محاولات إثيوبية للضغط على مصر خلال مفاوضات سد النهضة على مدار السنوات التسع الماضية، اتجهت إثيوبيا إلى تركيا، التي تضمر العداء لمصر، في محاولة للاستفادة من التجربة التركية في بناء سد أتاتورك التي تضمنت إجراء مفاوضات مع كل من سوريا والعراق.

يذكر أن تركيا استخدمت السدود كسلاح للتغلب على جيرانها، بقطعها مياه نهري دجلة والفرات، عن طريق بناء عدد من السدود، ما أثر على حصص المياه التي تصل إلى كل من سوريا والعراق.

وحذرت الإدارة العامة للسدود لدى “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا من تأثير السدود التي بنتها وتبنيها تركيا على نهر الفرات بسبب تراجع حصة السوريين من النهر، إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها دوليًا.

كما تسبب تراجع منسوب المياه في توقف نحو 20 مضخة لمياه الشرب، بالإضافة إلى تراجع إنتاجية الطاقة الكهربائية التي تغذي مدن شمال البلاد، وكثرت الشكاوى من الفلاحين بسبب تهديد نقصان المياه للمحاصيل الزراعية الصيفية خاصة القطن، وكذا العراق بسبب تراجع حصته من المياه بنسبة 30%.

وكانت تركيا قد أعلنت في تسعينيات القرن الماضي عن مشروع تنموي جديد في جنوب البلاد، على أن تبني 22 سدًا منها ثالث أكبر سدود العالم سد أتاتورك، باعتبار نهري دجلة والفرات من الأنهار الوطنية الداخلية، ووجهة النظر تلك أكدت عليها الصحف الإثيوبية خلال الفترة الماضية عقب الانتهاء من ملء المرحلة الأولى لسد النهضة.

وفي ظل استمرار المفاوضات حول سد النهضة، التقى وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، مع مولاتو تيشومي فيرتو وزير الخارجية والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ليعتبر المحللون السياسيون ذلك رسالة موجهة لمصر.

دعم تركى لإثيوبيا

وفي تغريدة نشرها وزير الخارجية التركي على حسابه في “تويتر”، قال إن “اللقاء مع “فيرتو” كان ناجحا ومثمرا”، لافتًا إلى أن البلدين سيعززان الزيارات المتبادلة بينهما، وكذلك الحوار، فضلا عن تعزيز التجارة والاستثمار.

وناقش الطرفان العلاقات الثنائية بين تركيا وإثيوبيا، إضافة للتطورات الإقليمية وعلى رأسها موضوع سد النهضة، وفقًا لما نشرته وكالة الأناضول  وصحيفة ” ملييت” التركيتين.

وعقب اللقاء الذي جمع المسؤولين التركي والإثيوبي في أنقرة، أعلن وزير الخارجية الإثيوبي عن كون المحادثات التي أجراها ، مع نظيره التركي تناولت الاستخدام العادل لمياه نهر النيل، ودعم تركيا للموقف الإثيوبي وذلك ضمن قضايا ثنائية وإقليمية.

وعلق النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري على حسابه بتويتر قائلا: “هناك رابط بين تركيا وإثيوبيا، وتنسيق مشترك، ونيات عدوانية، مصر أكبر من مؤامراتكم، ماء النيل وأمننا القومي من أجلهما تهون كل التضحيات”.

أما السفير حسام زكي، أمين عام مساعد جامعة الدول العربية، فأكد أن الاجتماع الذي تم بين وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، مع مولاتو تيشومي فيرتو المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي كانت أول نتائجه ملء المرحلة الأولى من سد النهضة.

وقال النائب سمير البطيخي عضو مجلس النواب، إن إعلان وزير الري الإثيوبي بدء ملء سد النهضة، ونفي التليفزيون الإثيوبي بعدها بقليل ما هو إلا تضارب مقصود، خاصًة في الفترة الحالية بسبب دفاع مصر عن أمنها القومي في ليبيا، مؤكدًا أن كل ما يحدث مخطط له ومدروس من قبل تركيا وإثيوبيا.

ورقة إثيوبيا وسد النهضة

وعن استخدام سد النهضة كأحد وسائل الضغط على مصر، قال عمرو فاروق، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، إن الإخوان والجماعات المتطرفة بمختلف أسمائها تحاول تفكيك القاهرة عن طريق مخططات وضعت منذ عشرات السنين، وكان المنوط بتنفيذها هو أردوغان، مؤكدًا أن المخطط الموضوع من قبل أردوغان وجنوده تحت اسم “تحزيم مصر” عن طريق الحدود الليبية من ناحية، وإرسال مرتزقة لتهديد أمن مصر، وعن طريق السودان وتقسيم الشعب بداخلها لتأجيج المشاكل.

وأضاف أن المخطط الثالث لتدمير القاهرة هو استخدام إثيوبيا، وورقة سد النهضة، بالتأثير على مياه نهر النيل، وبالتالي الإضرار بحصة مصر، ما يترتب عليه الإضرار بالزراعة والصناعة والتجارة، وملء السد عقب لقاء مسؤولين من تركيا وإثيوبيا يدل على التعاون المشترك.

وأكد “فاروق” أن التعاون الاقتصادي بين إثيوبيا وتركيا، باعتبار الثانية ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بـ 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود 350 شركة تنتمي لتركيا وقطر في إثيوبيا ويعمل بها الكثير من الإثيوبيين، وقد غزت الثقافة التركية البلاد.