بعد إعلان الحكومة، عن إجراءات التعايش مع فيروس كورونا المستجد، أصدرت وزارة التضامن الاجتماعي، عودة العمل بالحضانات، مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لحماية الأطفال من الفيروس التاجي، ونظرًا لعودة العمل إلى طبيعته، اضطرت الأمهات إلى إرسال أبنائهن إلى الحضانات، رغم مخاوف انتقال العدوى.

إلا أن كورونا لا يُهدد الأطفال فحسب، بل يضع الحضانات التي يظهر بها في مأزق حقيقي، حيث تخسر سُمعتها بين الأهالي، فلن يوافق أحد منهم على إرسال طفله إلى مكان ظهر به الوباء، و

تجربة حضانة عادت بعد أزمة كورونا

كريمة الديب صاحبة إحدى الحضانة بمحافظة الجيزة، أكدت أنها تتبع الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، حيث طلبت من الأسر التي تُرسل أبنائها للحضانة بأن توفر لكل طفل زجاجة مياه وطعام خاص بها، بالإضافة إلى المطهر والمناديل الخاصة، مؤكدة أن الحضانة كاملة يتم تنظيفها بديتول وكلور بعد رحيل الأطفال يوميًا، كما أنها تقوم بوضع المطهر على أيدي الأطفال فور دخولهم للحضانة وقبل رحيلهم.

وعن التباعد الاجتماعي داخل الحضانة، أوضحت كريمة الديب أن هذا الأمر صعب للغاية، فالأطفال يصعب السيطرة على معاملاتهم داخل الحضانة إلا أنها تحاول قدر الإمكان التقليل من تجمع عدد كبير منهم في مكان واحد، لافتة إلى أن عدد الأطفال قل كثيرًا عن النسبة التي أعلنتها الوزارة بسبب المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا.

سامي على، مالك إحدى الحضانات، يقول إنه عاد للعمل بالفعل،  إلا أن الكثير من أولياء الأمور امتنعوا عن إعادة أطفالهم للحضانة، وهو الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة، نظرًا إلى أن عدد الأطفال داخل الحضانة لا يزيد عن 15% من العدد قبل الأزمة الراهنة.

ويضيف علي، أن الإجراءات الاحترازية يتم تنفيذها بشكل حاسم وجاد خاصة في التعامل مع أولياء الأمور، ويتم توفير كافة الأدوات التي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي، بل وأكثر من الإجراءات المتبعة،فصاحب الحضانة من مصلحته أن يحمى حضانته من ظهور فيروس كورونا بها لأن مثل هذا الأمر قد ينهى تمامًا مستقبل الحضانة المهدد لنقص عدد الأطفال.

ليلي محسن، أم ثلاثينية، تؤكد أنه رغم المخاوف التي تسيطر عليها من فيروس كورونا، إلا أنها اختارت حضانة توفر جميع الإجراءات الاحترازية واطمأنت على العدد الموجود بداخلها والكشف الدائم عن حرارة الأطفال، وتركت طفلها في الحضانة مشيرة إلى أنها زارت الحضانة أكثر من مرة بشكل مفاجئ بعد الالتحاق بها للتأكد من اتباع التعليمات، فضلًا عن توفيرها جميع أدوات النظافة الشخصية لطفلتها، قائلة: “عملت كل اللي عليا لحمايتهم والشغل مبيرحمش كنت مضطرة”.

هدى عبد الصبور، أم وتعمل مهندسة، أكدت أنها أخذت إجازة بدون مرتب لحين انتهاء الأزمة لأنها لا ترغب في إرسال طفليها إلى الحضانة، قائلة: “لو ابنى تعب أو اتصاب حياتي كلها هتضيع والمرتب والشغل كله ملوش قيمة”، مؤكدة أنه في حال عدم توفير مناخ آمن لأطفالها في المدرسة أيضًا ستمتنع عن إرسالهم.

بينما روت “ليلى” قصة بحثها عن حضانة جديدة تناسب الوضع الوبائي الحالي قائلة: “بنتي كانت في حضانة مجاورة لكنها غير مرخصة، وبالتالي فلن يكون هناك رقابة أو إشراف من الوزارة عليها، وبعد عودة الحضانات خوفت من تأزم الوضع أو ظهور حالات فبحثت عن حضانة مرخصة وبها وسائل حماية كافية وذهبت لأكثر من 10 حضانات ومن واقع تجربتي فإن الكثير من الحضانات لا تلتزم بالقرارات أو تتبع تعليمات الوقاية إلى أن استقريت على حضانة تتجاوز مصاريفها الشهرية نصف راتبي ولكنى سأكون أكثر اطمئنانا على طفلتي بها”.

