أشادت يمنى دحروج، مؤسسة مبادرة الاحتضان في مصر، بالتعديلات التي تمت بشأن قانون الطفل وإجراءات الكفالة.

وشددت في حوار مع “مصر 360″، على ضرورة تدقيق الوزارة في البحث الخاص بتلك النقطة، معربة عن تمنياتها بكفالة جميع الأطفال، وخلو مكاتب الصحة منهم، ودمجهم في أسر تشعرهم بدفء العائلة.

كما أن المبادرة تدشن ورشًا للأطفال عندما يكبرون للاستماع إلى مشاكلهم، وهناك ورش للإرضاع للأمهات الحاضنات.. فإلى نص الحوار..

بداية.. كيف جاءت فكرة المبادرة؟

البداية كانت عندما توجهت إلى مكتب الصحة بدمياط لاحتضان طفل، لكنهم لم يتركوا لي حرية الاختيار سوى من مجموعة محددة فقط، رأيت وجوه وعيون أطفال عمرهم أشهر، ورأيت من يقومون برعايتهم، وكانت حالتهم يرثى لها، فقلت “لا ده ما ينفعش ونزلت بسرعة”.

المبادرة تم تدشينها عقب تبني ابنتي “ليلى” بثلاثة أيام في ديسمبر 2018، لتكبر في مجتمع يقدر حقوقها مثل أي طفل

عدت باكية من مكتب صحة دمياط ولم اختر أي طفل، وفي أذني ما زالت أستمع لأصوات الأطفال ونظرات عيونهم وهم يبكون، مثّلَ لي هذا وجعًا كبيرًا، ثن تساءلت عن إمكانية الاختيار من دار رعاية لا يتبع دمياط، وبالفعل ذهبت إلى دار رعاية خاصة في القاهرة واخترت ابنتي “ليلى”.

المبادرة تم تدشينها عقب تبني ابنتي “ليلى” بثلاثة أيام في ديسمبر 2018، لتكبر في مجتمع يقدر حقوقها مثل أي طفل.

هل هناك اختلاف بين دور الرعاية في القاهرة وعما شاهدتيه في دمياط؟

وجدت النقيض في دار الرعاية الخاصة التي ذهبت لها، لم أخبرهم بأني قادمة من دمياط، وكان الأمر دون ترتيب مسبق، فقط قبل دخولي بوابة القاهرة بدقائق اتصلت برقم موظفة حصلت عليه، وكنت هناك في الساعة العاشرة، فوجدت رعاية مختلفة للأطفال وملابس نظيفة ووجبة إفطار متكاملة، كطفل له حقوق لا حياد عنها.

كما ذكرت، بعد ثلاثة أيام قررت تدشين المبادرة، للقضاء على ظاهرة الأطفال في مكاتب الصحة بالمحافظات وإيجاد أسر حاضنة وبديلة لهم.

وكم عدد الأسر التي قدمتم لها مساعدات حتى الآن؟

المبادرة ساعدت ما يزيد عن 600 أسرة بديلة في تسهيل مهمتهم التي تستغرق شهورًا مع وزارة التضامن، خاصة أن هناك قناة مفتوحة بينها وبين اللجنة العليا للأسر البديلة، وعدت المستشار محمد عمر القماري رئيس اللجنة العليا بالتضامن، أني مسؤولة عن أي أسرة تقدم من خلال مبادرتي.

حدثينا عن تعديلات قانون الطفل.. وهل كان للمبادرة مساهمة فيها؟

أؤكد لكي أني استبشرت خيرًا بالتعديلات التي تمت بشأن قانون الطفل وإجراءات الكفالة في مصر، عدا شرط انتفاء التعليم عن الأسر البديلة، حيث يجب تدقيق الوزارة في البحث الخاص بتلك النقطة.

