“الأنوثة لا تُمثل، فربنا كرمها وخلقها أنثى فتلفت النظر حتى لو لابسة كله متغطي، وبالتالي أنا مكنتش مضايقة من كوني أصبحت ممثلة إغراء، بالعكس أنا دلوعة وبحب الدلع ومعملتش حاجة مبتذلة”، كان هذا تصريح هياتم، التي أطلق عليها ملكة الإغراء، والتي قدمت في السينما العديد والعديد من أدوار الإغراء والمشاهد الساخنة في السينما، واستمرت في تقديم تلك الأدوار حتى تجاوزت السن الذي تقدم به هذه الأعمال، ولم تكن “هياتم” وحدها هي من قامت بذلك بكل الحب لما تفعل بل سبقها عدد من الفنانات.
هند رستم
كان من الفنانات اللاتي لقبن بفنانات إغراء هند رستم، التي قدمت الكثير من الأدوار التي ظهرت من خلالها فتاة دلوعة ومثيرة، لم ترفض القٌبل بالتأكيد خلال أعمالها ولا المشاهد الساخنة، ولكنها لم تقدمها بشكل فج أو مبتذل يجعلها منفرة بالنسبة للجمهور.
ناهد شريف
تليها في تلك المسيرة ناهد شريف والتي قدمت أيضًا العديد من أدوار الإغراء، والتي كانت أكثر جرأة من هند رستم، لدرجة أنها قدمت دور فتاة مثلية جنسيًا، بالإضافة إلى الكثير من المشاهد الجريئة التي قامت بتقديمها خلال مشوارها الفني، كما اعتبرت نادية الجندي من فنانات الإغراء، وغيرهن ولكن لسن الكثيرات.
السينما النظيفة
مع بداية حقبة التسعينات، بدأت نوعية جديدة من الأفلام تغزو السينمات المصرية فلا يمر عام إلا ويكون هناك فيلم سياسي، مثل “الإرهاب والكباب” و”الراقصة والسياسي”، وبدأ في الظهور مخرجين يبحثون عن العمق الفني بأعمالهم أمثال داوود عبد السيد وفيلم “الكيت كات” و”سارق الفرح”، وأفلام مثل “لحم رخيص” لإيناس الدغيدي، كما أنه ظهر نوع جديد من الأفلام الكوميدية كـ”استاكوزا”، ومع نهاية التسعينات، بدأ مصطلح السينما النظيفة يلوح في الأفق ويظهر مصطلح الكوميديات الجدد أمثال محمد هنيدي وفيلم “همام في امستردام” و”عبود على الحدود” لأحمد حلمي وكريم عبد العزيز والراحل علاء ولي الدين.
صدمة.. “الساحر”
مع بداية عام 2000 و2001، كانت تبحث السينما عن دماء جديدة، في ظل ظهور جديد من المخرجين والمؤلفين ومحاولة تطوير الأفكار النمطية في السينما، فمع ظهور الأفلام الكوميدية والتي كانت في طريقها لاحتلال السوق، قرر بعض المخرجين من أصحاب الفكر التفكير خارج الصندوق، بل وكسر الصندوق المجتمعي إن صح التعبير، وكان ذلك من خلال الخروج من تعبيرات السينما النظيفة التي أخذت طريقها في الانتشار بتلك الفترة، ليفجر المخرج رضوان الكاشف مفاجأة عام 2001، بطرح فيلم “الساحر”، الذي قامت ببطولته منة شلبي، وكان هذا العمل بمثابة الصدمة للجمهور لفتاة تبلغ من العمر 16 عام، وتناقش قضايا المراهقة، وتقوم بعلاقة جنسية كاملة مع الشاب الذي تحبه وتقيم علاقة مع شاب آخر خلال أحداث الفيلم، وأدت منة شلبي هذا العمل وهو البطولة الأولى لها، بمشاهد جريئة لتكشف عن فتاة تضرب الوضع القائم، وتؤكد أنها ستقدم مشاهد جريئة.
هند صبري
ظهرت في ذات العام الفنانة التونسية هند صبري من خلال دور صغير مع المخرج داوود عبد السيد في فيلم “مواطن ومخبر وحرامي”، ولم تُعارض فيه تقديم مشهد جريء، لتكون انطلاقتها الحقيقية من خلال فيلم “مذكرات مراهقة”، الذي يتحدث عن فتاة تقع في غرام شاب وهي في سن المراهقة، وتقيم معه علاقة جنسية، نوّه هذا الفيلم عن وجود فتاة شابة ثانية على استعداد أن تقدم أدوار جريئة في ظل النقاب الذي فرضه الوسط الفني على ذاته حتى لا يتم تقديم أدوار جريئة به.
مع ظهور الفتاتان معًا في ذات التوقيت اجتمعا بعدها في عدد من الأعمال التي أظهرا من خلالها قدراتهما التمثيلية بعيدًا عن حظرهم في الأدوار الجريئة فشاركا معًا في “بنات وسط البلد” و” ويجا” و”أحلى الأوقات”، ولكنهما لم يمنعا أنفسهما من تجسيد المشاهد الجريئة ولم يعترضا عليها، ففي هذه الأثناء قدمت منة شلبي مشاهد جريئة في “ويجا” و”بحب السينما”، وكذلك هند صبري في فيلم “ملك وكتابة” و”عمارة يعقوبيان”.
