت أم ورقية، كما يوسع رقعة الاتهام بالتحريض على الإرهاب والسب والقذف وينص على عقوبات كالحبس والغلق والحجب.
قوانين هيئات الصحافة والإعلام
تضافرت هذه القوانين مع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، لإنشاء المزيد من الهيئات التي تشكل رقابة أمنية على الإصدارات الصحافية، ورقية كانت أو إلكترونية”، مع لائحة الجزاءات لسنة 2019 التي “غلب عليها منهجية تهدف إلى التضييق على حرية الرأي والتعبير وخنق المجال الإعلامي، وفتحت الباب نحو غلق المساحات الإعلامية أمام المعارضين.
قانون الهيئات القضائية وتعيين رؤسائها
وهذان القانونان، يمنحان الرئيس سلطة واسعة في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى.
قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية
أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليحل محل قانون رقم 70لسنة 2017 والذي أثار سخطا محليا ودوليا، وقام باستبدال بعض المواد أملا في التخفيف من وطأة هذا القانون، حيث ألغى القانون الجديد العقوبات السالبة للحريات واكتفى بالغرامة.
لائحة الجزاءات لسنة 2019
في مارس 2019أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام القرار رقم١٦ لسنة ٢٠١٩ “لائحة الجزاءات للحسابات الشخصية التي يتجاوز عدد متابعيها أكثر من 5000شخص، وتتكون اللائحة من 29مادة وتنوعت هذه الجزاءات بين لفت النظر، والحجب، وإيقاف البث، والغرامة المالية وصلت إلى 250ألف جنيه ضد الوسيلة الإعلامية سواء كانت “مقروءة أو مسموعة أو مرئية”.
قانون الكيانات الإرهابية
جاءت تعديلات القانون لتوسيع رقعة الاشتباه بالإرهاب، وتضمن تهما مطاطة تضع كل مواطن تحت تهمة الإرهاب.
قبضة أمنية
المحامي الحقوقي كريم عبد الراضي، يقول إن مصر في الأساس لديها ترسانة من القوانين المقيدة للحريات، إلا أن البرلمان لعب خلال السنوات الماضية، دورًا في زيادة تلك القوانين التي أحكمت القبضة الأمنية على مساحة الحريات في مصر.
ويضيف “عبدالراضي”: “كثيرًا من تلك القوانين تحتوي على نصوص مطاطة وفضفاضة سهلت من كثرة الاتهامات وزيادة عدد المحبوسين، كما مكنت الأمن الوطني من القضايا الخاصة بالحريات في مصر، فأصبحت كل القضايا التي تخص تلك القوانين والتي تمس الحريات تنظر أمام الأمن الوطني”.
ويتابع المحامي الحقوقي: “المشهد كان واضحًا في أحداث سبتمبر الماضي، حيث ألقت قوات الأمن القبض على آلاف المواطنين بعدة، وتم حبسهم لمدة أسابيع دون عرضهم على النيابة وهذا ما شرعنته تلك القوانين، حيث أصبح للسلطة التنفيذية القدرة على حبس المواطنين بالأيام والأسابيع دون عرضهم على النيابة”.
ويستطرد عبدالراضي: “حتى الإعلام والصحافة لم يسلم من تلك القوانين التي ساهمت في إحكام السيطرة على المجال الصحفي في مصر، والتي باتت مهددة بحبس أبناء المهنة أو حجب المواقع الصحفية، بالإضافة إلى التشريعات التي سهلت التحكم في شبكات التواصل الاجتماعي التي أٌطلق عليها خلال السنوات الماضية بالإعلام البديل.
ويختتم المحامي الحقوقي حديثه قائلًا:” نتيجة ترسانة القوانين المذكورة سيطر الخوف على الحياة العامة في مصر، لأن أي شخص يعلم جيدًا أنه معرضًا للحبس الاحتياطي الذي قد يظل لسنوات”.
تضييق سياسي
ويرى ياسر سعد المحامي بقضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن القوانين المذكورة ساهمت في خلق حالة من حالات التضييق السياسي في مصر عن طريق تخويف العاملين بها، بتجريم العمل السياسي واتهامهم بالتهم المطاطية الموجودة في القوانين المذكورة، من أول الجمعيات الأهلية حتى تأسيس المواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى منع العاملين في السياسية من تكوين تنظيمات سياسية أو التنظيمات العادية المهتمة بالانخراط في المجال العام والمشاركة في الانتخابات، كما أن القوانين المذكورة ساهمت في منع الشخص المعاقب بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية في تكون جمعيات أهلية رغم أن الأصل كان الجرائم المخلة بالشرف والأمانة دون غيرها.
ويضيف “سعد”، أن القوانين الخاصة بالصحافة والإعلام ساهمت ايضًا في التضييق الأمني على المجال الصحفي في مصر، بالإضافة إلى سحب اختصاصات نقابة الصحفيين المسؤولة عن معاقبة أعضائها وتنظيم العمل الصحفي، وإنشاء هيئات أخرى تختص بتلك الاختصاصات، مشيرا الى العقوبات التي وقعتها تلك الهيئات لاحقت الصحف والصحفيين خلال الفترة الماضية بسبب موضوعات النشر.
وينوه “سعد” بأن التوسع في تلك القوانين أحكم القبضة الأمنية على مساحة الحريات في مصر، وأغلق المجال أمام المعارضين والحقوقيين والعاملين في مجال الإعلام، والنتيجة هي حالة من الهلع والخوف والترقب.