مفيد شهاب القيادي بالحزب الوطني، وحمدين صباحي مؤسس تيار الكرامة، وخيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، كوادر لا تجتمع أيدلوجيًا في مربع واحد، فماذا لو كانت تنتمي لنفس المدرسة السياسية والفكرية قبل 54 عامًا؟.

منظمة “الشباب الاشتراكي”، التي أُعلن عنها في قاعة الاحتفالات الكبرى لجامعة القاهرة في 21 يوليو 1966، ضمت عناصر تشاركوا في العمل السياسي، وتفرقت بهم السُبل بعد انتهاء المنظمة رسميًا في 1976.

أبرز الرموز

المنظمة التي أخرجت كوادر سياسية بعد عقود تصدروا المشهد السياسي والحزبي في مصر، أبرزهم مفيد شهاب، وضمت شخصيات كانت موضع ثقة النظام آنذاك، مثل اللواء أنور بهاء الدين أحد الضباط الأحرار، والذي حصل على ثقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شخصيًا، والعقيد كمال الحديدي مدير التدريب بكلية الشرطة، والدكتور حسين كامل بهاء الدين المدرس بكلية الطب جامعة القاهرة، وزير التربية والتعليم فيما بعد، وضمت ماركسيين مثل الدكتور محمد الخفيف، والدكتور إبراهيم سعد الدين، والدكتور عبدالرازق حسن، وضمت أيضًا حمدين صباحي، كما ضمت خيرت الشاطر.

واشترك في المنظمة، ليبراليين مثل الدكتور أحمد صادق القشيري، ومن التيار الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ومن التيار القومي الدكتور يحيي الجمل، ومن أساتذة الجامعات الدكتور عبدالرازق عبدالفتاح، رئيس جامعة حلوان فيما بعد، والدكتور عبدالخالق علام نائب رئيس الجامعة الأمريكية فيما بعد.

ومن القيادات النقابية العمالية إبراهيم عبداللطيف وكمال أبوعيطة، ومن خبراء الشباب المتخصصين سعيد حشمت ونعمان صبري، بالإضافة إلى طلعت خيرى وزير الشباب، وأبو العز الحريري البرلماني السابق، بحسب كتاب بعنوان “منظمة الشباب الاشتراكي- تجربة مصرية في إعداد القادة”، أعده عبدالغفار شكر الذي شغل منصب أمين مساعد المنظمة لشئون التثقيف، وظل بها حتى يناير 1969، يقول “المنظمة عملت على تربية جيل مسيس لديه رؤية فكرية ذات طابع تقدمي”.

حرية التعبير

ويوضح شكر، أن أهم ما يميز منظمة الشباب هو أن الأفكار التي يقولها العضو، لا يُحاسب عليها، وممنوع أن ينشط الأمن في صفوف هذه المنظمة، فالجميع لديه حرية التعبير وحرية الحركة، دون خوف من ملاحقة أو أذى.

يتذكر شكر، أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حضر اجتماعًا لمنظمة الشباب، وطلب وقتها من الحضور أن يبدوا رأيهم بصراحة، وقال شاب وقتها إن عهد الإنجليز في مصر كان أفضل للمصريين، ورغم ذلك رد عليه عبدالناصر دون أن يوبخه، وشرح له كيف أن الإنجليز احتلال والشعب المصري ضد وجود محتل.

ويشير شكر، إلى أن فتاة أخرى طلبت من عبد الناصر فرض التجنيد الإجباري على الفتيات مساواة بالشباب، مما يدل على وجود جو عام ومناخ يعطي للشباب أن يشارك ويتكلم دون نتائج عكسية.

وينوه إلى أن لوائح اتحاد الطلاب ساهمت في وجود حياة سياسية داخل الجامعة، ما انعكس على تكوين كوادر سياسية شابة، أفرزت فيما بعد قيادات حزبية، ورؤساء جامعات.

ويؤكد شكر، أن الحياة الحزبية الطلابية والشبابية تُقوي قدرة المجتمع، وتُساهم في نضوجه سياسيًا، مطالبًا بفتح المجال العام، خاصًة في انتخابات اتحاد طلاب الجامعات دون رقابة ومعوقات.

يرى شكر، أنه من حق الجامعات المصرية ممارسة أنشطتها دون رقابة، ودون معوقات، مثل الدعوة لعقد ندوات لكبار المفكرين والسياسيين والحزبيين، لكي تدب الحياة السياسية لأنهم أحد النواة والأعمدة لحياة سياسية مستقبلًا.

منظمة الشباب، كان ظهورها بالتزامن مع العدوان الثلاثي على مصر، ورغم ذلك رأى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن الجبهة الداخلية هي أساس المواجهة الفعالة للمخاطر والتحديات الداخلية والإقليمية والدولية، فضلًا عن أن بناء جبهة داخلية متماسكة يتطلب الانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل الوطني المستند إلى قيادات مؤمنة بالأهداف الكبرى لثورة يوليو “أهداف الحرية والاشتراكية والوحدة” لذلك تم تدشين المنظمة.

عطب سياسي

الكاتب والمفكر عبدالله السناوي، يوافق “شكر” الرأي قائلًا: “السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي قدمت نماذج شبابية مؤثرة في الحياة السياسية، والتي كان أهم قضاياها تحرير الأراضي المحتلة، والذي ظهر في مظاهرات الجامعة في عهد عبدالناصر والسادات للحرب”.

ويرى “السناوي”، أن تربية النشء على الديمقراطية والانفتاح هو ما يربي جيلًا سياسيًا قويًا، أما إذا لم تتوافر تلك البيئة فستتسم بالضعف السياسي، مستشهدًا بمنظمة الشباب الاشتراكي في ستينيات القرن الماضي.

ويطالب “السناوي”، بتشجيع النشاط الطلابي حاليًا، والتنوع في العمل السياسي، سواء للطلبة أو الشباب، من خلال تشجيع الأحزاب السياسية طبقًا للأيدولوجيات المختلفة.

ويستنكر “السناوي”، ما وصفه بـ”العطب السياسي داخل الجامعات”، والذي أثر على الجهاز التنفيذي للدولة سواء على مستوى المحافظين والمحليات، أو الحكومة، واختيارهم على أسس غير سياسية مثل حكومات التكنوقراط.