تشهد حقوق المرأة الإيرانية، تراجعًا كبير بلغ حد التردي، بسبب نظرة المجتمع الذكورية، والقوانين الجائرة الصارمة عليها، فتعدم المجني عليها وتُنصف الجاني، وتزج بالضحية في السجون، ويعيش الجاني حرًا طليقًا، محصنًا بالقانون، مستخدمًا التحرش الجنسي وسيلة للضغط علي النساء الأضعف بل وعلى بعض الرجال.

تعددت وقائع الانتهاكات بحق النساء فحتى اللاتي تم الاعتداء عليهن لاقين أشد أنواع العقبات حد إزهاق الأرواح.

ريحانة ضحية الاغتصاب

في عام 2007 ألقت الشرطة الإيرانية القبض على مُصممة ديكور إيرانية، تدعى ريحانة جباري بتهمة قتل موظف استخبارات إيراني سابق يدعى مرتضى عبد الله سرابندي، حيث طعنته بسكين مما أسفر عن وفاته.

ريحانة، قالت في التحقيقات، إن سرابندي حاول الاعتداء عليها، بعد أن دعاها إلى منزله بحجه ترتيب مكتبه، بحكم عملها، وأثناء محاولة الدفاع عن نفسها طعنته بالسكين، إلا أن الطعنة جاءت ضعيفة، وأن شخص أخر يدعى “شيخي”، أعاد طعنه ليقع مغشيًا عليه.

الشرطة الإيرانية ألقت القبض على ريحانة، وحبستها في زنزانة انفرادية لمدة شهرين، ولم تعتد المحكمة بأقوالها جول وجود شخص آخر قتل المجني عليه، مُعتبرة أنها تسعى لتضليل القضاء وعرقلة القضية، وحكمت عليها في العام ذاته بالإعدام شنقًا، بتهمة القتل العمد، وأقرت المحكمة العليا بتنفيذ الحُكم.

في الوقت الذي أصدرت فيه المحكمة حكمها، أقر الطب الشرعي بحقن ريحانة بمادة مخدرة إلا أن القاضي تجاهل تلك الشهادة.

اعتراضات دولية

 شككت منظمة العفو الدولية، نزاهة المحكمة في التحقيقات، وفي شفافية الحُكم، وقالت المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية سابقًا “جينيفر باسكي”، إن التناقضات المتواجدة في القضية والشكوك تؤكد انتزاع اعترافات من “جباري” عنوة.

وأدانت الولايات المتحدة الأمريكية، حكم الإعدام، وأكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أن القتل كان دفاعًا عن النفس، وأن ريحانة لم تحصل على محاكمة عادلة، وجمعت توقيعات بلغت 200 ألف توقيع على عريضة عفو قدمتها الأمم المتحدة، إلا أن ذلك لم يمنع السلطات الإيرانية من تنفيذ حكم الإعدام عام 2014.

رسالة ريحانة

ريحانة لم تترك الحياة حتى بعد وفاتها، حيث تركت رسالة لوالدتها أكدت فيها أنها لا تحزن على موتها، وأنها اختارت أن لا تكون مطروحة في أحد جوانب المدينة مُغتصبة أو مقتولة، مؤكدة أن والدتها لن تتمكن من استرداد حقها حال اغتصابها وقتلها، لقوة نفوذ الجاني وأن ما فعلته كان أفضل من أن تعيش في الخزي والعار.

 ولفتت رحانة، إلى أن محاكمتها لم تكن عادلة وأن ثقتها في القضاء الإيراني أودى بها إلى مشانق الإعدام، وطالبت والدتها بالتبرع بأعضائها لصالح الجمعيات الخيرية، قائلة: “لا أريد لقلبي الشاب أن يتحول ترابًا”.

تحرش المسؤولين بالصحافيات

مجلة “إدارة الاتصالات” الإيرانية، قالت إنها أجرت تحقيقات رسمية في العام الجاري، كشفت أن 90% من الصحافيات في إيران يتعرضن للتحرش والإيذاء الجنسي من قِبل العديد من المسؤولين بالدولة، وأن نسبتهن بلغت 36%، كما أن الصحفيات اللاتي تتجاهلن وقائع التحرش بهن بلغت 66%.

