يعتقد البعض أن غير المحجبات هن فقط من يتعرضن للمضايقات، من معاكسة وتحرش وغيرها، ولكن هناك مضايقات أيضًا تقابل المحجبات والملتزمات بغطاء الرأس في مصر، ما بين وظائف من الممنوع العمل بها، وأماكن ممنوع دخولها، كما روت العديد من الفتيات والسيدات.
الشكل وطموحات العمل
“شكلك بالحجاب بيستفزني”، هكذا علق مدير أحد الشركات السياحية على مظهر هند عبد الله، 28 عامًا، لدى تقدمها للعمل: “قال ليّ مؤهلاتك تمام، لكن شكلك مينفعش، فحاولت أفهم منه لقيته بيقول ليّ: الحجاب مش نافع، ولو قلعته ممكن استلم الوظيفة من بكرة”.
صدمة ألمت بـ”هند” بسبب كلام مدير الشركة – بتهكم قالت: “أنا مش رايحة اشتغل موديل، ليه شكلي حال دون قبولي بالوظيفة”.
رد المدير على الفتاة العشرينية، سبب لها نوعًا من الإحباط، لأنها كانت ترغب الالتحاق في تلك الوظيفة التي ترى أنها مناسبة لها: “الشغل كان مناسبًا ليّ، وقرار رفضي للعمل نوعًا من العنصرية، لأنه اتٌخذ بناءً على مظهري”.
ارتدت الفتاة وفقًا لحديثها، عن قناعة ورفضت خلعه لأجل الوظيفة طالما حلمت بها: “لازم الناس تقبلني بشكلي الحالي طالما ده مش هيأثر على شغلي، ولا هيأثر على تعاملاتي معاهم”.
وجه آخر من المضايقات تراه دينا عبد العزيز، 41 عامًا، تحكي عنه: “أغلب المحلات والبراندات الكبيرة مش عاملين ملابس تنفع للمحجبات، واللي عامل منهم مخصص جزء قليل أوي وحاطه في جنب كده كأنه لا يصلح للاستخدام”.
تضيف بحزن: “معنديش مشكلة مع غير المحجبات، هما أحرار، بس ليه هما كمان مش بيقبلونا بشكلنا الحالي، إحنا كمان يبقى لينا نفس الهدوم دي بالشكل اللي يناسبنا”.
السخرية من المحجبات بسبب غطاء الرأس ترفضه أيضًا “دينا”، وترى أنه لا يمكن تقبل غير المحجبات بدعوى الحرية، والسخرية من مظهر المحجبات، وتعبر هذا الأمر نوعًا من الازدواجية في المعايير، ويجب تغيير تلك النظرة، وتوافقها في الرأي نادين سمير، 38 عامًا: “بنقابل تعليقات سخيفة زي إيه اللي إنتي لابسة دا، هو إنتي جاية عزاء، حلوة أوي الخيمة اللي على رأسك دي”.
الحجاب لا يحمي من التحرش
أما عن حماية المحجبات من التعرض للمضايقات والتحرش، فهو أمر تراه الثلاث سيدات غير حقيقي، فهن يتعرضن أيضًا للتحرش والمعاكسات في الشارع، كما قالت “نادين”: “إحنا كمان بنتعرض لنفس المضايقات والتحرش في الشارع، ومعاكسات سخيفة زينا زي اللي مش محجبات بالضبط، علشان التحرش دا الرجالة بتعمله مع الأنثى أي إن كان شكلها، ومش اللبس هو المبرر زي ما كتير بيقول، أو بيحاول يروج إننا محمين من الأمر ده”.
سياسة المكان التي ترفض وجود المحجبات، من المضايقات أيضًا، فهناك العديد من الأماكن بالفنادق أو أماكن الخروج، وأيضًا جهات تمنح منح تدريبية وغيرها، ترفض وجود مرتديات الحجاب، كما قالت “دينا”: “كتير اتعرضنا للمواقف دي، وكتير أماكن بترفض دخولنا، وده مفروض ينتهي إحنا في 2020 والمفروض الست بتتقيم بهي بتقدم إيه وإيه إمكانياتها مش لابسه إيه وشكلها إيه”.
تتفهم “دينا”، أن هناك العديد من الوظائف التي تحتاج لشكل معين للمرأة، مثل: عارضات الأزياء، والممثلات، لأداء الأدوار بواقعية، ولكن يجب أيضًا أن يكون هناك تنوع: “زي ما في موديل مش محجبات لازم كمان يكون في موديل وعارضات أزياء محجبات تقدم لبس للمحجبات، لأن المجتمع فيه ده وفيه ده، ولازم ميبقاش في طرف بيتعرض للتمييز”.
العزل والتمييز
“إنتي ذكية جدًا بس الحجاب ضاغط على إبداعك.. معلش مينفعش تبقي معانا علشان الحجاب وهتكوني مختلفة عن الباقيين.. إيه البتاع اللي على دماغك ده.. إيه اللي جابك هنا إنتي جايه جنازة”.. جانب من التعليقات التي تعرضن ويتعرضن لها المحجبات يوميًا، وفقًا لحديث مطول مع 8 سيدات محجبات من طبقات اجتماعية مختلفة، يؤكدن أن الظاهر يبدو أن هناك تقبلاً للمحجبات، ولكنّ هناك نظرة على أن السيدة المحجبة أقل في الكفاءة والإبداع، كما أنها تتمتع بأفكار رجعية.
كما قالت سميرة مرشدي، 52 عامًا: “بحكم سني ولبسي للحجاب من سنين طويلة ففعلاً المحجبات بيتبص لهم وخاصة في الفترة الأخيرة على أنهم معقدين وأصحاب أفكار رجعية وده مش حقيقي خالص وظلم كمان”.
مسابقات ملكة جمال المحجبات، أو تخصيص ركن خاص للمحجبات في الشواطئ، أو محلات الملابس، تراه “سميرة”، نوعًا من التمييز: “دا بيرسخ فكرة إن إحنا فريقين ودا مش حقيقي، ليه متتعملش المسابقة ويشارك فيها محجبات وغير محجبات، ويبقى المحجبات وغير المحجبات قاعدين مع بعض عادي على الشواطئ والنوادي؟، ده اللي هيخلينا نحس إنه عادي، مش إنه يتعمل لنا أماكن مخصصة تعزلنا أكتر، وترسخ لفكرة عزلنا أكتر وأكتر في المجتمع”.
تبحث غير المحجبات عن حقوقهن في اختيار الملبس المناسب لهن، كما تبحث غير المحجبات أيضًا عن حقوقهن، ومنع تعرضهن للتمييز، وما يصفونه بالعنصرية، في محاولة واحدة للسيدات عن حريتهن في مصر، سواء محجبات أو غير محجبات.