شاهدنا جميعا الروبوت “صوفيا”، في مؤتمر الشباب الذي عقد في شرم الشيخ، حيث شاركت بالحضور وتحدث مع البعض، في تجربة فريدة من نوعها، ليعلن أن الأيام اللاحقة على هذا الظهور، ستشهد ثورة في “الذكاء الاصطناعي”، التي بدأت مصر في تبني خطوات اللحاق به، وتخصيص كليات ومناهج دراسية خاصة به في عدد من المحافظات.
هل تستطيع “الروبوتات”، القيام بمهام الإنسان؟، وهل يمكن أن تشعر الروبوتات بما يشعر به الإنسان؟، وما تأثير ذلك على العنصر البشري؟، أسئلة نطرحها في محاولة للوصول لإجابات لها في السطور المقبلة، خاصة بعدما إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته الختامية في منتدى شباب العالم، الذي أقيم بشرم الشيخ العام الماضي عن بدء الأكاديمية الوطنية لتطوير وتأهيل الشباب في إجراءات إنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي، للارتقاء بأساليب الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي في مصر.
4 كليات
4 كليات للذكاء الاصطناعي في مصر، افتتح منها اثنتان بمحافظتي القليوبية وكفر الشيخ، وسط استعدادات لافتتاح اثنتين بمدينتي العلمين والغردقة، وأعلن وزير التعليم العالي، خالد عبد الغفار، بدء العمل بالاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي، كما وافق المجلس الأعلى للجامعات على تغيير مسمى كلية الحاسبات والمعلومات بجامعات القاهرة وبنها وحلوان وبني سويف إلى “الحاسبات والذكاء الاصطناعي”، وإنشاء قسم لهذا المجال في تلك الكليات.
تستقبل كليات الذكاء الاصطناعي طلاب الثانوية العامة بشعبتي الرياضة والعلوم، وتهتم بالدراسة التفاعلية، من خلال مقررات إلكترونية، لمواكبة الثورة التكنولوجية، ليسهم الذكاء الاصطناعي بـ 7.7% من الناتج المحلى الإجمالي في مصر بحلول 2030، وفقًا للرؤية المصرية.
الدكتور ماجد القمري، رئيس جامعة كفر الشيخ، قال إن مدة الدراسة بكلية الذكاء الاصطناعي 4 سنوات، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء الكلية بالتعاون مع جامعة حمدان الذكية بدولة الإمارات العربية والمتحدة، لتوفير العمالة المدربة على الأنظمة الذكية، وتسعى الكلية لاستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا في الدراسة، والاعتماد على المقررات الإلكترونية، وقاعات مجهزة بأحدث الأجهزة التفاعلية العالمية، كما تم اختيار أعضاء هيئة التدريس وفق معايير علمية دقيقة، بجانب الاستعانة أيضًا بخبراء أجانب، كما أن تكلفة الكلية تصل إلى 2 مليار جنيه.
واستقبلت الكلية، أول 3 روبوتات “Mini –Host Robot snow – Alice- Amy plus”، لتساعد الطلاب على تصميم البرامج المختلفة وتطبيقها، لإعداد متخصصين من الشباب يسهمون مستقبلًا في تطوير اقتصاد المعرفة، كما تم استقبال 211 طالبا فقط، في أول عام للدراسة بالكلية.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أكد أن إعداد الاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي تم بالتعاون مع الجانب الياباني، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، والتي تتضمن إنشاء كليات الذكاء الاصطناعي بجميع الجامعات المصرية، وتدشين مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، موضحًا أن مصر تحتل المرتبة رقم 40 في البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي بـ2026 بحثاً، والـ24 في مجال الرياضيات الحاسوبية، والـ39 في مجال إنترنت الأشياء في الفترة من 2013 إلى 2018.
الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى، أكد أن إعداد الاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعى تم بالتعاون مع الجانب اليابانى، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، والتي تتضمن إنشاء كليات الذكاء الاصطناعى بجميع الجامعات المصرية، وتدشين مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، موضحًا أن مصر تحتل المرتبة رقم 40 فى البحث العلمى فى مجال الذكاء الاصطناعى بـ2026 بحثًا، والـ24 فى مجال الرياضيات الحاسوبية، والـ39 فى مجال إنترنت الأشياء فى الفترة من 2013 إلى 2018.
استراتيجية قومية
“صوفيا”، التي شاهدناها في مؤتمر الشباب، هي روبوت شبيه بالبشر صممته شركة “هانسون روبوتيكس” الموجودة في هونج كونج، والتي صممت كي تتعلم وتتأقلم مع السلوك البشري وتصرفاته، ولكي تعمل مع البشر، وقدمت بعدة مؤتمرات، كما حصلت في أكتوبر 2017 على الجنسية السعودية، لتكون بذلك أول روبوت يحصل على جنسية.
وزير الاتصالات، الدكتور عمرو طلعت، قال في تصريحات صحفية له، إن هناك تنسيق بين وزارتي التعليم العالي والاتصالات، بناء على تكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعداد استراتيجية قومية للذكاء الاصطناعي في مصر، مشيراً إلى أن حجم الإنفاق على هذا العلم خلال العام الماضي بلغ 87 مليار دولار، ومن المقرر أن يصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2023، بينما تصل نسبة الإنفاق في أفريقيا والشرق الأوسط خلال عام 2019 إلى 290 مليون دولار، ومن المقرر أن تصل إلى 500 مليون دولار عام 2023.
