زاد الضغط في الآونة الأخيرة على شركة الإنتاج الفني الأمريكية “نتفليكس”، بعد النجاح الذي حققته في فترة وجيزة بجذب ملايين المشاهدين والمشتركين من كل أرجاء المعمورة، خاصة أثناء فترة الحجر المنزلي لأغلب دول العالم مع انطلاق العام الحالي نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد.
ارتفع عدد المتابعين لتلك المنصة العالمية بشكل ملحوظ، مما أدى لرفع دعاوي قضائية ضدها وتضيقيات من قبل شركات منافسة، ووصل الأمر لبعض الحكومات التي تأذت بشكل أو بآخر من بعض محتوياتها.
ولكن لم يكن يخطر على بال الشركة العملاقة أن تأتي الضربة القوية والأحدث من مجال الرياضة وكرة القدم تحديدًا، والتي لم تلعب في السوق الخاص بها كثيرًا، ولديها محتويات توثيقية فقط لسيرة بعض لاعبي اللعبة العظماء، مثل بيليه وبوبي روبسون، وقد تعاقدت معهم على تنفيذ تلك الأفلام الأرشيفية عنهم.
جاء هذا قبل أن يفجر النجم الأشهر مع بيليه في تاريخ كرة القدم عبر العصور، الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا الصدمة الأكبر للشركة، بملاحقتها قضائيًا لانتهاكها حقوق الملكية الفكرية الخاصة به، واستخدام صورته ومسيرته وأهم لقطة في تاريخه المهني دون علمه، في فيلم تنتجه قريبًا، يحمل عنوان “يد الرب”.
سبب الأزمة
قرر الأسطورة مارادونا مقاضاة “نتفليكس” على فعلتها ولم يتركها تربح وحدها من خلال فيلمها الجديد وهو بطله الأوحد، حيث كشف محاميه ماتياس مورلا عن ذلك، بسبب أنها لم تطلب موافقته على إنتاج الفيلم، الذي تستعد الشركة لإصداره العام الجاري بإخراج الإيطالي باولو سورنتينو الذي فاز من قبل بجائزة أوسكار.
وكتب “مورلا “عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وهو ما نقلته عنه عدة مواقع عالمية، بأن “مارادونا” لم يسمح باستخدام صورته في الفيلم، وأنه بالتعاون مع زملائه في إيطاليا سيعد الآن الاستراتيجية القانونية لتقديم شكوى بسبب الاستخدام غير المناسب لعلامة تجارية مسجلة.
ولا تعد تلك الواقعة الأولى لـ”دييجو” في هذا النطاق، حيث سبق وأن قرر مقاضاة شركة ألعاب الفيديو اليابانية كونامي، بعدما استخدمت اسمه في لعبتها PES 2017 دون موافقته، قبل أن يتوصل الطرفان لاتفاق في مايو الماضي، ودفعت كونامي مبلغًا ليتم استخدامه في بناء ملاعب للأطفال بالأرجنتين.
وتعود جملة “يد الرب” التي يستخدمها فيلم “نتفلكيس” الجديد عن “مارادونا”، إلى تصريح النجم نفسه الشهير بعد هدفه ضد إنجلترا في ربع نهائي كأس العالم 1986، حين دافع عن تسجيله للهدف بيده قائلا “إن يد الرب هي التي دفعت الكرة إلى شباك الحارس بيتر شيلتون”.
فيما أبدى الأسطورة الأرجنتيني غضبه من قبل عن فيلم “دييجو مارادونا: متمرد، غشاش، بطل، رب” والذي أخرجه البريطاني أسيف كاباديا، مطالبا من جمهوره ألا يشاهد الفيلم بعدما وصفه بـ”الغشاش”.
تحت مرمى النيران
لم تكن هذه الحالة الأولى للشركة الأمريكية الكبرى، حيث سبق وأن اخترقت حقوق الملكية الفكرية بعدة أعمال أنتجتها وأدت لرفع قضايا ضدها، فقد تقدمت المؤسسة المالكة لحقوق نشر مؤلفات السير آرثر كونان دويل وهو المؤلف الأصلي لروايات شارلوك هولمز، بدعوى قضائية ضد “نتفليكس” بسبب انتهاك الملكية الفكرية، واستغلال شخصية “هولمز” التي ابتكرها السير “أرثر” في مؤلفاته، ذلك الانتهاك والاستغلال تم بحسب المؤسسة في فيلم نتفليكس القادم “إينولا هولمز” بطولة ميلي بوبي براون.
ويستند الفيلم إلى سلسلة كتب إينولا هولمز، التي كتبتها المؤلفة الأمريكية نانسي سبرينجر، والتي تتم مقاضاتها إلى جانب ناشرين آخرين.
كذلك قام تاجر المخدرات المكسيكي خواكين جوزمان الملقب بـ”آل تشابو” برفع شكوى تشهير ضد خدمة “نتفليكس” ومحطة “أونيفيزيون”، لبثهما مسلسلاً يتناول حياته.
كما قال محاميه خوسيه رودريجيز، إن مسلسل إل تشابو، يُشهر بزعيم كارتل سينالوا المسجون في الولايات المتحدة ويقدمه على أنه “مجرم قاسي القلب”.
وذكر المحامي أن المسلسل يضم أحداثًا لا تمت إلى الواقع بصلة، ويشكل ذلك انتهاكًا خطرًا لحق افتراض براءة جوسمان.
توابع مارادونا
قضية “مارادونا” ستترك أثرًا سلبيًا لدى الشركة العملاقة، وربما يدفعها للتصالح معه مثلما فعلت كونامي وتدفع مبلغًا كبيرًا لإنقاذ الفيلم وعرضه للجمهور بالفعل، ولكنها قد تتوخى الحذر مستقبلاً خاصة في الحقل الرياضي وكرة القدم تحديدًا ونجومها الذين يتقاضون ملايين الدولارات ولديهم معجبين بالملايين أيضًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مما قد يسبب ضررًا كبيرًا لها مستقبلاً إذا ما تكرر نفس الأمر الذي حدث مع “مارادونا” مع أحد النجوم الآخرين، والذي قد يسبب أزمة كبيرة للشركة العملاقة، بخسارة قطاع كبير من جمهورها، خاصة وأن عشاق كرة القدم يعدون بالمليارات حول العالم.