“لم ترد لنا شكاوى”.. هكذا رد أعضاء مجلس نقابتي “الأطباء والأسنان”، بعد تداول عدد من وقائع التحرش لبعض الأطباء في المستشفيات سواء بزميلات لهم أو بمرضاهم، إلا أن الأمر اقتصر على العالم الافتراضي، ولم يتقدم أحد بأي شكوى للنقابة المُختصة، فيما يخص وقائع التحرش التي تم سردها خلال الأيام الماضية، فهل هناك خوف من عدم تحقيق العدالة؟ وما هي الضمانات الرادعة لأعضاء النقابات الطبية؟
آداب المهنة
نصت المادة “6” في لائحة آداب المهنة لنقابة الأطباء، على أنه من واجبات الطبيب نحو المهنة أن يراعي الأمانة والدقة في جميع تصرفاته، وأن يلتزم السلوك القويم، وأن يحافظ على كرامته وكرامة المهنة مما يُشينها، وفقًا لما ورد في قسم الأطباء وفي لائحة آداب المهنة.
رئيس الهيئة التأديبية بنقابة الأطباء، الدكتور أسامة عبد الحي، قال إنه لم يرد للجنة أية شكاوى تتعلق بأطباء متهمين في وقائع تحرش، لافتًا إلى أن النقابة تُشجع تواجد بيئة عمل آمنة سواء للطبيبات أو للمرضى، وبالتالي تقوم بتفعيل عقوبات لائحتها.
ويشير عبدالحي، إلى أنه عند وورود شكوى للنقابة، فهناك لجنة تحقيق مكونة من عضوي نقابة وعضو منتدب من النيابة العامة تقوم بسماع أطراف الشكوى، وتستمتع لأقوال الطبيب المشكو في حقه بحضور محاميه، وعند انتهاء التحقيق يتم تحويل الأمر للهيئة التأديبية.
ويضيف عبد الحي، أن الهيئة التأديبية هي من تتخذ القرار حسب لائحة آداب المهنة، ومن الممكن أن يوجه للطبيب إما اللوم أو الإنذار أو لفت النظر أو الوقف عن العمل، أو الشطب النهائي، تبعًا للجُرم الذي يقوم بتقييمه أعضاء هيئة التأديب.
ويوضح عبد الحي، أن قرارات الهيئة بأغلبية أعضائها، وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس، ويكون الانعقاد صحيحًا بحضور ثلاثة أعضاء، وتُرفع الدعوى التأديبية أمام هذه الهيئة بناء على قرار من مجلس النقابة العامة.
وينوه إلى أنه عند طعن المشكو في حقه في قرارات الهيئة تستأنف قرارات هيئة التأديب الابتدائية أمام هيئة تأديب استئنافية، تتكون من احدى دوائر محكمة استئناف القاهرة وعضوين يختار مجلس النقابة أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الطبيب المحال الى المحاكمة التأديبية من بين الأطباء، فاذا لم يعمل الطبيب حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته، اختار المجلس العضو الثاني.
عضو لجنة الآداب: “الصلح في شكاوى التحرش”
راجح السياجي، عضو لجنة التحقيق وآداب المهنة بنقابة الأطباء سابقًا، يقول إن قانون النقابة ينص على محاولة للصلح بشكل ودي ويتم التواصل بين الطرفين لحل المشكلة، أما في حالة تمسك الطرفين تذهب الشكوى للجنة آداب المهنة في النقابة العامة، والتي تقوم بالتحقيق في الواقعة، وإما أن تقوم بحفظ الدعوى أو تحولها لهيئة التأديب لاتخاذ قرار بشأنه.
ويشير إلى أنه عاصر عدد من الشكاوى أثناء عضويته للجنة آداب المهنة من طبيبات تم التحرش بهن في أماكن العمل أو من زملاء لهم في مؤتمرات أو غيرها من أماكن العمل، وانتهى الأمر بالتصالح الودي وبتعهد الطرف المشكو في حقه بعدم التعرض للشاكية ولم يتم تصعيد الأمر.
وعن الشهادة المنتشرة لطبيبة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تعرضها لظلم إداري من مديرها الذي سبق واتهمته بالتحرش بها، أكد “السياجي” أن بالفعل تقدمت الطبيبة أثناء عضويته للجنة بشكوى ضد طبيب زميل قبل أن يرأسها، ولكن الأمر توقف عند مرحة الصلح وتواصلت النقابة الفرعية بالقاهرة مع الطرفين، وتم حل الأمر بشكل ودي بعلم إدارة المستشفى، وتم حفظ الشكوى، والطرف الأخر تعهد بعدم تكرار الواقعة”.
