يبدو أن كرة القدم العالمية، لا تعترف بالمقاييس والمعايير المُعتادة، فقد ينتصر المُساعد على مدرسه وكذلك التلميذ على أستاذه بكل سهولة، إلا انها تكون أكثر قسوة، عندما يكون هذا التفوق مصحوبًا بإقصاء من بطولة هامة أو دور متقدم، كما هو الحال مع الثنائي الإسباني مايكل أرتيتا مدرب أرسنال الذي فاز على مانشستر سيتي بقيادة أستاذه بيب جوارديولا الذي عمل معه مساعدًا لفترة ليست بالقصيرة.
وفاز أرتيتا على جوارديولا بنتيجة 2-0، وكان في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أقدم مسابقة كأس ببريطانيا، وأقصى السيتي حامل اللقب بشكل درامي، زاد من إثارته أنه على يد تلميذ جوارديولا ومساعده السابق في نفس الفريق، ولكن قبل أن يخوض تجربته كرجل أول مع الجانرز منتصف هذا الموسم، ليكون العقاب مضاعفًا للمدرب الإسباني الأشهر بالكرة الحديثة.
علاقة خاصة
ارتبط أرتيتا مع جوارديولا بعلاقة خاصة منذ اليوم الأول، حيث كانا صديقين مقربين قبل العمل سويًا، وتجمعهما صفات كثيرة متشابهة، وكانا يلعبان في نفس المركز بوسط الميدان في السابق، إلا أن الصداقة بينهما توطدت، عندما قبل أرتيتا العمل معه كمساعد بالسيتي، وترك منصبه في أكاديمية أرسنال التي كان يتولاها فنيًا بعد اعتزاله اللعب.
نشأت بينهما توأمة في كل شيء، وكان أرتيتا هو الذراع الأيمن لجوارديولا دائمًا، ويظهر معه في أغلب الأحيان وهما يتشاوران في أمور فنية على مقاعد البُدلاء، وشرب أرتيتا كل صفات وأسلوب وفنيات بيب في التدريب طيلة المدة التي قضاها برفقته كمدرب مساعد، وعندما أتت الفرصة له في نادٍ كبير مثل أرسنال ليكون المدرب الأول خلفًا لأوناي إيمري، رحل أرتيتا بكل أفكار وطريقة عمل وفلسفة جوارديولا ليحدث ثورة في الفريق اللندني وقد كان.
تحسنت النتائج كثيرًا، وبدأ أرسنال يقدم كرة قدم ممتعة، مشابهة لأسلوب المدرب الأصلع الشهير ولكن بإمكانات فنية ولاعبين أقل بكل تأكيد، وكان العقاب من جنس العمل لجوارديولا على يد أرتيتا عندما أقصاه من بطولته المسيطر عليها بآخر موسمين كأس الاتحاد وصعد للنهائي لملاقاة تشيلسي بدلاً منه وربما تكون بطولة أرتيتا الأولى كمدرب أول من بوابة أستاذه جوارديولا الذي تفوق عليه كليًا.
حالات مشابهة
ظهر في كرة القدم العالمية بالسنوات الأخيرة، الدفع بجيل شباب من المدربين بعد نجاح عدة تجارب مثل جوارديولا نفسه مع برشلونة ثم زيدان مع الريال، مما خلف مواجهات كبيرة مع أساتذتهم في التدريب وربما دربوهم وهم لاعبين سابقًا، ما يعطي لتلك المواجهات حماس إضافي، وقد نجح خلال بعض الحالات التلميذ التفوق على أستاذه في هذا النطاق ونعرض أبرز تلك الحالات في الآتي:
البداية كانت مع البرتغالي جوزيه مورينيو تلميذ الهولندي لويس فان جال، والذي عمل معه في بداية مشواره مساعدًا بصفوف برشلونة، قبل أن ينطلق بعدها “سبيشال وان” في مسيرته المميزة.
وفشل فان جال الأستاذ في تحقيق أي انتصار على التلميذ مورينيو بعد ذلك، حيث فاز البرتغالي في مواجهتين وتعادل في المباراة الثالثة معه بمختلف الفرق التي درباها، وكانت المواجهة الأبرز في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2010 والتي انتصر فيها مورينيو رفقة إنتر ميلان على الهولندي مدرب بايرن ميونيخ حينها وفاز باللقب الثمين.
الحالة الثانية مع الفرنسي زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد، والذي تفوق على استاذه ومدربه السابق كارلو أنشيلوتي، فبعد أن بدأ زيزو مشواره في التدريب كمساعد لأنشيلوتي، وحقق مع اللقب العاشر في دوري أبطال أوروبا للملكي، بدأ زيدان مسيرته كمدرب أول للريال وحقق ألقاب عديدة تخللها انتصار على أستاذه.
حيث تفوق النجم الفرنسي لاحقًا على انشيلوتي عندما كان الأخير يدرب بايرن ميونيخ، حيث فاز الملكي على نظيره البافاري في دوري أبطال أوروبا في مناسبتين وحقق زيزو ألقابه الثمينة بالتشامبيونز ليج من بوابة كارلو.
الحالة الثالثة، بطلها كذلك جوزيه مورينيو، ولكنه الضحية هذه المرة أمام تلميذه ولاعبه السابق في تشيلسي فرانك لامبارد، الذي تفوق عليه في أكثر من مناسبة عندما أصبح مدربًا أولاً وقاد عدة فرق واجهت سبيشال وان فيما بعد.
حيث تواجه الثنائي ثلاث مرات، مرة عندما كان لامبارد مدربًا لديربي كاونتي وتفوق فرانك بركلات الترجيح على مانشستر يونايتد، ومرتين في صفوف تشيلسي ومورينيو مدربًا لتوتنهام هذه المرة، وحقق لامبارد الفوز في مواجهتي هذا الموسم.
إثارة جماهيرية
الميزة الأهم في تلك المبارزات المعتادة بين الأستاذ والتلميذ أو المدرب ومساعده السابق في كرة القدم، هي الإثارة والتشويق للجماهير، وقد تتفوق بها على أفلام السينما الأمريكية المشوقة لقطاع كبير، فالشحن والشغف الجماهيري لكلا الفريقين وكلا المدربين يصل لذروته قبل أيام وساعات من المباراة، وتكون في أوجها خلال المباراة نفسها ومع إطلاق الحكم صافرة النهاية.
فما بالك إذا ما حقق التلميذ التفوق على أستاذه وفاز بفريقه صاحب الإمكانيات الأقل باللقاء، أو بالبطولة مثلاً مثل حالة أرتيتا وبيب، هنا ستكون الإثارة مضاعفة في المدرجات ثم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى موعد المباراة القادمة لكلا الفريقين، وهنا تكمن أهمية وشغف تلك المبارزات في كرة القدم العالمية ويعطي لها الإعلام مساحة واسعة ليزيدها شحنًا وإثارةً وتشويقًا.