غادة عبد الرازق
وفي ذات التوقيت ظهرت أيضًا الفنانة غادة عبد الرازق منوهه عن رضاها عن تقديم الأدوار الجريئة، مهما كان نوعها، مؤكدة أن الفن لا يوجد به ممنوعات أو محظورات فقدمت “الأجندة الحمرا” وحاولت بعده أن تظهر في عدد من الأدوار وقمت أدوار بطولة في أفلام آخري، ولكنها لم تحقق نجاح وكان منها “90 دقيقة”، و”زي الهوى”.
خمس سنوات غيرت كل شيء
خلال خمس سنوات من عمر الألفينات استطاعت كلًا ممن حُسب على الأفلام الجريئة أن يصبحن فنانات ناضجات، سواء كان هذا على مستوى اختيار الأعمال أو الارتقاء بالمستوى الفني والفكري، والتي كانت أبرزهن كما ذكرنا في السابق منة شلبي وهند صبري، اللتان ظهرا نضجمها في الاختيارات الفنية بداية من عام 2005، لتظهر منة شلبي كبطلة في أفلام كـ”واحد من الناس” و”العشق والهوى” وتقرر أن تستمر في هذا النضج الفني الذي ظهر في أعمال كان منها “هي فوضى” و”كدا رضا” و”بعد الموقعة” و”نوارة” و”تراب الماس”، لنجد أننا أصبحنا أمام نجمة كبيرة وذو مذاق مختلف فنيًا، وفي ذات الوقت لم ترفض تقديم المشاهد الجريئة ولكنها أصبحت موظفة أكثر وبشكل أدق في اختياراتها.
على الجانب الآخر نجد أن رفيقة مشوارها هند صبري، قد اتخذت ذات القرار، لنجدها تحاول من خلال فيلم “لعبة الحب” الذي قدمته عام 2006، أن تبرهن على وجود موهبة لها بعيدة عن الأدوار الجريئة التي قالت عنها في أحد لقاءتها التلفزيونية:” حتى البواب بقى بيبصلي بصة مش كويسة”.
مع حلول عام 2007، كانت مرحلة مختلفة لهند صبري مع فيلم “الجزيرة”، ثم تحولت على مدار السنوات إلى صاحبة الرأي الفني الواضح على الشاشة والمهمومة بالقضايا العامة والتي تستطيع أن تجسدها ببراعة وتحصل من خلالها أيضًا على جوائز، فظهرت لدينا الشخصية المثقفة فنيًا وأدبيًا ووجد الجمهور ذلك في فيلم “أسماء” و”الكنز” و”الممر”، وأعمال درامية كـ “حلاوة الدنيا” و”امبراطورية مين”، وغيرها، لنجد الصديقتان الأنضج بين بنات جيلهن.
الإغراء هدف للنجاح والإيرادات
رغم أن الفنانة غادة عبد الرازق يمكن اعتبار بدايتها الحقيقية مع سابقيها، لكنها لم تستطع تحقيق ما وصلن إليه برغم أنها تكبرهما سنًا، فقرت غادة عبد الرازق أن تعود بعد عدم نجاح أعمالها التي قدمت بها الفتاة الارستقراطية، على أدوار الإغراء التي اكسبتها شعبية ونجاح بين الجمهور، فوجدناها تقدم تلك الأدوار في “الريس عمر حرب” و”خلطة فوزية” و”كلمني شكرًا” و”بون سواريه” و”ركلام” و”اللي اختشوا ماتوا”، لكن في طريقها لتحقيق إيرادات سينما بتقديم أدوار إغراء قررت أن تخلق لذاتها شعبية مختلفة من خلال التليفزيون، والتي تقبلها الجمهور بصدر رحب بعد أن اعتمدت على سيناريوهات ومخرجين ساعدوها على تحقيق النجاح وكان من هذه الأعمال “حكاية حياة” و”الخانكة” و”أرض جو”، ليأتي عام 2016، ويكتب نهاية غادة في تقديم الأدوار الجريئة معلنة أنها لن تقدم هذه الأدوار مرة آخري لأنها أصبحت “جدة”، وأيضًا أن هناك سبب خفي هو أن عمرها أصبح لا يتحمل أن تقدم هي مثل هذه الأدوار.
هيفاء وهبي عدو قوي بالساحة الفنية
في ظل سنوات توهج غادة عبد الرازق في تقديم المشاهد الجريئة قرر المخرج خالد يوسف، أن يُشعل حلبة الصراع، بنزول هيفاء وهبي إلى ساحة المعركة لتتحول مطربة الإغراء إلى ممثلة جريئة وكان أول ظهور لها من خلال فيلم “دكان شحاته”، ثم تواجه الجميع من خلال فيلم أكثر جرأة وهو “حلاوة روح” الذي واجهت به الرقابة والأزهر ولكنه تم عرضه بعد مراعاة القيم العامة.
وبعد تلك الخطوات حاولت هيفاء وهبي أن تغير من نفسها فقدمت أعمال درامية نجحت في بعضها وفشلت في الآخر ولكنها في النهاية ومازالت هيفاء وهبي التي تعتمد على مقاومتها الجسمانية في تقديم عمل فني.
ومع ما تم ذكره نجد أن النضج الفني واختيار أن تكون نجم في الصفوف الأولى هو قرار الفنان في النهاية، وأن اختياراته هي ما تضعه بأن يكون نجم شباك وأيضًا ملاذ لمشاهدة الجمهور، وأن يقرر أن يحصل على إيرادات فقط لمجرد تقديمه مشاهد جريئة.