يسعى نظام الملالي إلى تنويع العلاقات وتحالفاته سواء مع الصين والهند واليابان، في الكثير من المجالات، خاصة المجالات الدفاعية والبحث العلمي والتصنيع وتبادل الخبرات وكذلك التبادل الاقتصادي، في محاولة لتفادي الأثار السلبية الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي أدخلت إيران في أزمة اقتصادية.
مرت العلاقات الايرانية- الهندية، التي بدأت في منتصف القران الماضي، بالعديد من المراحل، ما بين التطور إلى التوتر، فمنذ السبعينات شهد العلاقة بين البلدين تطورا في العلاقات، وزار حينها رئيس الوزراء الهندي إيران، والتقى بالرئيس رافسنجاني، فيما توتر العلاقات بينهما أثناء الحرب الباكستانية.
وفي بداية الحرب الهندية الباكستانية، كانت إيران بقيادة الشاه بهلوي تدعم باكستان، ورأت الهند أن هذا الدعم تصرف خاطئ وسياسة فاشلة من قبل بهلوي.
اعتمدت الهند على إيران في استيراد النفط والغاز، لتوافر احتياطيات ضخمة من النفط والغاز في إيران، حتى في ذروة العقوبات الأمريكية على قطاع الطاقة الإيراني، واصلت الهند استيراد النفط من البلاد. وتعد الهند هي ثاني أكبر سوق للنفط في إيران بعد الصين.
وشهدت العلاقة بين إيران والهند تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد الاتفاق النووي عام 2015، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية.
الاتفاقية الصينية – الإيرانية وخطورتها على الهند
تزامناً مع إبرام الصين وإيران صفقة طموحة بشأن شراكة اقتصادية وأمنية، لمدة تصل 25 عاماً، يبلغ اجماليها 400 مليار دولار، ومن خلال الصفقة تتخلى إيران عن الهند بمشروع تشابهار للبنية التحتية والاستراتيجي.
وتفيد التقارير الهندية بأن إيران قررت إنشاء خط سكة حديد تشابهار-زاهدان إلى الحدود مع أفغانستان من تلقاء نفسها بحجة أن الهند تواصل تأجيل تنفيذها للمشروع.
وزير الخارجية السابق الهندي، شيام ساران، يقول إن الهند ليست فقط بل دول أخرى، بما في ذلك الصين، ستواجه صعوبة في القيام بمشاريع في إيران بسبب العقوبات الأمريكية، ولا سيما انهيار العملة المحلية أمام الدولار.
ويضيف: لهذا السبب يجب النظر إلى الصفقة الإيرانية- الهندية بعين الاعتبار والتفكير بشكل ملائم من قبل الصين، لافتاً إلى إن إيران تشجع هذه التقارير على الإيحاء بأن لديها أصدقاء أقوياء، وأن الولايات المتحدة لم تتمكن من عزلها.
وأضاف ساران: “بينما تقر الهند بهذا المشهد الجغرافي السياسي الإقليمي المتغير، يجب على الهند أن تتبع سياستها الناجحة إلى حد كبير في الحفاظ على علاقات إيجابية مع إيران والدول العربية وإسرائيل، كما فعلت الصين ولا تستخدم منشورًا صينيًا يتم من خلاله تشكيل سياستها “.
وتشير صحيفة هندوستان تايمز، إلى أن الصين تعلق أهمية على علاقاتها مع إيران، التي تعد مصدرا رئيسيا لإمدادات الطاقة، ومكونا هاما وسوقا مربحاً لصادرات مشروعها وتصنيعها.
كما قامت الهند، في مقابل ذلك بتنمية علاقات أوثق مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تعتبران حاليًا أكبر موردي النفط والغاز للصين من إيران.
العوامل الاستراتيجية
ووفقاً لشبكة إن دي تي في الهندية، فقد تستند نظرية الهند لعلاقة خاصة مع إيران إلى عدد من الادعاءات والروابط التاريخية والروابط الحضارية وإمدادات الطاقة والأمن الإقليمي.
وتشير الشبكة في تقريرها عبر موقعها الالكتروني أن هذه العوامل ذات أهمية أكبر بكثير في ارتباط الهند بشبه الجزيرة العربية، حيث أن الملايين من المهاجرين الهنود في الدول العربية، والتحويلات الضخمة من العملة الصعبة منهم، وكثافة التعامل التجاري مع الخليج العربي تفوق العلاقة مع إيران.
ويوضح التقرير أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة شلت الاقتصاد الإيراني، كما يستهدف دولًا ثالثة تتعامل مع كيانات إيرانية معينة. والهند حريصة على عدم اجتذاب العقوبات الأمريكية، وحصلت الهند على إعفاء من نظام العقوبات الأمريكية لمشاركتها في مشروع ميناء تشابهار في إيران.
ويرى التقرير الهندي أن الافضل انهاء عقد السكك الحديدية مع إيران بدلاً من الدخول في تبادل لإطلاق النار بين واشنطن وطهران.
ورأى الكثيرون في نيودلهي أن نفوذ الصين المتزايد على إيران هو السبب الحقيقي، فضلاً عن ان الصين قامت بإعطاء ايران فرصة ذهبية على حساب خسارة الهند، وفق لمجلة ذا ديبلومات الآسيوية.