وبسؤاله هل من حق الطبيبة تقديم شكوى بأثر رجعي حال ظهور أمر جديد، أوضح “السياجي” بالطبع إذا وجدت أنها تتعرض لتعسف اداري إذا كان المشكو في حقه يعلوها في السلطة أو أخل باتفاقه السابق مع النقابة أو عاملها بشكل غير لائق ويتم تقديمه للجنة الآداب للتحقيق معه”.
النقابة لا تُشهر بالأعضاء
إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، يؤكد أن النقابة لن تتهاون إذا تم تصعيد الأمر لها، فهذا أمر مخجل ومشين ويجب اتخاذ إجراءات قوية، موضحا أنه ليس من شأن النقابة أن تشهر بأحد أعضائها وتقول عنه أنه “متحرش” أو تهاجم جهة بعينها إلا لو اثبتت تحقيقات هيئة التأديب هذا عن طريق شكوى تقدمت بها إحدى الطبيبات أو حتى المريضات بشأن تحرش طبيب بها أثناء الكشف.
وينوه إلى أن هناك أيضًا سرية في التحقيقات، كما أن قرارات الهيئة التأديبية أشبه بالحكم القضائي في نزاهته، موضحا أنه من حق الشاكية فقط أن تعلن نتيجة تلك التحقيقات حفاظا عليها أو على أمانها الشخصي يتم ترك الأمر لها، موضحا أن هناك شكاوى لم ترد للنقابة ويتم حلها داخل المستشفى أو محل العمل.
ويضيف الطاهر، أن باب لجنة الشكاوى بنقابة الأطباء مفتوح لأعضائها وللجمهور للتقدم بأي شكوى أو صرف مشين حدث من أحد أعضائها تجاه المرضى وتدعم الجميع.
وطلبت “المحررة” حصر بعدد الشكاوي المقدمة ضد الأطباء باتهامات التحرش والإجراءات التى اتخذتها النقابة حيال تلك الوقائع، وحتى نشر التقرير لم ترسل النقابة البيانات المطلوبة.
3 طرق لردع التحرش في أماكن الكشف والمستشفيات
عدد من الحكايات عن تحرش أطباء الأسنان بالمرضى تم سردها من قبل جمهور العالم الافتراضي على السوشيال ميديا، إلا أن الأمر توقف عند هذا الحد أيضا.
أكد دكتور محمد البدوي، أمين عام نقابة الأسنان وعضو اتحاد المهنة الطبية، أنه لم يرد له أي شكوى بشأن الطبيب محل جدل “السوشيال ميديا”، منوهًا إلى أنه لم ترد للنقابة مؤخرا أي شكوى عن عضو أخر لها بشأن ارتكابه وقائع تحرش، وكان هناك شكاوى تم توصيفها بأنها كيدية لطلب المريضة مبالغ مالية وصلت لـ 60 ألف جنيه.
وتحدث البدوي، عن ثلاثة طرق لردع مثل تلك الوقائع، قائلا “نحن بصدد وضع كود أخلاقي واضح داخل المنشآت الطبية لثلاثة أسباب، أولها أن الطبيب يجب أن يكون أمينًا على جسد المريضة، وثانيها حتى لا يتم استخدام الأمر كجزء من تصفية الحسابات، وثالثًا لأن هناك شكاوى من طبيبات بتحرش المرضى بهم وهو أمر غريب”.
كاميرات في أماكن كشف الأسنان
وأضاف “البدوي” أن القانون يمنع وجود كاميرات في أماكن الكشف، معقبًا: “ولكن كنا قد أرسلنا طلبًا لوزارة العدل ولجنة الصحة بالبرلمان باستثناء لعيادات الأسنان، حيث يتم الكشف فقط على جزء ليس من حرمة الجسد، وأن يتم وضع الكاميرا خلف كرسي المريض ليجلس بحريته.
وعن الطريقة الثالثة لكي يتم توفير بيئة عمل آمنة للطبيبات والمرضى، أضاف أن النقابة تنتظر تشريع قانون سرية البيانات بمجلس الوزراء لأن مثل هذا القانون سيشجع سياسات لجان التحقيق داخل النقابات المهنية فيما يخص وقائع التحرش.