“هجوم إرهابي على معسكر بئر العبد بشمال سيناء”، كانت آخر العبارات التي استمعنا إليها حتى الآن، والتي تكشف عن حاث إرهابي تعرضت له مصر، أدى إلى استشهاد ضابط وعسكري وإصابة 18 آخرين، لم هذه الحادثة الأولى، فقد تعرضت مصر خلال السنوات الأخيرة إلى الكثير من الحوادث الإرهابية، التي راح ضحيتها عسكريين ومدنيين، معيدين خلال الفترة الأخيرة إلى الأذهان ما شهدته مصر من عمليات إرهابية خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، والتي شهدت خلالها مصر، نشاط الجماعات الإرهابية المستترة وراء شعار الإسلام.

مع هذه الأوضاع كان من الطبيعي، أن تنقل السينما والدراما، الأعمال الإرهابية على الشاشة، وتحاول توصيف حال الإرهابيين وكيفية التعامل معهم سواء كان هذه في الثمانينيات أو حاليًا، حتى تكون هذه الأعمال مرجع للأجيال القادمة وشاهد على فترات تاريخية لهذا البلد، برغم أن هذه الأعمال التي تم إنتاجها في الماضي، تم اتهامها بالمبالغة من الأجيال التي لم تشهد العمليات الإرهابية على أرض الواقع حتى آتى الزمن ليرد لأصحاب هذه الأعمال حقوقهم الأدبية وليثبت أن الأعمال الفنية لم تأت بكافة الأوجه الإرهابية المعادية للإنسانية.

وحيد حامد.. وكشف المستور

يعد الكاتب والسيناريست وحيد حامد، أكثر من كشف مستور الجماعات الإرهابية، من خلال أعماله الفنية، التي قدمها منذ بداية مشواره الفني وحتى الآن، لتكن الضربة الأولى من وحيد حامد من خلال فيلم “الإرهاب والكباب”، الذي حاول من خلاله أن يوضح الإرهاب من وجهة نظر مختلفة، وهي أن الإرهابي يتحول إلى هذه الحالة نتيجة ضغوطات مالية واجتماعية يتعرض لها، بالإضافة إلى أن الشخصيات الدينية المتشددة، ما هم إلا أشخاص منفرين من الدين، وشارك في هذا عادل إمام ويسرا ومن إخراج شريف عرفه.

لحق وحيد حامد، سابقه بفيلم آخر وهو “كشف المستور”، الذي وضح من خلاله أن هناك دولة جديدة يتم التحضير لها، وهي الدولة القادمة من الدول الإسلامية، والتي تدعو إلى خلق دولة خلافة إسلامية متكاملة، ولكن أشار في نهاية الفيلم إلى أن الداعين لهذه الدولة يحملون السلاح وأنهم جماعات إرهابية، وكان ذلك حين قاموا بقتل بطلة العمل التي حاولت كشف سترهم، وكان هذا الفيلم بطولة نبيلة عبيد ويوسف شعبان ومن إخراج عاطف الطيب.

“يا علي أنت جماعة مش عارفة تبقى حزب، أنا اعرف عنك كتير كلهم عارفين إنك محامي متدين، وأمن الدولة مش ساكتة”، كانت هذه الجملة الحوارية هي بأحد مشاهد فيلم “طيور الظلام”، الذي كان به الكاتب وحيد حامد كاشفًا لوجهي الصراع على السلطة حينها وهو الحزب الوطني والإخوان، والذي أظهرهم العمل بوجههم الحقيقي وتسترهم وراء الدين لتنفيذ أطماعهم السياسية والتي تصل إلى حد القتل والقيام بعمليات إرهابية لتخليص أحد مسجونيهم أو المقايضة على انتخابات شعبية أو نقابية، وكان هذا الفيلم بطولة عادل إمام ورياض الخولي ومن إخراج شريف عرفه.

حين تكون معدوم الهوية وراغب في أن تكون ذو هيبة فيجذبك أصحاب الدين الشكلي لكي تكون قائدًا عليهم دون أي اقتناع ولكن رغبة منك في القيادة، كان هذا نوع آخر من الإرهابيين الذين جسدهم وحيد حامد من خلال فيلم “دم الغزال”، الذي كشف عن شخصية ريشة الطبال، الذي أصبح بين عشية وضحاها قائد لمجموعة من الإسلاميين، يستطيع أن يحكم أهل منطقته بالسيف حرفيًا، وكان هذا العمل بطولة محمود عبد المغني ومنى زكي ونور الشريف ومن إخراج محمد ياسين.

ليُنهي وحيد حامد محاربته لهذا الفكر المتطرف حتى الآن من خلال مسلسله الأخير “الجماعة” الذي قرر أن يسرد من خلال جزأيه، ليكشف من خلاله كيفية تكوين جماعة الإخوان الإرهابية وكيف نمت بين المصريين والعالم، وكيفية محاولتها أن تصل إلى الحكم حتى وإن كان هذا على دماء الشعوب.

وحيد  حامد وانتقادات انتهت لصالحه

مع تكريس الكاتب وحيد حامد حياته لكشف هذه المنظومات الإرهابية إلا أن العبرة لم تؤخذ مما قدمه بشكل كبير، ووقع الكثير من المصريين في خطر تصديق تلك الجماعات وهذا ما شهدته مصر خلال عام 2012، بالإضافة إلى تصديقهم وإعجابهم بمشايخ السلفية الذين لا يعبرون إلا عن وجهات نظرية عدوانية، بالإضافة إلى دعوتهم للمصرين للقيام بحمل السلاح حين بدأت مصالح في الانهيار مع حكم الجماعات الارهابية للبلاد.

