“مش عارف هعمل أيه مبشتغلش”.. لم تكن هذه مقولة شخص واحد، ولكنها جملة رددها الآلاف الذين تم تسريحهم من عملهم نتيجة أزمة كورونا وخسائر الشركات، فالأمر ليس قاصرًا على حالة واحدة، ولكن هناك أعداد كثيرة نتيجة الفيروس اضطرت إلى التوقف عن العمل، وهم صغار الباعة والعمالة غير المنتظمة.

فقدان العمل

سالم علي، عامل بأحد الفنادق، أكد أنه يعمل الآن سائق “توك توك” بعد أن تم فصله من عمله لتقليل عدد العمال بعد سلسلة الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا لمواجهة جائحة كورونا، مضيفًا أنه ومعه العشرات من زملائه فقدوا وظائفهم بعد قرار الغلق، ورغم عودة الحياة لطبيعتها والانشغالات بشكل جزئي، فإن الإدارة قررت أن تستمر في تخفيف أعبائها وتسريح عدد من العمال في سعي منها لتقليل النفقات .

وأضاف أنهم يتعللون بالوضع الراهن وتأثيره على أرباحهم، فضلًا عن نقص عدد النزلاء وتقليص نسبة إشغالات الفنادق، ولكن لم يقف واحدًا ليتساءل عن مستقبل العامل الذي تم تسريحه، وكيف له أن يعول أسرته ويوفر لها احتياجاتها التي لن تتوقف لأن هناك وباء في البلاد، مطالبًا بضرورة وضع حد لموجة التسريح وتقليص أعداد العاملين التي انتهجها عدد من القطاعات والشركات، قائلا: “هما عندهم أزمة في الأرباح أما العامل فمش لاقي ياكل ولا يعول أسرته”.

هدى الجميل سيدة كانت تعمل بأحد محلات الملابس في منطقة المهندسين، أكدت أنها وعدد كبير من العاملات في المحلات المجاورة تم تسريحهن تحت شعار “تقليص العدد ومواجهة الوباء”، مؤكدة أنها ظلت في منزلها نحو شهرين دون عمل، إلى أن قررت أن تبحث عن عمل آخر لأن المحل الذي كانت تعمل به اكتفى بالعدد الموجود، ولن يزيده لحين انتهاء الجائحة، واستطردت قائلة: “روحت لصاحب المحل من ثلاثة أيام قالي لما أزمة كورونا تنتهي رديت عليه يامين يعيش”.

وأضافت أنها تعول أسرة مكونة من 5 أفراد والدتها وشقيقتها الصغيرة وثلاثة أبناء تعكف على تربيتهم بعد وفاة والدهم”، الأرملة الثلاثينية أضافت أن الأزمة تكمن في عدم وجود عمل بديل فقد بحثت كثيرًا ولم تجد، معتبرة أن الأزمة بالفعل ستنتهي ولكن ربما تنهى على الكثير من الأسر معها.

العمل الأفضل

مع بداية الشهر الجاري، أعلنت مصر عن قيامها بعودة العمل مجددًا في عدد من المجالات، منها الفنادق والمقاهي والسياحة والمصانع والمحال التجارية، مع الالتزام بالإجراءات الوقائية داخل قطاعات العمل المختلفة، وهو الأمر الذي قد يتحمل العامل تبعاته خلال أزمة كورونا، فبالإضافة إلى زيادة عدد من فقدوا وظائفهم، هناك أيضًا الكثير ممن اعتبرتهم منظمة العمل الدولية قيد التأثر بالأزمة، إما بالإصابة أو الانضمام لصفوف البطالة.

وأعلنت منظمة العمل الدولية في مصر، بالتعاون مع وزارة القوى العاملة والهجرة عن إصدارها دليلًا إرشاديًا توعويًا خاصًا بأزمة “كورونا” وسبل تعامل العمال معها على أن يتم تسليمه لأصحاب الأعمال والعمال تحت شعار “العمل الأفضل”، والذي سيتم من خلاله تحديد الإجراءات المرتبطة بالسلامة والصحة ودعم العمال في دليل توعوي بسبل الوقاية من فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”.

ومن جانبه أعلن وزير القوى العاملة والهجرة، محمد سعفان، عن متابعة تنفيذ الإجراءات الوقائية في مختلف مواقع العمل، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، ووفقًا لإرشادات وزارة الصحة من أجل اجتياز المرحلة الراهنة، وتحقيق أكبر قدر من الأمان للعمال، مضيفًا أن صندوق إعانة البطالة بوزارة القوى العاملة مستمر في صرف إعانات الطوارئ للعمال بما يقدر بنحو 338 مليون جنيه لنحو 295 ألف عامل في 3098 منشأة في القطاعات الأكثر تضررًا من أزمة كورونا، والتي يأتي على رأسها قطاع السياحة والغزل والنسيج.

وأضاف “سعفان” في بيان رسمي، أن إعانة البطالة التي يتم صرفها تقدر بنحو 100% من أجر العامل الأساسي، أو الحد التأميني للعامل بحد أدنى 600 جنيه.

وضع العمالة عالميًا

وفي بداية أزمة “كورونا” أعلنت منظمة العمل الدولية، عن انضمام نحو 25 مليون موظف إلى صفوف البطالة.

وذكرت أنه مع بداية الإجراءات الاحترازية والحظر، فإن هناك ما يقرب من 2.7 مليار عامل سيتأثرون بأزمة كورونا، وهو ما يعنى أن 4 من كل 5 عمال ستأثرون بهذه الإجراءات في مختلف أنحاء العالم.

هذا الرقم الصادم لم يكن الوحيد الصادر خلال أزمة كورونا المستمرة حتى اليوم، حيث عادت المنظمة لتعلن أن هناك موجة من تقليص عدد العمالة حول العالم، ومن المقرر وفقًا لتقديرها أن يتأثر بها نحو 200 مليون عامل، بحسب مديرها “جاي رايدر”.

وفي البيان الرسمي الصادر عن منظمة العمل الدولية تم تحديد القطاعات التي تأثرت بأزمة فيروس كورونا المتحول “كوفيد 19″، وتم تصنيفها وفقًا للأعداد المتضررة على النحو التالي: “الغذاء والفنادق بواقع 144 مليون عامل، البيع بالجملة والتجزئة بواقع 582 مليون عامل، خدمات الأعمال والإدارة بواقع 157 مليون عامل، التصنيع بواقع 463 مليون عامل”، مؤكدة أن العاملين في هذه القطاعات هم الأكثر عرضة للتأثر بجائحة كورونا عن غيرهم من باقي قطاعات العمل.