حقوق الروبوتات
منح صوفيا الجنسية السعودية، دفع العديد من الخبراء والمهتمين بالمجال لطرح تساؤلات حول إمكانية حصول الروبوتات على الحقوق البشرية، كالحق في الزواج والسفر وغيرها من الحقوق، خاصة أن “صوفيا” قالت إنها ترغب في تكوين أسرة وإنجاب طفلة، وهناك مخاوف أيضًا من استغلال الروبوتات في أعمال غير قانونية أو غير شرعية، فيسعى الخبراء لوضع تشريعات بحقوق الروبوتات ومنع استغلالها أو تعرضها للأذى.
هل نودع العمالة البشرية؟
بالإضافة لحقوق الروبوتات، فهناك مخاوف منها أيضًا، خاصة لدى الموظفين والعمال، وهي مخاوف تتعلق بإحلال العنصر البشري بالروبوتات، خاصة في الشركات أو المجالات التي تتجه نحو الاعتماد على التكنولوجيا، فتقول الدكتورة غادة موسى، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، إن تلك الروبوتات أو ثورة الذكاء الاصطناعي قد تساهم في خلق فرص عمل جديدة، بتقنيات متطورة، ولن تتسبب في الاستغناء النهائي عن العنصر البشري كما يتصور البعض، كما أن هناك قطاعات لا يمكن الاستغناء فيها عن العنصر البشري، وهي القطاعات التي تحتاج لأيدي عاملة مثل الزراعة، والصناعة وغيرها من القطاعات التي تقوم أولا وأخيرا على العنصر البشري والأيدي العاملة.
شركة “أديداس” استعانت بالروبوتات بدلا من العمالة البشرية في مصانعها في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2017، ولكن يبدو أن استبدال العمالة البشرية بالروبوتات لم يجني النتائج المرجوة، وهو ما دفع الشركة للإعلان عن غلق مصانع الروبوتات، في ألمانيا وأتلانتا والولايات المتحدة بداية من عام 2020، وفقا لتقرير نقلة موقع ” تيك تشارش”.
محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين، قال إن الروبوتات دخلت في المصانع المصرية منذ ما يقرب من 15 عاما، بأقسام مختلفة، ومنها اختبارات الأجهزة الكهربائية، وصناعة الصاج، والتي أظهرت ارتفاع في معدل الإنتاج، نتيجة المشاركة بين الآلة والعنصر البشري، فالروبوتات تتميز بالسرعة والجودة، لذا تلجأ العديد من الشركات الكبرى والمصانع الاستعانة بها، ولكنها منظومة متكاملة لن تتم دون العنصر البشري.
أول روبوت استخدم فعليا في المصانع، كان من إنتاج شركة “جنرال موتورز” عام 1961، وأطلق على هذا الروبرت اسم “UNIMATE”، واستخدم لأول مرة في مصنع الشركة بولاية نيو جيرسي بالولايات المتحدة الامريكية، وظهر أول روبوت ذكي ذاتي التصرف عام 1966، حيث يمكنك أن تعطيه تعليمات، وتترك له حرية العمل ذاتيا، وفي عام 2015، طورت شركة “جوجل”، إنسان آلي باستخدام خاصيتي التعلم العميق، والذكاء الاصطناعي، ليكون حينها قادراً على التعلم من أخطاءه السابقة وتنفيذ المهام بدقة عالية بدون أي عملية برمجة خارجي.
التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات بشأن مستقبل الوظائف في الشرق الأوسط، أوضح أن مصر تأتى على قائمة الدول الأولى المرشحة لتطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي، وأظهر التقرير إمكانية تطبيق نظام الأتمتة في 48% من الأنشطة القائمة في سوق العمل المصرية بالاستناد إلى التكنولوجيا الموجودة حاليًا، وترتبط هذه الأنشطة بـ11.9 مليون وظيفة بدوام كامل.
صوفيا تنام مبكرًا وتبلغ من العمر 3 سنوات
في منتدى شباب العالم، قالت الروبوت “صوفيا”، إنها تنام في وقت مبكر وتستيقظ مبكرًا، وتعمل بشكل فعال، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه وبشكل رائع في تحليل البيانات وتحقيق الأهداف وتعزيز القدرات الإبداعية والإنتاجية، وأضافت أنها تبلغ من العمر 3 سنوات.
واستطلعت دراسة أُجريت عام 2017 بشأن الذكاء الاصطناعي آراء 352 خبيرًا من خبراء التعليم الآلي في العالم، وخلصت إلى أن الذكاء الاصطناعي قدراته تتحسن بسرعة وبنحو متزايد في العديد من المجالات التي سيطر عليها الإنسان تاريخيًا.
وكشفت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعتي أوكسفورد البريطانية، وويل الأمريكية، أن هناك احتمال تبلغ نسبته حوالى 50% بتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشرى في جميع المجالات في غضون 45 عاماً، وذلك بالإضافة إلى أنه من المتوقع أنه سيكون قادرًا على تولى كافة الوظائف البشرية بعد 120 عامًا.