بعض الموظفين بإدارة شؤون الرعاية يصعبون على الأسر أمر الكفالة

وبالحديث عن مساهمتنا في تعديلات القانون، بالفعل كنا قد قدمنا مذكرةكتبتها وصاغتها قانونيًا الكاتبة دينا الغمري، وبدأنا كمؤسسة لمبادرة الاحتضان في إضافة كل اقتراح مستجد يتم اقتراحه وإرساله لوزارة التضامن، وفي فبراير 2020 تم الجلوس مع عدد 30 أسرة بديلة في لقاء مجتمعي مفتوح بالوزارة، ومناقشة كل الاقتراحات، وكان كل الحاضرين يندرجون تحت مبادرة الاحتضان، كان الجميع يتفاعل ويريد إرساء حياة جديدة لأطفالهم كريمي النسب، وتم الحصول على مكتسبات عديدة مثل حق الولاية التعليمية وإضافة لقب الوالد أو عائلته بشهادة الميلاد والسماح بسفر لطفل وشرط الاحتضان في عمر 21 عامًا بدلًا من 25.

هل هناك تعنت من قبل بعض الموظفين في إجراءات الكفالة؟

بعض الموظفين بإدارة شؤون الرعاية، يصعبون على الأسر أمر الكفالة، وأحيانًا هذا يحبط البعض من البدء في تلك الخطوة، ولكن على صعيد آخر هناك سببان لموقف موظفات الرعاية، أولها عدم اقتناعهم باستحقاق الأطفال لتلك الحياة، والسبب الآخر متعلق بالأسر نفسها.

كل موظفة في كل إدارة لديها حكاية مع أسرة وتحولت للتحقيق بسببها، مثل قيام بعض الأسر بإقامة دعاوى إثبات نسب، وإثبات أن الطفل كريم النسب “بيولوجي”، واستخراج شهادة له كطفل عادي، أو عدم تبليغهم الرعاية بموت الأطفال مما يستدعي إبلاغ الرقابة الإدارية ومحاسبة الموظفة المختصة، بالإضافة إلى قيام الأسرة بإرجاع أطفالهم إلى دور الرعاية في فترة المراهقة، ولذلك فتعنت موظفين الرعاية يكون فيه شق إيجابي لاختبار صبر الأسر وجديتهم في هذا، خاصة أن التربية ليست بالسهولة المتصورة.

أكبر عقبة تواجه الأمهات الحاضنات هي كيفية إقناع عائلاتهن

وكيف تتم متابعة الأسر إذن؟

الأخصائيات يتابعن كل ثلاثة أشهر وضع الأطفال، ويتم اتخاذ أي إجراء قانوني للأسر التي تعامل أطفالها بتعنيف، وهناك حكايات مروعة، مثل آباء يعاملون بناتهم غير “البيولوجيات” بتعنيف، أو يتحرشون بهن، وهذا شيء قاسي، أعرف قصصًا مثل تلك، وأحاول التواصل مع وزارة التضامن لاتخاذ موقف قانوني، وأخذ الأطفال لأسر بديلة تقدرهم مثل أبنائهم البيولوجيين.

ومال الذي يحدث عن الرغبة في اختيار طفل لاحتضانه؟

هناك ورش عديدة ندشنها للأمهات، مثل ورشة “المقبلات على الاحتضان”، لمساعدتهن على الإجابة على تساؤلاتهن، مثل هل اتخذت القرار الصائب في الكفالة؟، وكيفية مواجهة المجتمع وتقبل الأهل؟، وكيف تتعامل مع الرفض؟.

أكبر عقبة تواجه الأمهات الحاضنات هي كيفية إقناع عائلتها، خاصة أن المعظم لديه جهل بالمعلومات، ويخلط بين التبني المصنف حرام شرعًا وبين الكفالة التي تم الموافقة عليها من قبل الأزهر ولها شروطها المعروفة.

هل هناك أمر معين يتم التركيز عليه في مثل هذه الورش؟

دائمًا في ورشي أؤكد أن الأمر ليس صراعًا مع العائلة أو المجتمع، بل هو مناقشة لإقناعهم بطفلي ورغبتي في احتضانه، فالعائلة لا تعتمد مضايقتك، بل همها الشاغل أن تدعمك في قرارك طالما تعرضينه دون غضب وباقتناع تام.

