يكفل الدستور المصري، للمحبوسين احتياطيًا حق التصويت في الانتخابات التشريعية، حيث لم يعتبر الحبس الاحتياطي عقوبة، وإنما هو إجراء من إجراءات التحقيق وليس الحكم النهائي الذي اشترطه قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومع اقتراب انتخابات مجلس الشيوخ ظهر الحديث عن مشاركة المحبوسين احتياطيًا في عملية التصويت.

وصرحت الهيئة الوطنية للانتخابات، اليوم، بأن المحبوسين احتياطيًا لهم حق التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، تطبيقًا لمبدأ أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ليُعطي بارقة أمل بتنفيذ هذا المطلب الذي طالما نادى به المجتمع المدني.

تقديرات وزارة الداخلية

المستشار خالد عراق، عضو مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات، يقول إنه من حق المحبوسين احتياطيا المشاركة في التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ القادمة، وهو حق أصيل له كما نص الدستور، طالما لم يصدر ضده حكم نهائي.

وعن معوقات تصويت المحبوسين احتياطيًا، يوضح عراق، أنه قد تكون هناك عوائق لوجستية بسبب بُعد أماكن بعض السجون، أو لخطورة بعض المتهمين، حيث يصعب نقلهم للجان المخصصة للتصويت في سجن آخر.

ويشير عراق، إلى أن القرار يرجع لتقديرات وزارة الداخلية والتي ستخاطبها الهيئة، لبيان آلية تنفيذ مشاركة المحبوسين احتياطيًا في انتخابات مجلس الشيوخ، وهي من ستوضح مستحقي التصويت تبعًا لخطورة الجرائم، مثل المتهمين في قضايا تتعلق بخيانة الدولة أو الإرهاب، مع التأكيد على أن “المتهم برئ حتى تثبت إدانته”.

وينوه عراق، إلى أن كل ما يثار من معلومات عن أعداد المحبوسين احتياطيًا على مواقع التواصل الاجتماعي أو عدد من المنظمات الحقوقية غير دقيق، ومن تمتلك قاعدة البيانات بهذا هي الدولة.

الحرمان من ممارسة الحقوق السياسية

حدد القانون، حالات الحرمان المؤقت من ممارسة الحقوق السياسية بصدور حكم نهائي في 8 حالات وهي:

1- من صدر بحقه حكمًا نهائيًا لارتكابه جريمة التهرب من أداء الضريبة أو الجريمة المنصوص عليها بالمادة 132 من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.

2- من صدر بحقه حكمًا نهائيًا لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية.

3-من صدر بحقه حكمًا نهائيًا من محكمة القيم بمصادرة أمواله.

4- من صدر بحقه حكمًا نهائيًا بفصله أو بتأييد قرار فصله من خدمة الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام لارتكابه جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة.

5-من صدر بحقه حكمًا نهائيًا لارتكابه إحدى جرائم التفالس بالتدليس أو بالتقصير.

6-المحكوم عليه بحكم نهائي في جناية.

7- من صدر بحقه حكمًا نهائيًا بمعاقبته بعقوبة سالبة للحرية لارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل السابع من قانون “الجرائم الانتخابية”.

8- من صدر بحقه حكمًا نهائيًا بمعاقبته بالحبس إما لارتكابه جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو رشوة أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية، وإما لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني بشأن اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات بشأن هتك العرض وإفساد الأخلاق.

تصويت المحبوسين احتياطيًا في الانتخابات الرئاسية

في 2019 بعد التصويت على التعديلات الدستورية، صرح المستشار محمود الشريف، المتحدث باسم الهيئة الوطنية للانتخابات، أن المحبوسين احتياطيًا الذين لم يصدر ضدهم أحكامًا قضائية لهم حق التصويت في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حال طلب المحبوس الإدلاء برأيه بالتنسيق مع النائب العام ووزارة الداخلية، ولكن هذا لم يحدث.

يسرد المحامي طارق زغلول، المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن القانون لم يمنع المحبوس احتياطيًا من مباشرة حقوقه السياسية، موضحًا أنه حدث ذلك أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2012.

ويوضح زغلول، أن اللجنة العليا للانتخابات طلبت من مصلحة السجون حصر عدد المحبوسين احتياطيًا ومن يرغب في الإدلاء بصوته، وتم تجميع كل من طلب ذلك في سجن واحد للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير.

ويضيف زغلول، أن الهيئة الوطنية سيكون دورها مخاطبة النائب العام ووزير الداخلية لوضع آلية التصويت للمحبوسين احتياطيًا.

الحق في الحياة العامة

يوضح ناصر أمين، المحامي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن مشاركة المحبوسين احتياطيًا في العملية الانتخابية يأتي في إطار الحق في الحياة العامة، ويجب دعمه لأنه مطلب المجتمع المدني منذ أكثر من 15 عامًا.

ويتابع أمين: “هذا أمر بالغ الأهمية ولكنه مشروط بوجود آلية جادة وشفافة لتنفيذه، وأيضًا توفير المراقبة المجتمعية ولا سيما أنه سيتم داخل أماكن الاحتجاز ويستلزم الأمر وجود نُشطاء حقوقيين يُشهد لهم بالنزاهة والحيادية”.

ويشدد أمين، على أنه لا يجب أن يتم قصر أمر المراقبة المجتمعية على المجلس القومي لحقوق الانسان، معقبًا: “هو إحدى مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية وفقًا لاتفاقيات باريس ولكنه في النهاية يصنف على أنه جهة تابعة للدولة، ولكني اتحدث عن إشراك منظمات المجتمع المدني المستقلة في الرقابة”.

ويشير عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى أن المجلس لا يمتلك رقم دقيق عن عدد المحبوسين احتياطيًا، قائلًا: “على الحكومة أن تُعلن أعداد المحبوسين احتياطيًا حتى يتم التجهيز اللوجيستي اللازم لهذه المشاركة سواء من قبل الحكومة أو من قبل المجتمع المدني”.

ويستطرد أمين: “الأمر يتوقف على مدى التزام الحكومة بتعهداتها، ومجرد الاستخدام الإعلامي والاستهلاك المحلي فيعد محض إجراء شكلي وغير مجدي، وإن تمكنت الحكومة من إشراك المحبوسين في العملية الانتخابية، فهذا يحسب لها”.