أصبحت تونس حديث الساعة بالوطن العربي، على مدار الأيام الماضية، بعد التصويت البرلماني على عزل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.

الدولة الأكثر تقدمًا بالقارة الأفريقية بعد دولة جنوب أفريقيا، وتمتلك طبقة متوسطة حضرية “قوية، ومتعلمة”، وقادت ما يٌسمى بـ”ثورات الربيع العربي” قبل 9 سنوات، باتت تواجه تحديات عدة.

“كورونا” يفتك بالحكومة

التحدي الأول كان اقتصاديًا- إذ فشلت حكومة إلياس فخفاخ، التي تقدمت باستقالتها لرئيس الجمهورية، في خفض الدين العام مع تعزيز النمو، وخلق فرص العمل، بسبب أزمة فيروس كورونا المُستجد “كوفيد-19″.

في الـ25 من يوليو الجاري، كلّف الرئيس التونسيّ قيّس سعيد، وزير داخليته اللواء هشام مشيشي، بتشكيل حكومة جديدة، ومنحه مهلة 30 يومًا لتنفيذ المهام الموكلة إليه، مطالبًا بـ”كسب الحكومة لثقة البرلمان”.

الرئيس التونسيّ هدّد بـ”حل البرلمان” إذ لم تحز الحكومة الجديدة ثقة البرلمان، ويدعو إلى انتخابات نيابية جديدة، متخذًا قرارات اقتصادية عاجلة لإنقاذ الأوضاع المتردية.
الجهاد في سوريا يبدأ من هنا
موقع صحيفة المونتيور الأمريكية، سلّط الضوء على سياسيات الحكومة في تونس، واعتبرها “طريقًا مفروشًا للإخوان”، وإرسال “مرتزقة” للقتال في سوريا، وليبيا.
وأفادت الصحيفة في تقريرها، بأن “إخوان تونس” مهدوا الطريق للقتال في سوريا.

الجهاد في سوريا يبدأ من هنا

وزادت “المونتيور”: “سياسات الحكومة سهلت من سفر المرتزقة”، مشيرةً إلى ذلك تم رغم اتخاذ الحكومة إجراءات لمنع المواطنين من السفر إلى دمشق للقتال.
“الإخوان” والرئيس
تتطرق الصحيفة الأمريكية إلى صلاحيات الرئيس التونسيّ، وتقول إنه يتمتع بشكل رئيسي بالسلطة على السياسة الخارجية والدفاعية، مضيفة: هذه السياسة خلقت خلافًا بين الطرفين.


ماذا لو اختفى حزب النهضة “الإخواني” من الحياة السياسية التونسية؟.. تجيب “المونتيور”: “الأمر ليس بالخطير”.

رجل تونس المريض

“رجل مسنّ مريض عليل الجسد”.. هكذا يشبه محللون ومراقبون سياسيون، حزب النهضة، الذي ما زال مثارًا للجدل منذ ثورة الياسمين في العام 2011.
أمين عام حزب تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، يقول إن “النهضة” بصدّد ترهيب التونسيين، وإن منطق الترهيب يعقد الأوضاع بدلاً من حلها، مؤكدًا أنه كلما اختلط الدين بالسياسة، كانت النتيجة صراعات دموية.
من جهته، يعتبر أمين عام الحزب الاشتراكي، محمد الكيلاني، أنّ الديمقراطية التونسية وقعت في فخ النهضة، وكل أساليب العنف مرفوضة.
وحذّر الناطق باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي، من أن جماعة الإخوان يؤمنون بالديمقراطية من جانب واحد، وفي حال تعرض مصالحهم للضرر سيفجرون الدولة من الداخل.

“النهضة” حركة وليس حزبًا

تقدم حركة النهضة في تونس، التي كانت تسمى في الأصل حركة النزعة الإسلامية، دراسة حالة لحركة النهضة الإسلامية بأجندة سياسية بدت في سنّواتها الأولى، وكأنها واحدة من الأكثر اعتدالاً في العالم العربي.
وتقول صحيفة “آراب نيوز” البريطانية، أن الحركة تستمد قيمها من الدين، لكنّها تريد أن تكون جزءًا من حوار علماني في الأساس.
ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء السياسيين، أنّ قادة حزب النهضة سيتعين عليهم الآن العمل بجدية لتوفير توازن للنهضة، لإبقاء الإسلاميين متجذرين في الديمقراطية العلمانية التي يزعمون أنهم يؤمنون بها.
ويقول رياض بن فاضل، من حزب الديمقراطيين الاستطلاعيين الحديث، هناك اتجاهات كثيرة في النهضة.
ويضيف: “إنها ليست حزبًا، إنّها حركة، لست قلقًا بشأن القيادة الحالية، ولكنّ هناك عناصر راديكالية، قد تسعى ذات يوم للسيطرة عليها”.

