حسم رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الجدل حول بدء ملء سد النهضة، بعد سيل من التصريحات بين النفي والتأكيد، عندما أعلن أن موسم الأمطار وهطولها أدى إلى ملء المرحلة الأولى، لكنه أكد أن بلاده ملتزمة بالتفاوض المتوازن الذي يؤدي إلى تحقيق مصالح الجميع، خاصًة خلال المرحلة الأولى لتعبئة السد والتشغيل السنوي له.

تصريحات “آبي أحمد”، جاءت خلال القمة المصغرة التي عقدها الاتحاد الإفريقي، بمشاركة مصر والسودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى الممثلين عن الاتحاد، عبر الفيديو كونفرانس، لمناقشة نتائج الاجتماعات الفنية والقانونية التي عقدت مؤخرًا حول سد النهضة.

ويمر سد النهضة بثلاثة مراحل مختلفة لملء الخزان، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى وهو ما كان له تأثير واضح على منسوب المياه في النيل الأزرق بالسودان، حيث أعلنت  تسجيل تراجع في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميًا، منذ البدء في ملء خزان سد النهضة

مراحل ملء السد

تمر عملية ملء سد النهضة بثلاث مراحل، بحسب ما أعلنته وسائل الإعلام الإثيوبية.

في المرحلة الأولى، تستوعب 4.9 مليار متر مكعب من المياه، وبذلك يصل ارتفاعه إلى ما يوازي أدنى نقطة على جدار السد، وعند ذلك الارتفاع تتمكن إثيوبيا من اختبار أول مجموعة من التوربينات التي تولد الطاقة الكهربائية الموجودة خلف السد، واكتملت هذه المرحلة بالفعل كما أعلن “آبي أحمد” خلال القمة.

وأشار بيان مجلس الوزراء الإثيوبي، إلى أن موسم الأمطار وهطولها، بالإضافة إلى الجريان السطحي لمياه النهر، هو ما تسبب في ملء المرحلة الأولى لخزان سد النهضة، موضحًا: “بات واضحًا خلال الأسبوعين الماضيين أن موسم الأمطار أدى إلى تحقيق المرحلة الأولى من ملء خزان السد الذي لا يزال قيد الإنشاء”.

أما عن المرحلة الثانية، فتعتمد على موسم الجفاف، حيث تنحسر مياه البحيرة قليلا مما يسمح بإكمال بناء جدار السد، وفي السنة الثانية سيتم حفظ نحو 13.5 مليار متر مكعب أخرى، ووقتها يصل مستوى المياه إلى المجموعة الثانية من التوربينات، وتتمكن إثيوبيا من إدارة تدفق المياه بشكل يمكن التحكم فيه أكثر.

المرحلة الثالثة والأخيرة التي تستغرق من خمس إلى سبع سنوات، حيث سيتم ملء السد إلى أقصى سعة لموسم الفيضانات، وتبلغ قدرته الاستيعابية 74 مليار متر مكعب.

 

انخفاض منسوب المياه في السودان

وفي السودان، فإن منسوب مياه النيل الأزرق قد انخفضت بالفعل عند أول نقطة قياس في محطة الديم، الموجودة خلف بحيرة “الروصيص” التي تبعد بمقدار 20 كيلو متر عن سد النهضة، بحسب صحيفة “الراكوبة” السودانية.

كما أعلنت وزارة الري السودانية، عن خروج عدد من محطات ضخ مياه الشرب، بسبب انحسار المياه في الأنهار الرئيسية الثلاثة، وهي أنهار النيل الذي يبدأ من منطقة المقرن في وسط الخرطوم، والنيل الأزرق والأبيض.

وأكدت الوزارة، أن قياس تدفق المياه في محطة الديم الحدودية مع إثيوبيا، كشف تراجعا في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا، وهذا التطور يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة.

 

مخاطر استكمال الملء

أستاذ الموارد المائية، الدكتور ضياء الدين القوصي، رصد عددًا من الأضرار المحتملة حال شروع أديس أبابا التخزين بشكل منفرد على التدفقات المائية، وإنتاج الكهرباء للسدود والخزانات الموجودة مصر والسودان.

وقال إن هناك احتمالات كبيرة بأن تتعرض مصر لخسائر في حصتها من المياه بسبب سد النهضة، لوجود عدد من العوامل التي قد تساعد على ذلك مثل الظروف الطبيعية كمعدلات البخر والجفاف الذي يحدث كل عام عقب انتهاء موسم الأمطار.

وأوضح أن ملء البحيرة خلال الأعوام التي حددتها إثيوبيا، قد يُخفض حصة مصر من مياه النيل، ما يؤدي إلى توقف توربينات السد العالي التي تنتج الكهرباء، بالإضافة إلى الظروف الهيدروجيولوجية لنهر النيل، والتي توضح حجم التغيير في تصرفات النهر ببن صعود وهبوط، بالإضافة إلى السنوات التي تحدث خلالها مرحلة الجفاف وتستمر لسنوات، مثل ما حدث عام 1980، والتي تعتبر أكبر موجة جفاف تعرض لها النهر.

وأكد أن المرحلة الأولى قد لا تسبب ضررًا إذا كان معدل الأمطار أكبر من الكمية التي تم تخزينها، والتي وصلت إلى 4.9 مليار متر مكعب من المياه، وذلك يمكن تحديده عقب انتهاء موسم الأمطار في بداية الشهر المقبل.

فض النزاعات

المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، قال إن قمة الاتحاد الإفريقي التي عُقدت بشأن سد النهضة، أكدت ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني على أن يكون ملزمًا حول ملء وتشغيل السد.

وذكر أنه يجب أن يتضمن الاتفاق آلية قانونية لفض النزاعات، شريطة أن تكون ملزمة، ويحق من خلالها لأي من أطراف الاتفاق اللجوء إليها لحل أي خلافات قد تنشأ في المستقبل.

وأكد أنه يجب أن يكون هدف السد توليد الكهرباء غير مُستهلك للمياه، لذا يجب بلورة الاتفاق الملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.