حالة من الجدل لاحقت الوقفة الاحتجاجية التي قام بها عددا من الأردنيين والأردنيات احتجاجا على مقتل فتاة تدعى أحلام على يد والدها وجلس يشرب الشاي قرب جثتها في الشارع العام بإحدى مناطق العاصمة عمان، واحتدم الجدل بسبب اللافتات التي رفعت أثناء الوقفة الاحتجاجية تنديدا بالعنف الواقع ضد النساء وتزايد قضايا الشرف تحت مظلة السلطة الأبوية في الأردن.

وبدأت القصة بسبب هتافات وشعارات كتبت على لافتات رفعها متظاهرون، خرجوا يوم 22 يوليو/تموز احتجاجا على مقتل ابنة بلدهم على يد والدها. من هنا جاء هتاف: “الدم ما بصير شاي”.”

وعقب الوقفة الاحتجاجية، تعرض المشاركون في الوقفة الاحتجاجية للتهجم عبر صفحات التواصل الاجتماعي ” تويتر والفاسبوك”؛ إذ انزعج كثيرون من شعارات نددت بالنظام الأبوي والذكوري في المجتمع، معتقدين أن النساء يُهاجمن بذلك الآباء والأخوة الذكور.

كما ردد المحتجون هتافات ضد السلطة الأبوية في المجتمع الأردني، منها: “لأرواحكنّ، سنحطم الذكورية”، “أحلامنا فوق رجولتكم”، “ما بدنا نعيش بذل. بدنا نعيش بحريّة”.

الكاتب الصحفي الأردني، ورئيس تحرير موقع البلقاء اليوم الالكتروني، معاذ عصفور، رفض التعبيرات واللافتات التي رفعت أثناء الوقفة الاحتجاجية، حيث غرد عبر صفحته على تويتر قائلا:” للمتظاهرات هناك فرق بين المجتمع الذكوري والمجتمع الرجولي…. فقط للتوضيح.

الناشط الأردني عبد الله الطال قال:” قانوناً ما في شيء يمنع المرأة، بس عرفاً نعم المجتمع قبلي والنظام أبوي والبنات لا تستطيع فعل شيء إلا بأذن والدها، في الأردن ما في ولاية لكن البنت لا تستطيع فعل شيء إلا بموافقة الوالد سواء دراسة عمل سفر والمجتمع يوقف معه، حتى المجتمعات الإسلامية بالغرب مازال النظام الأبوي هو المسيطر”.

ويستخدم مصطلح السلطة الأبوية بين النشطاء في المجتمعات المختلفة للإشارة إلى نظام السيطرة على النساء وقمعهن، ليس فقط من قبل العائلة، بل على مستوى المجتمع والسلطة والنظم الاقتصادية.

والنظام الأبوي:” يعرف باسم البطريركية، وهو نظام اجتماعي في العادة يرتكز على العادات والتقاليد حيث يشكل أكبر الذكور أو الأب أو الأهل سلطة على الزوجة أو الأولاد وبالأخص الفتيات، ويشكل الأخ كذلك سلطة على أخته أو والدته أحياناً، وكذلك على صعيد ولي الأمر حيث يكون هو السلطة”.

أب الجنس البشري

ويأتي مصدر المصطلح من الكلمة الإغريقية (patriarkhēs) والتي تعني “أب الجنس البشري” أو “حاكم الجنس البشري”. ويقدّم قاموس الجندر شرحا لهذه التعريفات المتعددة، وسياقاتها التاريخية، وجاء فيه إن هذا المصطلح يبقى “غامضا بالنسبة إلى معظم الناس، وغالبا ما تكون دلالته مشوهة، ويساء فهم الفكرة المقصودة به، ما يؤدي إلى إطلاق اتهامات بكره الرجال عوضا عـن توسـيع حلقة النقاش”.

من الناحية الأخرى، قالت أسمى خضر المحامية والرئيسة التنفيذية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني:” إن إزهاق أرواح النساء والفتيات بذريعة الدفاع عن ” الشرف” ما هي إلا جرائم بشعة مركبة يعاقب عليها القانون، فهي تمييز صارخ بين الجنسين من جهة وهي مصادرة لحقوق النساء والفتيات في الاختيار والقرار وهي أيضاً انتهاك لحقهن في الحياة والسلامة البدنية والنفسية”.

إرهاب ذكوري

وأضافت:” ومن جهة أخرى هي إرهاب ذكوري متجذر في عقليات عدد لا يستهان به من الناس، ومعالجة قاصرة وعاجزة عن تحقيق أي هدف تربوي أو تعديل سلوكي منشود، فليس بالجريمة تصان المجتمعات والأسر”.

وتابعت:” كما أنها جريمة جماعية قد يرتكبها فرد أو أكثر من أفراد أسرة المجني عليها، ولكن المحرضين والمتدخلين والشركاء في الجريمة كثر، وجميعهم يستحقون الملاحقة القضائية والعقاب الرادع وفقا للقانون، ولا يجب أن يقبل منهم إسقاط الحق الشخصي بهذا تخفيف العقوبة على الجاني/ الجناة”.

فيما غردت سمر حدادين، محررة شؤون المرأة وحقوق الإنسان في صحيفة الرأي عبر صفحتها قائلة:” لا حماية مجتمعية ولا تشريعية للنساء والفتيات المعفنات، لذلك مسلسل القتل مستمر، صرخات أحلام وغيرها كثيرات لم يصل صداه إلى المشرع ليشدد العقوبة على الجناة، طالما هذه الجرائم تمر دون عقوبات رادعة لن يتوقف القتل والتعنيف”.

من جانبها، طالبت المديرة التنفيذية لمنظمة ميزان للقانون المحامية إيفا أبو حلاوة بضرورة إلغاء المادة 340 من قانون العقوبات الأردني التي تبيح العذر المخفف في جرائم قتل النساء تحت مسمى ” جرائم الشرف”.

وبحسب دراسة أجرتها منظمة الميزان فهناك خمسة قوانين تحتاج إما للإلغاء أو التعديل لحماية النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري قد يؤدي إلى القتل والمواد هي (97، 98، 99، 100، 340)، حيث تتضمن تلك القوانين الأعذار المخففة في جرائم قتل النساء والأحكام المخففة على مرتكبيها.