لطالما عرف التعليم الأزهري بصعوبته، بشهادة الدارسين أنفسهم، فمنذ الوهلة الأولى بالمدرسة الابتدائية يقرر على الطالب القرآن،  ويزداد الوضع تعقيداً وصعوبة بدراسة الطالب لخمس مواد شرعية -فقه، تفسير، توحيد، سيرة، وحديث- علاوة على المواد الأساسية، تم تجميع تلك المواد الأن بكتابين بدلا من خمسة، ومع تقدم المرحلة ودخول الثانوية يقسم العربي لأربع مواد، وأربع مواد شرعي لكلا الشعبتين-العلمي والأدبي- مع جمع العلمي لمواد الشعبية العلمية علوم ورياضة معاً مما يرفع من عدد المواد أمام المأخوذة، ويصعبها على الطالب.

تنسيق البنات أعلى من البنين

يشعر طلبة الأزهر بالظلم، خاصة عند مرحلة الصف الثالث الثانوي، كونها المحددة لمستقبلهم، فما بالك بأن البنات تشعر بذلك مرتين، مرة عند مقارنتهم بالثانوي العام، والأخرى عند مقارنة تنسيقهم بتنسيق البنين بالأزهر.

يرتفع تنسيق البنات عن البنين لنفس الكليات بما يقارب 10درجات، لتجد الفتاة مطالبة بدراسة 18مادة، والحصول على درجات أعلى من البنين لتحجز مقعداً لها بالمكان الذي ترجوه.

“أعداد المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية عن العام الدراسي 2019/2020، عدد طلاب القسم الأدبي بنين 50602 وطلاب الأدبي فتيات 34633 بينما يبلغ عدد طلاب القسم العلمي بنين 25127 وطلاب القسم العلمي فتيات 18029 بإجمالي 43156 طالبا بالقسم العلمي”.

 صعوبات وضغوط

تذكر ياسمين العرقي، طالبة بكلية أصول دين بالمنصورة، حديث المعلمين عن تنسيق البنين وانخفاضه عن تنسيق البنات، فعندما سألوا عن السبب، أخبروهم بأن الأولوية للرجال، لم تفهم “ياسمين” كلامهم في بادئ الأمر حتى جاء وقت التنسيق.

وجدت أصدقائها الحاصلات على 90 % وأقل ضاعت أحلامهم وسط مسافات السفر للكليات المختلفة ورفض ذويهم للأمر، ومنهن من رفض أهلها ارتيادها للكلية التي لطالما أرادتها وأحبطتها بعد المسافة، وبهذا يحصد الفتيان أقل منهم ويرتادون كليات أعلى وتتحقق مقولة المعلمين عن كونهم ذو أولوية.

 اغتراب وظلم

من محافظة الدقهلية، جاءت خلود عسقلاني، إلى أسيوط لتلتحق بكلية الصيدلة، التحقت بيت للطالبات “مدينة جامعية” لتتمكن من التواجد بالمحاضرات، وتعود لأهلها بعد أسابيع طويلة لازدحام وقتها.

تكمل خلود حديثها قائلة ” حاولنا كثيراً إيصال وجهة نظرنا وشكاوينا لأصحاب الكلمة، لكن المبررات دائماً ما تكون غير مقنعة، فالمبرر الأول أن الأعداد كبيرة جدا مقارنة بأعداد البنين، والثاني كون الفتيات يحصدن أعلى الدرجات فيرفعون سقف التنسيق الخاص بهم، ولا يذكر أحد قلة الكليات المستقبلة لنا”.

حالات مشابهة

مر على “خلود” الكثير من الحالات المشابهة لها، أحد أقاربها حصلت على 94 %، ولم يؤهلها ذلك للدخول لكلية الهندسة في حين أهل ذلك البنين، وصديقة لها مجموع درجاتها (614) لم تقبل بصيدلة أسيوط معها.

فاضطرت ارتياد هندسة القاهرة البالغ مجموع التأهيل بها (601) أي بفارق 13 درجة، في حين قبول البنين بصيدلة أسيوط من (605)، وأخري بمجموع (599) لم تستطع الالتحاق بهندسة القاهرة ولم يكن أمامها إلا علوم.

بعد بالإكراه

تستغرق رحلة ندى عبد الحميد، من القاهرة إلى أسيوط نحو ثمانية ساعات للوصول إلى المدينة الجامعية، “ندي” طالبة في كلية صيدلة أسيوط، لم تقبل بصيدلة القاهرة القريبة من بيتها، بسبب ارتفاع الحد الأدنى في التنسيق.

تقول “ندي” شعرت بالظلم بعد إعلان نتيجة التنسيق، فالطالب الذي حصل على نفس مجموعي التحق بصيدلة القاهرة، وأضافت أن كلٌ من علوم وهندسة يوجد بها فرعين للبنين وفرع للبنات، مع صغر مساحات كليات البنات تستقبل عدد أقل من أعداد البنين المقبولين في الكليات المناظرة.

 شاهدٌ من أهلها

خريج الأزهر، عبده فتحي، أكد أن الدارسة في الأزهر حالة خاصة سواء في المعاهد الأزهرية أو الجامعات، ففي الثانوي العام درجات القبول موحدة سواء للطالب أو الطالبة وتتساوى الفرص، أما في الجامعة فالأمر مختلف، ونتيجة لوجود كليات خاصة بالبنين وأخري للبنات، لعدم الاختلاط، يحدث اختلال لميزان الفرص ما بين البنات والبنين.

مشيرا إلى وجود العديد من فروع للكليات للبنين خاصة في الكليات العملية، مقابل عدد محدود من كليات البنات، وبالتالي تكون أفضلية القبول لكيات البنات المجموع الأعلى، مما يؤدى إلى ارتفاع الحد الأدنى للقبول خاصة في الكليات العملية. لكن على الجانب الأخر هناك كلية تمريض خاصة بالبنات ولا مثيل لها للبنين.

 الأزهر يرد

الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر، برر موقف الجامعة بأن لكل كلية متطلبات من حيث عدد المقاعد وسوق العمل، فلكل طالب كرسي لذا تقبل بأعداد محدودة، وأقر بأن عدد كليات البنات قليل، لكنه مناسب لأعدادهم ولا مشكلة بهذا أبداً، وعدد الطلبة يتغير بكل عام، كما أكد إنشاء فروع لكليات للبنات جديدة بالعام الماضي مما يؤكد على عدم وجود مشكلة.