شهدت العلاقات الصينية الأمريكية، حالة من التوتر الشديد خلال الفترة الأخيرة، وبدأت مرحلة جديدة من القلق في أعقاب غلق القنصلية الأمريكية في تشنجدو تعقيباً على إغلاق واشنطن لقنصلية بكين في هيوستون.

وعلق الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون أوليوت، إغلاق القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية في هيوستون لحماية الملكية الفكرية الأمريكية والمعلومات الخاصة للأمريكيين، متابعًا: “نحثّ الحزب الشيوعي الصيني على وقف هذه الأعمال الخبيثة بدلاً من الرد بالمثل”.

وذكرت وزارة الخارجية الصينية، أنها أعلمت السفارة الأمريكية ببكين أهمية إغلاق قنصليتها في مدينة تشنجدو بجنوب غرب الصين، بعد أيام من قرار واشنطن بإغلاق القنصلية الصينية في هيوستن.

وبيّنت الوزارة، أنّها أعلمت السفارة الأمريكية في الصين بقرار سحب موافقتها على إقامة وتشغيل القنصلية العامة الأمريكية في تشنجدو، وأردفت أنّها قدمت طلبات محددة بخصوص وقف القنصلية العامة لكل العمليات والأحداث.

وخلال الفترة الأخيرة شهدت العلاقات الصينية- الأمريكية، العديد من الأزمات، بعد توجيه الرئيس الأمريكي العديد من الاتهامات للصين، والتي بدأت باتهامات للصين بالتلاعب في سعر صرف العملة الصينية والتأثير على الاقتصاد الأمريكي، مما دفع ترامب إلى إقرار عقوبات اقتصادية على الصين، وردت بكين بفرض العديد من الضرائب والجمارك على المنتجات الصينية.

ووجه ترامب اتهامات أخري للصين في أزمة تفشى فيروس كورونا، واتهم بكين بنشر الفيروس وإخفاء معلومات حول الفيروس، وأنها سبب انتشاره في العالم، كما اتهم منظمة الصحة العالمية بمحاباة الصين، وإخفاء المعلومات.

علاقات قديمة

مرت العلاقة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بالعديد من المراحل متأثرة بالوضع الدولي المتغير بعد الحرب، ومرت التنمية من خلال مراحل مختلفة تغطي كل منها عقدًا تقريبًا.

ومنذ أواخر الأربعينات وحتى أواخر الخمسينات كانت فترة المواجهة بين معسكرين عالميين، وطوال هذه الفترة، تم حصار الصين والنظر إليها بالعداء، واجتمعت الصين والولايات المتحدة في ساحة المعركة في كوريا.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، ظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تربطه علاقة ودية للغاية مع الصين، رغم وجود حرب تجارية بينهما، وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإن الخلاف بين إدارة ترامب والحزب الشيوعي في الصين يزداد سوءا.

حظر شامل

ومن بين السيناريوهات المتوقعة خلال تصاعد الأزمة بين بكين وواشنطن، قيام الإدارة الأمريكية بفرض حظر شامل على السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لنحو 92 مليون عضو في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، واحتمال طرد أي عضو موجود حالياً.

ويقول مدير مركز العلاقات الأمريكية الصينية في جمعية “آسيا”، أورفيل شيل: “أعتقد أننا في دوامة خطرة ومتسارعة نحو الأسفل، وشدة المواجهة قفزت الجدار من تحديات محددة وقابلة للحل إلى صدام بين الأنظمة والقيم”.

وبدوره، يبدى كريج ألين، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، إنزعاجه من تزايد العداء من قوتين عظميين يمثلان معًا 40٪ من الناتج الاقتصادي العالمي.

جائحة كورونا

اتهم ترامب الصين بنشر الفيروس التاجي الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان بوسط الصين أواخر العام الماضي، وصفوا مرارًا وتكرارًا الفيروس بعبارات عنصرية ووصمة، بأنه فيروس ووهان، وفيروس الصين وكونج فو.

وفي 4 يوليو، قال ترامب إن الصين يجب أن تخضع للمساءلة الكاملة، كما دأبت الإدارة على تمويل وتأمر بقطع العلاقات مع منظمة الصحة العالمية، متهمة إياها بالتحريض على أوجه القصور في رد الصين الأولي على تفشي المرض.

فيما اتهمت وزارة العدل الأمريكية المتسللين الصينيين بمحاولة سرقة معلومات حول الأبحاث الأمريكية حول لقاح فيروس.

من جانبها، رفضت الصين هجمات الإدارة الامريكية على الفيروس وانتقدت رد فعل الحكومة الأمريكية الضعيف على تفشي المرض.

كما قام الصينيون بدعاية مضادة بالترويج دون أي دليل، على أن الجنود الأمريكيين ربما كانوا المصدر الأصلي للفيروس خلال زيارة إلى ووهان في أكتوبر الماضي.

ويقول المحللون أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، هو الذي يقود التوترات بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، ويشيرون إلى أنه شديدًا في التعامل مع الصين، وكان خطابه قاسيًا منذ البداية.

خطوة تلو الأخرى

يشار إلى أن الصين في عهد الرئيس الصيني شي جين بينج، أصبحت أكثر صراحة وأكثر قوة على الساحة الدولية، حيث إنها لم تقر فقط قانون الأمن القومي المثير للجدل في هونج كونج، بل كانت لها عدة اشتباكات على طول الحدود مه الهند، ناهيك عن تكثيف السياسيات القمعية في الداخل.

المواجهة في بحر الصين الجنوبي

تحدت إدارة ترامب بشكل متزايد تأكيدات الصين على السيادة والسيطرة على جزء كبير من بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك ممرات الشحن البحري الحيوية.

في الأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي وصف الصين بأنها تهديد أمني كبير، أن معظم مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي “غير قانونية تمامًا”، مما أدى إلى مواجهات عسكرية محتملة بين القوات البحرية الصينية والأمريكية في المحيط الهادئ.

معركة موسعة على التكنولوجيا

اتهمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الصين منذ فترة طويلة بسرقة التكنولوجيا الأمريكية. وصعد ترامب البيت الأبيض من الاتهامات بالسعي إلى وضع قائمة سوداء دولية لشركة هواوي، أكبر شركة تكنولوجية في الصين، ووصفها بأنها واجهة لجهود الصين لاختراق البنية التحتية للاتصالات لدول أخرى من أجل الاستفادة الاستراتيجية.