مناوشات عديدة، ومعارك كر وفر بين الشيعة والسلفيين في مصر، تختفي قليلاً ثم تظهر بشكل واضح في أوقات الاحتفالات والتجمعات في مساجد آل البيت، مثل الاحتفال بمولد السيد الحسين، واحتفالات عاشوراء، وتصل الأمور أحياناً للضرب أو للشروع في القتل.

وشهدت مصر، في بعض الأعوام تشديدات أمنية وطوق أمني كبير في منطقة الحسين وغيرها من المناطق للسيطرة على المعارك التي تنشب بين الفئتين، وسعت الدولة المصرية للسيطرة على تلك المناوشات مؤخراً لحفظ الأمن العام، ونجحت في ذلك بدرجة كبيرة.

المذهب الشيعي

تقوم فكرة الشيعة، على أساس التشييع للصحابي على بن أبى طالب، الذي يرون فيه الخليفة الشرعي للمسلمين، وينحازون إليه في الخلاف مع معاوية بن أبي سفيان، كما يرون أن إمامة المسلمين لا تكون إلا في نسله من بعده، ويشهد المذهب الشيعي تمددًا واسعًا ليس فقط في مصر ولكن في العالم أجمع، حيث وصل عددهم إلى نحو 400 مليون نسمة عالميًا، وفق الأرقام التي أعلن عنها مركز أبحاث ويسترن الأمريكي.

ويعيش حوالي 147 مليون شيعي في قارة آسيا، ويتمركزون في دول إيران والعراق وباكستان والهند، في حين يبلغ تعدادهم في الدول الإفريقية أقل من 44 مليون نسمة، مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر البلاد العربية التي توجد بها شيعة هي العراق وفقًا لآخر الإحصاءات وقد بلغت نسبتهم 65% من إجمالي سكانهم، بينما تقل النسبة في باقي الدول العربية.

بداية فاطمية

ترجع بداية الوجود الشيعي في مصر تحديدًا، إلى الدولة الفاطمية التي استمرت لأكثر من قرنين من الزمان، وهي الدولة التي وضعت حجر الأساس لما يعرف الآن بالقاهرة، ومعالمها الفاطمية، خاصة حي الحسين والمناطق المحيطة به، فوفقًا لما طرحه معهد أبحاث الشرق الأوسط في واشنطن، عام 2014، في دراسة بحثية، شرح خلالها ما أُطلق عليه “المد الشيعي في مصر”، تبين أن محافظات القاهرة والدقهلية والغربية هم أكثر المحافظات التي يوجد بها شيعة في مصر، يلي ذلك باقي المحافظات بنسب متفاوتة.

مجالس العزاء

للشيعة مجالس خاصة يطلق عليها “مجالس العزاء”، يتقابل خلالها شيعة كل منطقة في منزل أحدهم ويجلسون في “المضيفة ” عقب صلاة العشاء مباشرة، يقول محمد غنيم أحد كبار شيعة مصر، إنهم في هذه المجالس يتشحون بالسواد، وتبدأ مراسم الحفل برواية قصة مقتل الحسين، حيث يرويها أحدهم ويستمع له الأخرون في حالة بكاء شديد، يلي ذلك إلقاء بعض الدروس المستفادة من قصص الإمام الحسين في حياته للتذكرة بها، مصحوباً ذلك بذكر أحدهم مشهد القتل ذاته الخاص بالحسين هو الـ 70 فرد من أهل بيته.

ويضيف غنيم، بعدها ينشد أحد المنشدين بصوت حزين رثاء الحسين على شاكلة دعاء له “يا حبيبي يا حسين يا مقتلك” وغيرها من الأناشيد الرثائية له ثم يلي ذلك تلاوة بعض من آيات القرآن الكريم، وذكر بعض الأدعية، ثم يصلون وينتهي المجلس إلى هذا الحد.

 ويوضح غنيم، أنه لا يوجد ما يدعيه البعض على الإطلاق ببعض المظاهر الزائفة التي لا تتعدى عادات شعبية مثل اللطميات والتطبير والخبط باليد على الكتف الأيسر والضرب بالسيوف لنزف الدم والتطهر من الخطايا والذنوب.

كعك ومياه

يقول محمد، إن هناك بعض الطقوس والعادات المختلفة المتعلقة بالشيعة يحرصون عليها في احتفالاتهم وتجمعاتهم منها ضرورة توزيع المياه بكثرة، في تجمعاتهم داخل البيوت أو غيرها، فالمياه هنا لها مدلول تاريخي، فهي مُنعت عن الحسين وأهله وأصحابه من جيش يزيد بن معاوية الذي حاصرهم لمدة عشرة أيام، لذلك فلها ذكرى بالنسبة لهم كبيرة.

هذا بخلاف كعك العباس الذي يتم تحضيره من الطحين والسكر واليانسون والزيت، تيمنًا بشقيق الحسين، أبي الفضل العباس، الذي نزل في اليوم السابع من شهر محرم لتأمين المياه للأطفال، لكنه استشهد وهو يحمل المياه، بعدما أصابته السهام وقطعت يديه، كذلك الهريسة يتم توزيعها على الحضور، ويطوف الأطفال بها على المنازل، تيمنًا بالسيدة زينب التي أعدتها من القمح والدجاج واللحوم لإطعام الأولاد والنساء معها، وباتت عادة تقام في سوريا ولبنان والعراق ومصر في هذه الذكرى الحزينة.

رمضان والشيعة

أما في رمضان فتوجد طقوس خاصة للشيعة تبدأ مثلاً بصلاة التراويح التي يعتبرونها بدعة تستوجب غضب الله، لأنها بدأت بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، لذا يستبدلونها بقيام الليل بشكل فردي، كما يرون أن صلاة النوافل لا يجب أن تكون جماعية، ولابد من إقامتها بشكل فردي، ويجب أن تقام في البيوت تطوعًا، وليس بشكل فيه شهرة أو رياء، لذا يرفضون إقامتها جماعة في المساجد.

ويعتقد الشيعة المصريون، في وجوب تأخير موعد الإفطار في رمضان إلى ما يقرب من ربع ساعة تقريباً، بعد أذان المغرب، ويستندون في رأيهم هذا إلى اجتهادات بعض علماء الطائفة الشيعية، استناداً إلى الآية الكريمة “وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر”.

 

تحريم الأرانب

هناك إجماع من شيوخ الشيعة، على حرمة أكل لحوم الأرانب وهو إجماع واضح وصريح في كتب الفقه الأصولية، والسبب الذي استند عليه شيوخ وأئمة الشيعة على تحريم تناول لحوم الأرانب، قولهم إن الأرانب ليست حيوانات في الأصل، بل هي من المسوخ وأصله حشرة، أي أن أصل الأرنب كما قالوا امرأة عاقبها الله في الزمن القديم، فمسخها أرنبًا لكونها كانت لا تتطهر من الحيض.