أيام قليلة تفصل طلاب الثانوية العامة عن إنهاء امتحاناتهم هذا العام، ومنها إلى النتيجة المنتظرة، حيث يبحث الطلاب وأسرهم عن الكلية والجامعة المناسبة لهم، والمتوافقة مع رغباتهم وميولهم.

كثيرًا ما تتفوق الميول والرغبات على المجموع الذي يحصل عليه الطالب، وهو ما يدفع الأسر للبحث عن جامعات خاصة يلتحق بها الأبناء، وهنا تحدث الصدمة، بسبب ارتفاع المصاريف مقارنة بدخول الأسر المتوسطة، ففي آخر إحصاء أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عام 2018 تبين أن متوسط الدخل السنوي للأسرة المصرية المتوسطة يبلغ تقريبًا 58.9 ألف جنيه، وهو متوسط دخل الأسرة بأكملها في عام كامل، فكيف الحال عندما تفوق بعض الجامعات الخاصة هذا الرقم، وربما أضعافه كثمن لدراسة طالب واحد خلال عام دراسي واحد؟.

لم تكن الظروف المحيطة التي يمر بها الجميع هذا العام سبباً كافياً أمام الجامعات الخاصة وإداراتها لتخفيف أعباء مصروفاتهم للعام الدراسي الجديد، فقد أعلنت بعض الجامعات عن أسعار تتراوح بالزيادة أو النقصان بنسبة 5% مقارنة بالعام الماضي، مع الأخذ في الاعتبار أن جميعها تدور أسعارها في فلك المواطن الثري، خاصة في حال وجود أكثر من ابن في مراحل التعليم المختلفة داخل الأسرة الواحدة.

بورصة الأسعار

في جامعة 6 أكتوبر، وهي إحدى الجامعات الخاصة الشهيرة، أعلنت أن مصروفات كلية الطب والجراحة هذا العام 120 ألف جنيه، بينما تصل مصروفات كلية طب الأسنان إلى 90 ألف، وكلية الصيدلة الإكلينية 85 ألف، وكلية الصيدلة الدوائية 75 ألف، والعلاج الطبيعي 61 ألف، بينما تصل مصروفات كلية العلوم الطبية التطبيقية لـ 35 ألف، والتمريض تبلغ مصروفاته 20 ألف، وتصل مصروفات كلية التربية للغة الإنجليزية 22 ألف، أما التربية لأقسام العربي لرياض الأطفال، فتبلغ مصروفاته 18 ألف، وكلية الاقتصاد والإدارة بـ 40 ألف في حال دراستها باللغة الإنجليزية، بينما تبلغ مصروفاتها للقسم العربي 30 ألف جنيه، ومصروفات كلية السياحة وإدارة الفنادق 18 ألف جنيه، وكلية الهندسة تبلغ مصروفاتها 55 ألف، أما كلية الفنون التطبيقية فتبلغ مصروفاتها 35 ألف، والحاسبات و المعلومات 30 ألف، وكلية لغات وترجمة إنجليزي 27 ألف .

وبالانتقال إلى جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تبين أن مصروفات كلية الطب البشري 85 ألف جنيه، بينما تصل كلية طب الأسنان هناك إلى 65 ألف، والصيدلة بما يقرب 55 ألف، وكلية العلاج الطبيعي بـ 45 ألف، وكلية تكنولوجيا المعلومات ما يزيد عن 22 ألف، وهو نفس سعر كلية اللغات والترجمة هناك، أما الإرشاد السياحي وكلية التربية الخاصة فكلاهما بما يقترب من 15 ألف جنيه.

وفي جامعة بدر، تصل أسعار مصروفات كلية الطب والجراحة إلى 100 ألف جنيه للعام الواحد، أما طب الأسنان بـ 65 ألف، والصيدلة الإكلينيكية والصيدلة العلاجية كلاهما بـ 45 ألف، ومصروفات كل من كليات العلوم الطبية التطبيقية والطب البيطري والهندسة 35 ألف، وكلية الحاسبات والمعلومات 32 ألف، وهي تفوق كلية العلوم السياسية هناك، التي يبلغ سعرها 30 ألف جنيه، أما التمريض فتبلغ تكلفة دراسته للعام الواحد 17 ألف.

أما جامعة الأهرام الكندية، فتصل دراسة العلاج الطبيعي لـ 80 ألف، بينما تبلغ تكلفة الدراسة بكلية التصميم والفنون الإبداعية إلى 60 ألف والصيدلة 85 ألف، وطب الأسنان بـ 65 ألف وكلية الهندسة بـ 35 ألف ومصروفات كلية علوم الحاسب بـ 50 ألف، وتقترب كثيراً من سعر كلية إدارة الأعمال التي يبلغ تقديرها بـ 46 ألف جنيه للعام الواحد.

المستوى الاجتماعي يحكم

يتخيل البعض أن أفراد الأسرة والطالب هم من يختارون الكلية والجامعة التي سيدرس فيها الطالب، لكن حقيقة الأمر غير ذلك، فالجامعات هي التي تختار من يدرس بها، وذلك بوضع لوائح ومواصفات خاصة لمن يلتحق بها بخلاف السعر، فهناك أمور يجب مراعاتها، أهمها أن يكون الطالب قد درس المرحلة الثانوية في مدارس لغات، وربما تشترط بعض الجامعات أن يكون الطالب قد قضى الثانوية العامة في مدارس دولية حتى يُقبل في أقسام اللغات داخل الجامعة “حتى وإن كان بإمكانه دفع المصروفات”.

مطلب برلماني

طالب عدد من أعضاء مجلس النواب، بتخفيف مصروفات الجامعات الخاصة، منهم النائب اللواء شكري الجندي وكيل اللجنة الدينية، والذي نشر بيانًا مطلع شهر يونيو الماضي، أوضح خلاله أنه تقدم بطلب للحكومة ووزارة التعليم العالي، بتخفيض رسوم ومصاريف الجامعات الخاصة، ووضع لائحة مالية للجامعات تتضمن أسعار موحدة لرسوم ومصاريف الكليات، على ألا يُترك الأمر وفقًا لأهواء رؤساء ومجالس إدارات الجامعات الخاصة.

إلا أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أكدت في أكثر من موقف لها أنه لا يمكن أن تحدد لكل جامعة قيمة مصروفات كل كلية بداخلها، فالأمر بها معتمد على الخدمات التي تُقدمها كل جامعة لطلابها، ويرجع ذلك لعملية العرض والطلب، ولن تضع الدولة تسعيرة ثابتة لدراسة الطب على سبيل المثال داخل الجامعات الخاصة، نظراً لأن الأمر يختلف باختلاف الخدمات المقدمة داخل كل جامعة، وهو ما أكده سيد عبد الحفيظ الخبير التعليمي، الذي أوضح أن رقابة الوزارة موجودة، لكنها تأتي من خلال مجالس أمناء الجامعات الخاصة، حيث يقدمون تقارير شهرية رقابية، تستعرض المستوى العلمي والأكاديمي داخل كل جامعة.