إجراءات احترازية مشددة 

أعلنت الدكتورة نيفين قباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، في بيان رسمي، عددًا من الإجراءات التي على الحضانات اتباعها كي يسمح لهم بمواصلة العمل مجدد، ويأتي على رأسها أن الحضانات تعمل بقدرة استيعابية لا تتجاوز الـ 50%، والحفاظ على التباعد الاجتماعي بين الأطفال، عدم السماح لأي طفل أو ولى أمر بدخول الحضانة في حال ظهور أي عرض لفيروس كورونا عليه، ضرورة توفير شخص مدرب على التعامل مع مكافحة العدوى وتوفير مقياس حرارة عن بعد على أن يتم استخدامه بشكل يومي لجميع الموجودين داخل الحضانة من عمال وأطفال.

وشددت القباج، على ضرورة الابتعاد عن الألعاب المصنوعة من الأقمشة، فضلًا عن غسل أيادي الأطفال والعاملين بشكل مستمر وعدم السماح لأهالي الأطفال بالدخول، والالتزام بارتداء الكمامة للعاملين داخل الحضانة، ضرورة استخدام الطفل لأدوات النظافة الشخصية الخاصة به على أن تكون داخل شنطة مصنوعة من الجلد، ومنع أي أنشطة تحتاج لمشاركة كبيرة أو تلامس بين الأطفال.

ماذا يحدث في حال وجود حالة مصابة بكورونا داخل الحضانة؟

وزيرة التضامن الاجتماعي، أكدت أنه في حال ظهور أي حالة مصابة بفيروس كورونا المتحول “كوفيد 19” فيتم على الفور إخلاء الحضانة لمدة أسبوع على الأقل لفحص جميع العاملين بها، مشددة على ضرورة توفير غرفة عزل داخل الحضانة يتم وضع أي حالة اشتباه بداخلها لحين عمل الفحوصات اللازمة.

يذكر أن وزارة التضامن الاجتماعي، وافقت على عودة ما يقرب من 500 حضانة في 21 محافظة للعمل حتى الآن.

 

الحضانات غير المرخصة وكابوس الإصابات

في الوقت الذي سعت وزارة التضامن الاجتماعي لوضع إجراءات مشددة وصارمة على الحضانات التي عادت للعمل مرة أخرى، كان هناك حضانات  خارج تلك القوانين والقرارات التي صدرت، وهذه الحضانات يصعب رصدها، فأغلبها داخل منازل وتعمل بالفعل وبها أطفال، بعضها في مناطق شعبية، ومنها من يتم بشكل أقرب للأسرية “مربية العمارة”، هذا النوع من الحضانات خارج رقابةالوزارة وغير مرخص، وبالتالي لن يقوم بتقديم التزام بالإجراءات الاحترازية التي تم فرضها.

سلوى جمال، أم أربعينية، تؤكد أنها اضطرت إلى إرسال طفليها إلى الحضانة، بعد إعلان فترة التعايش مع فيروس كورونا، لافتة إلى أن الحضانة التي أرسلت إليها أبنائها غير مرخصة لكنها وفرت لأطفالها جميع وسائل الحماية الشخصية وتتابع وضع أطفالها مع إدارة الحضانة باستمرار.

وعن السبب الذي يدفعها لاختيار مثل هذا النوع من الحضانات قالت: “مرتبي 2500 جنيه وأقل حضانة مرخصة في الحيز السكنى تحتاج إلى 1500 جنيه شهريًا أما غير المرخصة بها نفس الخدمات وادفع لها 500 جنيه، والرخصة مش كل حاجة المهم النظافة وأمان الأطفال”.

وزارة التضامن الاجتماعي من جهتها أغلقت حضانتين في محافظتى بني سويف والبحر الأحمر وأعلنت أنها قامت بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية لاغلاق أي حضانة تعود للعمل بدون تصريح وهى الحضانات الغير مرخصة، مؤكدة أن الهرب من الرخصة عادة ناتج عن عدم مطابقة الحضانة الناشئة للمواصفات.