حبيب الأمس عدو اليوم

واجّه الرئيس التونسيّ قيّس سعيد، هجومًا حادًا خلال الآونة الأخيرة من قبٍل الإخوان المسلمين، على الرغم من أنه كان رمزًا لـ”الود والثناء”، للجماعة في تونس.
وشبهت “الإخوان” الرئيس التونسي بـ”الفاروق”، فيما سبق، ليُصبح في هجومهم الحالي رمزًا لـ”الثورة المُضادة”.
وبحسب موقع قناة العربية الإخبارية السعوديّ، فإن صراع “الإخوان” و”الرئيس”، سببه مواقف “الأخير” المناهضة للجماعة.

هجوم الجزيرة القطرية.. والثورة المضادة

اتفق مذيعو قناة الجزيرة القطرية، وشخصيات إخوانية على شنّ هجوم على الرئيس التونسيّ قيّس سعيد، على حساباتهم الرسميّة بموقع “تويتر” إثر الخلافات المتصاعدة بين “الأخير” وحركة النهضة .
وتصاعدت الحملة في اليومين الماضيين، بعد تكليف “سعيد”، وزير الداخلية، بتشكيل الحكومة الجديدة.

والثورة المضادة مصطلح يصف به المحسوبون على جماعة الإخوان، كل من لا يدور في فلكهم، ولا تتناسب رؤاه مع نظرياتهم في الحكم.

حصان طروادة لتدمير الديمقراطية

وتساءل الكاتب الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، الذي يصف نفسه على “تويتر” بأنه إسلاميّ بأفق إنسانيّ، هل سيكون قيّس سعيد حصان طروادة، لتدمير ديمقراطية تونس من الداخل؟، وهل سيسمح الشعب التونسي له بذلك؟، وهل الجيش التونسي الذي انحاز إلى الديمقراطية منذ بداية الثورة سيقبل بذبحها اليوم؟.. الأسابيع القادمة ستكشف دوافع الرجل وغاياته.

تساءل إخواني: هل قيّس سعيد حصان طروادة لهدم الديمقراطية؟

“الوفاق” و”إخوان تونس” إيد واحدة

شنّ حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا، هجومًا حادًا على الرئيس التونسي، متهمًا إياه بـ”الجهل” بالأزمة الليبية، ردًا على انتقادات وجهها الرئيس إلى حكومة الوفاق في طرابلس، قال فيها إن شرعيتها مؤقتة.

وقال رئيس حزب العدالة والبناء والقيادي الإخواني محمد صوان، في تدوينة نشرت في الصفحة الرسمية للجماعة على موقع “فيسبوك”، إنه من الواضح جدًا افتقاد الرئيس التونسي إلى الحد الأدنى من المعرفة بالأزمة السياسية في ليبيا، وتركيبة شعبها.

فوضى برلمانية

يواجه البرلمان التونسي، خطورة الانزلاق نحو مربع العنف، إثر الخلافات والمناوشات بين الكتل السياسية في البرلمان من ناحية، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، من ناحية أخرى.
حذرت الكتلة الديمقراطية في البرلمان، من خطورة الانزلاق نحو العنف، إثر مناوشات كتلتي “الدستوري الحر”، و”الكرامة”، مسؤولية تعطيل البرلمان.

الديمقراطية وقعت في فخ “النهضة”

حالة من الفوضى شهدها البرلمان التونسي، بسبب اعتداء نواب من حركة النهضة على النواب المعتصمين من كتلة الحزب الدستوري الحر.
وبعد اعتلاء رئيسة “الحزب الدستوري”، عبير موسي، مكان رئاسة الجلسة، نقل رئيس البرلمان أشغال الجلسة العامة إلى المقر الفرعي، وهو ما اعتبر تزويرًا ومزيدًا من ترذيل البرلمان، وسط مخاوف من تعطل المسار الحكومي، وسط أزمة سياسية متصاعدة.
وقالت عبير موسى، في تصريحات صحفية، إن “استمرار راشد الغنوشي على رأس البرلمان خطر على تونس”، مؤكدة أن برلمان تونس أصبح حاضنة للإرهاب.
وأكدت أن “الإخوان يستحقون الميدالية الذهبية في الكذب، وهو مرفوض في الإسلام جملةً وتفصيلاً”، مستشهدة بالعديد من المواقف.