المجلة، لفتت إلى أن أكثر من 57% من المعتدى عليهن ليس لديهن أي دراية بطرق الدفاع عن النفس، وأن قضية التحرش الجنسي قضية مُهملة في الجمهورية الإسلامية، وأن الانتهاكات التي تحدث للنساء في إيران بصفة عامة، وللصحفيات بصفة خاصة ترجع لكون المجتمع الإيراني ذكوري الطبع يفرض سيطرته بالقوة.

التحرش هو الحل

موقع “إيران واير”، نشر تقريرًا عن مقابلته مع معتقلة سياسية تم القبض عليها أثناء التظاهرات الإيرانية التي اجتاحت البلاد في مايو الماضي، حيث أكدت المُعتقلة أن ضابط الأمن هددها بالاعتداء الجنسي حال عدم إقرارها بما تعرفه من معلومات، كما تعدى عليها لفظيًا بالسباب الجنسي.

المعتقلة السياسية، أكدت أن التحرش الجنسي أسلوب ممنهج من أساليب الضغط  التي تستخدمها السلطات الإيرانية، وأن المُضايقات الجنسية  تستهدف النساء فقط، فالرجال أيضًا لهم نصيب من تلك الأساليب، لمنوهة إلى أن القاضي محمد مقيسة، ضايقها أثناء التحقيقات بإيماءات بذيئة، إذ قال أحدهم: “ماذا الذي تفعلينه مع هذا العدد من الرجال، أليس لديك أهل؟ أنتن النساء تستحققن کل ما يحدث معکن في الشوارع”.

المقرئ المغتصب

لم يقتصر التحرش الجنسي في إيران علي النساء فقط، ولكن نال من الرجال والأطفال أيضَا، دون أن ينظر إلية القضاء الإيراني، ويتخذ منه موقف حازمًا وقوانين رادعة .

اتهم 3 رجال إيرانيون، سعيد طوسي أحد أشهر قراء القرآن الكريم في إيران، والحاصل على جائزتين عالمتين في تلاوته، بالتحرش الجنسي والاغتصاب، عندما كانوا في سن صغير، فتجاهلت السلطات القضائية الإيرانية الدعاوي المقدمة ضده.

ودافع “طوسي” عن نفسه قائلًا إن تلك الدعوات كاذبة من أجل تشويه صورته وصورة المرشد الخامنئي، فيما قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن عدد الضحايا المغتصبين من “طوسي” البالغ من العمر أكثر من 50عامًا، يصل إلى 10 أشخاص.

الناظر المتحرش

تداول نشطاء إيرانيون علي مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لناظر مدرسة بنين في غرب طهران عاصمة إيران، يعد حفيد المرجع الديني أيه الله محيي الدين حائري شيرازي، وهو يعترف بتحرشه بـ16طالبًا، وقال إنه يوجد على تليفونه الخاص “أفلام إباحية”، وأجبر الطلاب على مشاهدتها، وإقامة علاقات جنسية مع بعضهم البعض.

وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية، إن المرشد الأعلى روح الله الخامنئي، أرسل خطابًا لرئيس القضاء معبرًا فيه عن الحزن والأسى عن تلك الواقعة، مطالبًا بتنفيذ الحكم الإلهي على المعتدي.

تحرش عصابات مسلحة

كشف “محمد الطيب” إمام مدينة “إيرانشهر” التابعة لمحافظة سيستان بلوشستان، التي تسكنها الأقلية السنية، خلال خطبة الجمعة عن تعرض أكثر من 41 فتاة من سُكان المدينة للتحرش الجنسي والاغتصاب، على أيدي عصابات مسلحة وصاحبة نفوذ وسلطة، مطالبًا المسؤولون بفتح تحقيقات في تلك الوقائع.

وأشار “الطيب”، إلى أن المتهمين في هذه الجرائم عائلات ثرية في المدينة، وأن عائلات المغتصبات فضلت الصمت حتى لا يلاحقهم العار، والنظرة المجتمعية الدونية، التي تتعرض لها الفتيات حال إفصاحهن عن تلك الجرائم، ما يتسبب في تدهور حالتهن النفسية.

في اليوم التالي لحديث الإمام، اندلعت احتجاجات عدة بالمحافظة ضد السلطة القضائية في المحافظة، رافعين شعارات تعبر عن عدم شعورهم بالأمان على أرواحهم ونسائهم.