أثبت التحليل الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، وبرنامج الأغذية العالمي، بأنه هناك أزمات عدة تواجه اليمن، وستتسبب في زيادة مقلقة في عدد الأفراد الذين يتعرضون لانعدام الأمن الغذائي.

التحليل الذي أجرى في 133 مقاطعة حتى الآن في جنوب اليمن، أثبت أنه وبحلول نهاية العام ستحدث زيادة متوقعة ومقلقة في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المندرجين في مرحلة الأزمة “المرحلة 3 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي”، ومرحلة الطوارئ “المرحلة 4 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي”.

زيادة مفاجئة

خلال العام الماضي زادت المساعدات الإنسانية بشكل ملحوظ لليمن، وتراجعت مستويات انعدام الأمن الغذائي، لكن حدث ارتفاع كبير بعدها في عدد السكان الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وجاءت التوقعات بأن ترتفع الأعداد خلال الأشهر الستة القادمة من مليوني شخص إلى 3.2 مليون.

وبتمثيل الزيادة بالمعدل المئوي، فإن نسبة المتعرضين لانعدام الأمن الغذائي، انتقلت من 25 في المائة من إجمالي حجم السكان في اليمن إلى 40 في المائة من السكان وصنفوا ضمن مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

أسباب الارتفاع

السبب الرئيس في ارتفاع النسبة هو التدهور الاقتصادي، حيث يشهد الوضع الاقتصادي تضخمًا في ظل تراجع العملة المحلية دون رادع، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتوقعات بنضوب الاحتياطي من العملات الأجنبية، حيث فقد “الريال اليمني” وهو العملة المحلية 19 في المائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي في المتوسط، في الفترة ما بين منتصف ديسمبر 2019 وحتى منتصف يونيو 2020.

كما اعتبرت الدراسة أن النزاع الداخلي هو أحد المحركات الرئيسة لانعدام الأمن الغذائي الحاد، وأثرت جائحة فيروس كورونا المستجد على توافر الأغذية والحصول عليها وعلى إمدادات السوق، حيث ساهمت التدابير الاحترازية في تأخّر الاستيراد، وظهور اضطراب في السوق وحواجز لوجستية.

كذلك شهدت التحويلات من اليمنيين في الخارج تراجعًا بنسبة 20 في المائة، ومن المتوقع أن يتواصل التراجع، وأيضًا ظهور مناطق جديدة للجراد الصحراوي، وتربية دودة الحشد الخريفية من الناحية الإيكولوجية.

وتهدد الأمطار إنتاج الأغذية في اليمن، حيث سيشهد إنتاج الحبوب هذا العام تراجعًا لأقل من نصف المستويات سابقًا، كما قد تسبب الفيضانات المفاجئة فوضى عارمة ومدمرة في العديد من المناطق، كما هو متوقع مع الأعاصير في أغلب المقاطعات على طول الساحل العربي خلال الأشهر القادمة.

تهديد حياة الأطفال

الدكتور شيرين فاركي، ممثل “يونيسيف” بالإنابة في اليمن، قال إنه هناك مزيج خطير من النزاع، وندرة الأغذية والنظام الصحي المتهاوي، والضائقة الاقتصادية، ما تسبب في دفع ملايين الأشخاص في اليمن إلى شفير الهاوية، وزادت جائحة فيروس كورونا من تفاقم الوضع، مؤكدًا على تأثير ذلك على الأطفال الصغار وتعريضهم لسوء تغذية بما يحتاج إلى معالجة طارئة.

ووفقًا لتقرير أجرته “يونيسيف” في شهر يونيو الماضي، فإن هناك 30,000 طفل معرضين للإصابة بسوء تغذية حاد على مدار الأشهر الستة القادمة، ليرتفع عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية دون الخامسة إلى 2,4 مليون طفل، ويمثل نصف عدد الأطفال في البلاد دون الخامسة وبزيادة تصل لنحو 20 بالمائة.

غياب التمويلات

ليزغراندي، منسقة الشؤون الإنسانية لليمن، قالت إن البلاد تقف على حافة الهاوية من جديد، بمواجهتها لأزمة كبرى على صعيد الأمن الغذائي، على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إلا أن التمويل الذي تتلقاه الجهات المعنية لتحيل دون حدوث ذلك لم يعد كالسابق.

وأضافت: “عملنا على ترشيد استخدام الموارد التي عُهدت إلينا، كان الأشخاص يعانون من أعلى مستويات الجوع والخطر لكننا عززنا مساعدتهم بشكل ملحوظ، والأسر من أصحاب الحيازات الصغيرة والمزارعون المعتمدون على الزراعة يحتاجون إلى الدعم اليوم أكثر من أي وقت مضى”.

روشتة إنقاذ

ووضعت “يونيسيف” روشتة تعافي لحماية المجتمع اليمني من الهلاك بفعل انعدام الأمن الغذائي، وأهمها ضمان تقديم المساعدة الإنسانية بشكل متواصل لمن يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، خاصًة أولئك النازحين، وحماية سبل عيشهم، وضرورة إعادة تأهيل البنية التحتية التي تأثرت بفعل الفيضانات، للحد من آثار الفيضانات المقبلة على نظم المياه والري.

وضرورة دعم المزارعين الذين خسروا محاصيلهم بفعل الآفات والتغيرات المناخية، وتشجيع الممارسات الجيدة في التغذية على مستوى الأسرة، وتعزيز نظم الإنذار المبكر للأمن الغذائي لتخفيف الآثار السلبية للصدمات.