مئات المنازل دمرت، وشُرد آلاف الأشخاص، في ولاية النيل الأزرق بجنوب شرق السودان، بفعل الانهيار المفاجئ الذي تعرض له سد بوط السوداني، عقب سقوط أمطار غزيرة في الولاية، وقُدرت الخسائر الأولية لانهيار السد بفقد 5 مليون متر مكعب من المياه، وانهيار حوالي 600 منزل.

تصاعدت وتيرة الأحداث والخسائر ليصل إجمالي المنازل التي انهارت بفعل الأمطار والسيول إلى 1200 منزل، وفيضانات في قرية الشيخ مصطفى الفادني شرق النيل، لتصل السيول إلى شوارع الخرطوم، وكذا شمال دارفور، وفقًا لما أعلنته جمعية الهلال الأحمر السودانية.

فيضانات سنوية

وزارة الري السودانية، أكدت أن السودان فقدت 5 مليون متر مكعب من المياه، وأنها تتأثر بفيضانات عدة بدءً من شهر يونيو وحتى شهر أكتوبر.

تهاني محمد الأمين، إعلامية سودانية، تقول إن المناطق القريبة من السد تأثرت بشكل كبير بسبب انهيار السد، وتشردت العائلات في الشوارع، ولا يجد أي منهم ملجأ بعد الخراب الذي حل بهم، خاصًة أهالي قرية الشيخ مصطفى الفادني محلية شرق النيل بولاية الخرطوم.

وتوضح “تهاني”، أن والي الخرطوم أيمن خالد نمر، تفقد مناطق شرق النيل التي تأثرت، ووجه بالشروع فورًا في إجراء معالجات هندسية سريعة لتصريف المياه، وتم إرسال مواد غذائية للأسر المتأثرة والبدء في إجلاء المواطنين الذين حاصرتهم السيول وترحيلهم الى مناطق آمنة.

مؤامرة خارجية

أعلنت بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، أن انهيار السد كان مخطط له، وأن سد النهضة هو السبب في الأزمة التي تمر بها السودان حاليًا.

الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية، يوضح أن السعة التخزينية لسد بوط صغيرة، تبلغ 5 مليون متر مكعب من الماء، لأنه من السدود الداخلية، التي يتم بنائها لتوفير احتياجات السكان عن طريق تخزين مياه الأمطار.

ويضيف رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية، أن انهيار السد لا علاقة له بسد النهضة، لأنه يصب مائه في النيل الأزرق، لكن السبب هو موسم الأمطار في السودان والذي كان شديدًا هذا العام.

ويؤكد شراقي، أن المنطقة الجبلية المحيطة بالسد وما حدث بها من سيول وانهيارات كانت السبب في انهيار السد، لعدم قدرته على تحمل أكثر من 5 مليون متر مكعب من الماء.

خسائر متتالية

تسبب انهيار سد بوط في خسارة 5 مليون متر مكعب من المياه، بالإضافة إلى نقص حصة مياه السودان هذا العام وفقًا لما أعلنته الجهات الرسمية قبل ذلك بانخفاض مستوى المياه في عدة أماكن.

الخبير المائي، الدكتور ضياء القوصي، يقول إن السد يمثل للمنطقة المحيطة به عصب الحياة، ويعيش فيها عدد كبير من الأسر، كما تضم سوقًا كبيرًا وأكثر من 9 مدارس للتعليم الأساسي، وهي ملاذ أمن للنازحين.

ويؤكد الخبير المائي، أن السودان ستتضرر اقتصاديًا بفعل انهيار السد، وبسبب خسارتها لـ2.5 مليار متر مكعب من المياه، بعد بدء إثيوبيا في ملء سد النهضة، وخسارة 5 مليون متر مكعب من سد بوط الذي انهار مؤخرًا.

ويضيف القوصي، أن انهيار السد يعني تدفق الأمطار والسيول للمنازل، خاصًة مع توقع الخبراء بزيادة كمية الأمطار هذا العام، ما يعني دمار أكبر لعدد من المناطق والمنازل، وتعرض عدد كبير لأزمات المياه، لاعتمادهم عليه في الشرب.

عبد الكبير آدم، أحد أبرز الخبراء السودانيين المتخصصين في السدود، يقول إن هذه الحوادث تتكرر بشكل شبه سنوي في السودان ودائمًا ما ترتبط بمعدلات هطول الأمطار في الهضبة الأثيوبية، لكنها تشير إلى وجود مشكلة دائمة قد ترتبط سلبا أو إيجابا بمستقبل تأثيرات سد النهضة على السودان.

ويضيف آدم: “ومن أجل تقليص التبعات السالبة وتعظيم الفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان من السد يجب التوصل لاتفاق ملزم بشأن تشغيل سد النهضة، بالإضافة إلى الاهتمام بمسألة التخطيط الاستراتيجي المتعلق بتحقيق الموازنة اللازمة للاستفادة من التدفقات الزائدة للمياه عبر إقامة سدود ومحطات لحصاد مياه الأمطار”، حسب تصريحاته لصحيفة “الراكوبة” السودانية.

https://www.youtube.com/watch?v=An2U8LEAOi4

خبير استراتيجيات المياه، سامي محمد أحمد، يؤكد على ضرورة التوصل لاتفاق تشغيل ملزم، مع الإشارة إلى عدم وجود رابط بين عملية الملء الأولي لسد النهضة والسيول التي غمرت بعض القرى السكنية القريبة من الحدود، نظرًا لأنه بعد اكتمال مرحلة الملء الكلي سيقضي على الفيضانات ويقلل من احتمالات السيول، لحجزه كميات المياه الزائدة.

ويوضح كد خبير استراتيجيات المياه، أن السبب الرئيسي في تكرار ظاهرة الفيضانات السنوية هو كون السدود الداخلية في السودان ثانوية ليست لديها القدرة على حجز كميات أكبر من المياه، وذلك على عكس السدود القرنية مثل السد العالي في مصر أو سد النهضة في أثيوبيا.