لنجد أن وحيد حامد الذي تعرض للكثير من الانتقادات واتهم من الكثيرين بأنه يقوم بالتجني على هؤلاء الإرهابيين وأنهم يريدون أن تكون الحلول سلمية، ينتصر له القدر في النهاية ولكن بشكل مأساوي، بأن تقوم هذه الجماعات بأفعال أكثر انحطاطا، عما ذكره الكاتب في أعماله ونوه عنه، وليعود له حقه الأدبي أمام منتقديه، ليتأكد الجميع أن ما نقله وحيد حامد إلى الشاشات هو أقل من الحقيقية بكثير.

الإرهابي والمتسبب في خلقه وجهان لعملة واحدة

حاول أكثر من عمل فني إثبات أن الإرهابي، ومن ساهم بشكل أو بآخر بخلق ونمو هذا الإرهاب، سواء كان عن طريق الترهيب أو بازدياد سلطة المال على حساب الفقر وما شابه.

كان يوسف شاهين مؤيدًا لتلك النظرية من خلال فيلم “الآخر”، ففي صراع بين أسرة ارستقراطية ترفض تزويج نجلها من فتاة بسيطة ماديًا، ليحدث الاتفاق بين سيدة العائلة الارستقراطية “نبيلة عبيد” وشقيق الفتاة ابنة العائلة البسيطة الإرهابي والذي دفعه فقره للذهاب في هذا الطريق باحثُا عن السعادة في تطبيق شرع الله كما كان يقنع ذاته، والتي استغلته ليخلصها من شقيقته، ليقتل نجلها في طريقه ويأتي مشهد النهاية بموت الإرهابي ونجل من ساعدت على انتشار هذا الإرهاب في أحضان بعضهما البعض.

وأكد الكاتب علاء الأسواني نظرية أن الإرهابي ومن ساعد على تكوينه هذا وجهان لعملة واحدة من خلال فيلم “عمارة يعقوبيان”، الذي انتهى أيضًا بمشهد مقتل الإرهابي للضابط، الذي قام بتعذيبه ليحوله من خارج عن القانون سياسيًا إلى إرهابي راغبًا في أخذ حقه بعد أن كفر بالحصول على هذا الحق بالطرق القانونية.

2017 .. الإرهاب يحكم المشهد

في عام 2017، قدمت السينما أكثر من عمل فني يتحدث عن الإرهاب الذي تشهده البلاد في تلك الفترة، وكان من هذه الأفلام “الخلية”، بطولة الفنان أحمد عز في دور ضابط العمليات الخاصة الذي تعرض صديق للقتل أثناء مداهمة أحد الأوكار الإرهابية، والذي قرر أن يأخذ حق صديقه لتُفتح سلسلة من الثأر بين قوات الأمن والإرهابيين.

وفي فيلم “جواب اعتقال” الذي قدمه الفنان محمد رمضان بذات العام، والذي يروي قصة صعود إرهابي ونشأته داخل جماعة إرهابية بعد أن كان والده خادمًا لدى أحد كبار مشايخها، وكيف دفعه الفقر لأن ينجح في أن يكون أحد أهم أعضاء تلك الجماعة.

تناول الإرهاب من نظرة سطحية

مع وجود أعمال سينمائية خدمت القضية ووضحت بعض المكنونات لدى شخصية الإرهابي وكيفية تعامل الجماعات الإرهابية مع غيرهم، نجد أن هناك أعمال تناولت الأمر بكثير من السطحية والسذاجة وكان من أشهر هذه الأعمال فيلم “الإرهابي” الذي قدمه عادل إمام مع الكاتب لينين الرملي والمخرج نادر جلال والذي تم دمج الكوميديا فيه بالشخصية الإرهابية بطريقة جعلته منفر أكثر من الوصول للغرض المرجو من العمل.

وكذلك فيلم “الإرهاب” الذي قامت ببطولته نادية الجندي وفاروق الفيشاوي والذي أظهر الإرهابي بالمخادع الذي استطاع أن يخدع الصحفية ليجعلها تقع بحبه وتساعده دون أن تدري في عمليته الإرهابية.

قوة أفلام الإرهاب

تقول الناقدة الفنية ماجدة موريس، أن الأعمال الفنية التي تحدثت عن الإرهاب تعد من الأشياء الهامة جدًا، لأنها أولًا وثقت لحقبة هامة من تاريخ مصر وهي فترة الثمانينيات، وكذلك ما جرى بعد عام 2013، ليكون ذلك عبرة للأجيال القادمة ويساعدهم على فهم ما مرت به بلادهم بشكل صحيح، وخاصة أن أغلب هذه الأعمال لا تقدم إلا حقائق.

وأضافت “موريس” أن كانت هناك بعض الأعمال التي حولت القضية إلى هزلية ولكن إجمالًا كانت أغلب الأعمال متضمنة قضية وفكرة وكان أهم من قدم هذا الكاتب وحيد حامد، والذي شكل جزء كبير من الوعي عن هؤلاء الجماعات وأطماعهم.