توجد سمات معينة لاختيار الطفل.. هل هذا حقيقي؟

ليس هناك أي قاعدة، “عشان أي ست رايحة تختار ما تحطش نفسها في توتر، أنا هحس بإيه واختار ازاي، أنا أول ماشفت بنتي حسيت أنها دي ليلى وخلصت الإجراءات وخدتها”.

كما أننا ندشن ورشًا للأطفال عندما يكبرون للاستماع إلى مشاكلهم، وهناك ورش للإرضاع للأمهات الحاضنات.

هناك حقيقة موجعة عن أطفال تم التخلي عنهم في مرحلة المراهقة

وما هي السن المناسبة لمواجهة الطفل وإخباره بأنه مكفول؟

أمر إخبار الطفل بأنه مكفول تبدأ بحكاية في سن ثلاث سنوات، مثل أن هناك عصفورة كبيرة عثرت على عصفور صغير وقامت بضمه لعشها وأصبح وليدها، وفي سن الخامسة يتم التصريح مباشرة بأنه هو العصفور الذي عُثر عليه وسط حديقة كبيرة بها عدد من العصافير الآخرين، وأنه كان في بيت كبير مثل هذا العصفور وليس له أب أو أم، وأنا كنت بلا ابن واخترنا بعضنا البعض كأم وطفلها.

الطفل وهو صغير يستوعب أكثر أي معلومة يتم إدخالها لعقله، ومنذ ثلاث سنوات حتى خمس سنوات يأخذ تلك المعلومات كأنها حقائق لا يتم مناقشتها، وعند سن خمس سنوات تبدأ الأسئلة المباشرة ويتم الرد عليها دون جرح مشاعره ودون خوف وبمنتهى الطبيعية، ويدخل المدرسة ويندمج مع الأطفال وهو متصالح مع نفسه.

والأطفال الذين يتم التخلي عنهم في مرحلة المراهقة.. ما مصيرهم؟

هناك حقيقة موجعة عن أطفال تم التخلي عنهم في مرحلة المراهقة وعودتهم لدور الرعاية، أغلبهم حاليًا مضطربين نفسيًا في مستشفى العباسية، ويحصلون على الدعم النفسي ليعودوا ويتم دمجهم في دور الرعاية من جديد، ولكن مع مشاعر غضب ونقمة وسخط على المجتمع، ومن الممكن أن يؤثر هذا على الأطفال الآخرين الذي لا يعلمون شيئًا عن العالم الخارجي سوى الدار التي تحتضنهم، ومتأقلمين مع أحوالهم برضا.

وزارة التضامن تحاول أن تجتهد في تلك النقطة من خلال توفير أسر بديلة تأخذ مبلغًا شهريًا وترعى الأطفال الذين تم التخلي عنهم، وهذا مقترح سيتم العمل عليه منعًا لتدمير نفسيتهم.

هل توجد أسر لديها أبناء “بيولوجيًا” لكنها تلجأ لكفالة آخرين أيضًا؟

بالطبع نعم، توجد أسرة من الإسكندرية لديها خمسة أبناء بيولوجيين، وضمت “طفل كريم النسب لها”، وكان تلك خطوة مشجعة، فهي لم تكن بحاجة لطفل آخر، ولكن كان لدى تلك الأسرة إيمان حقيقي بضرورة كفالة طفل من دار رعاية.

كنت فخورة جدًا، أن الطفل سيصبح لديه عزوة حقيقية مكونة من أب وأم وخمسة أخوة، سيذهب معهم للمدرسة وسيشعر بالدفء في الأعياد، وسيقوم بشراء ملابس العيد معهم، أتمنى أن تتم كفالة كل الأطفال بمكاتب الصحة المظلمة والمرعبة والمنتشرة بكافة المحافظات.