راشد الغنوشي

احتفظ رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، بمنصبه بعد فشل جلسة حجب الثقة في تأمين العدد المطلوب من الأصوات .
وشارك 133 عضوًا في البرلمان في التصويت.
وقال النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق فتيتي، في جلسة عامة إن 97 نائبًا صوتوا ضد “الغنوشي”، و16 صوتًا لصالحه، وأٌلغي 18 صوتًا.
بموجب الدستور التونسي، يتطلب اعتماد اقتراح سحب الثقة من رئيس البرلمان، أغلبية مطلقة تبلغ 109 أصوات من أصل 217.

درس الديمقراطية الذي لم ينساها “راشد”

انتُخب راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس، رئيسًا للبرلمان بـ 123 صوتًا من أصل 217، بعد دعم حركة “قلب تونس” له.
وهذه أول مرة لتولي “الغنوشي” منصبًّا رسميًّا، منذ عودته إلى تونس من منفاه الذي استمر لأكثر من عقدين.
ومع تواصل الجدل بشأن أداء “الغنوشي” داخل المجلس، يعلق الكثيرون بأن زعيم النهضة لم يربح معركة تجديد الثقة به سياسيًا ولا حسابيًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار الـ18 ورقة المُلغاة، حيث لا يمكنه أيضًا جمع 109 صوت لدعمه، لذلك تتجه جهود حركة النهضة في الآونة الأخيرة، للبحث عن خروج بأقل الأضرار لـ”الغنوشي”.

سيناريوهات مخيفة

وتقول صحيفة “آراب نيوز” البريطانية، أن انتصار “الغنوشي” الضيق، في جلسة سحب الثقة، سيؤدي إلى معارضة شديدة في البرلمان من الأحزاب التي صوتت ضده، مما يعقد جهود الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
ويأتي التصويت بعد أسبوعين من انهيار الحكومة التونسية، بعد أقل من 5 أشهر من ولايتها بعد مزاعم فساد ضد رئيس الوزراء، وهو ما نفاه.
وينتج كل من الثقة في “الغنوشي” وانهيار الحكومة قصيرة العمر عن انتخابات العام الماضي التي أسفرت عن برلمان مجزأ للغاية فاز فيه حزب النهضة، بصفته أكبر حزب، بربع المقاعد فقط.

بريق الزعامة

وتعلق صحيفة وول ستريت جورنال، أنه على رغم من نجاة رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي من سحب الثقة بشق الأنفس، وتمكنه من الاحتفاظ بمنصبه كرئيس لمجلس النواب بصعوبة، إلا أنه خسر بريق الزعامة وصورة الرجل القوي، داخل الساحة السياسية التونسية.
يشار إلى أن نواب حركة النهضة وائتلاف الكرامة قاطعو التصويت، رغم حضور عدد منهم الجلسة التي سجلت استفزازات من كتلة ائتلاف الكرامة الموالية لحركة النهضة، اعتبرها رئيس الجلسة محاولة لإفشالها.

ضربتان في الرأس

ويقول مراقبون للوضع، تعتبر جلسة التصويت على عريضة سحب الثقة من الغنوشي درسًا في الديمقراطية، وهي المرة الأولى التي يواجه فيها رئيس برلمان طلبًا للتنحي عبر التصويت، وفي جلسة عامة مفتوحة أمام الإعلام والرأي العام.
ويقول النائب عن حركة الشعب حاتم بوبكري في تصريح صحفية، “إن العريضة حققت أهدافها وهي التعبير عن عدم الرضا عن أداء الغنوشي، وإدارته للمجلس، والتصويت بأكثر من 90 نائبًا ضده دليل على عمق الأزمة التي يعاني منها الغنوشي داخل البرلمان.”

يضيف “البوبكري” أن على حزب النهضة المبادرة بحل هذا الإشكال، وإلا سيتواصل تعطيل عمل المجلس ومن وراءه تعطيل الدولة.
من جهته، رأى المحلل السياسي جمال العرفاوي، أن ما حدث في جلسة البرلمان أضعف “الغنوشي” داخل حزبه، ومحليًا، ودوليًا، وأن عدم مرور العريضة كان متوقعًا بالنظر إلى الاتفاق الحاصل في الساعات الأخيرة قبل الجلسة بين حزب “قلب تونس”، وحركة النهضة.
ويشير “العرفاوي” إلى أن الكتل التي تقدمت بطلب سحب الثقة التزمت وفق ما تشير به الأرقام، غير أن تغيب نواب “قلب تونس” عن التصويت، حسم النتائج لصالح “الغنوشي”.
وتحدث العرفاوي عن أخبار بخصوص حصول تفاهمات بين الحزبين تقضي بإبعاد “الغنوشي” عن رئاسة المجلس في الدورة النيابية المقبلة لفائدة “قلب تونس”، وإبعاد الحبيب خذر، رئيس ديوانه، المثير للجدل.